جهود إماراتية رائدة مبادرات الدولة تخطت الحدود في محو الأمية
مبادرات الدولة تخطت الحدود
باتت الأمية شبه معدومة في دولة الإمارات، التي حققت قفزات كبيرة في سبيل محوها، وأصبحت تحتل مرتبة متقدمة على المستوى العالمي في مجال التعليم، فهي لا تدّخر جهداً ولا توفر وسيلة في سبيل تنوير المجتمع ونهضته وتطوره، عبر استراتيجية راسخة ورؤية عميقة انتهجتها القيادة الرشيدة، لإتاحة التعلّم لكل أفراد المجتمع، وفقاً لأحدث البرامج والطرق، ليس داخل الدولة فحسب، بل حتى في دول عدة عربية وأجنبية.
فالقدرة على القراءة والكتابة، تعدُّ حقاً أساسياً من حقوق الإنسان، وأمراً ضرورياً لتآلف المجتمعات وتثقيف الناس، ورفع مستويات الرخاء، في ظل المعرفة الإنسانية المترامية الأطراف، التي تسهم في بناء السلام. وفي الإمارات، تتعدد نماذج محو الأمية خاصة في أوساط كبار السن، والذين شغلتهم الدنيا، وبعضهم تجاوز الستين من العمر، لكن الإصرار كان دافعهم في الالتحاق بالمؤسسات المعنية بمحو الأمية، فضلاً عن الدور البنّاء لبعض الجهات الحكومية في الإسهام بعملية محو أمية منتسبيها.
وفي الإمارات، تشير الأرقام الرسمية إلى أن معدل الأمية يقل بكثير عن 1%، ما يمثل إنجازاً رائعاً لم يكن ليتحقق لولا الاهتمام المطلق بالتعليم من قبل قادة الدولة، ومن الأمثلة الرائعة على الاهتمام الكبير لقادتنا بموضوع محو الأمية، إعلان حكومتنا بأن 2016 هو عام القراءة، كما خصصت شهر مارس من كل عام ليكون شهراً للقراءة، حيث عملت العديد من المؤسسات التعليمية والإنسانية في الإمارات من دون كلل لخفض معدل الأمية، بتطوير مهارات القراءة والكتابة في جميع أنحاء المنطقة والعالم، من خلال بناء وترميم وتجهيز وتأثيث المدارس وتدريب المعلمين وفقاً لأحدث المواصفات العالمية.
وانطلاقاً من إدراك القيادة الحكيمة لدولة الإمارات، للدور المؤثر للتعليم في تقدم الشعوب وتطور الأمم ونهضتها، وضعت مسألة القضاء على الأمية ونشر التعليم وتعميمه على كافة فئات وأفراد المجتمع، على رأس أولوياتها، ورصدت لها ميزانيات ضخمة، ولعل من أهم جهود الدولة في محو الأمية إصدارها قانون إلزامية التعليم رقم ) 11 ( في عام 1972 ، الذي يلزم الوالدين أو الوصي القانوني بإرسال الأبناء إلى المدرسة.
تعليم المرأة
ولا يمكن الحديث عن نهضة الإمارات في مجال التعليم ومحو الأمية دون الاستشهاد بدور المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، حيث كان، طيّب الله ثراه، يولي اهتماماً كبيراً بالتعليم وإلزاميته وإتاحته مجاناً لكل أفراد المجتمع، إضافة إلى دعم حق المرأة بالتعلم، وإرسال البعثات الدراسية إلى أفضل الجامعات العالمية، إلى أن توّج مشروع التعليم بتأسيس جامعة الإمارات بالعين أولى جامعات الدولة في 1977 ، التي خرّجت نخبة كبيرة من الأكاديميين، فيما كان يتوجه بعض الطلبة إلى مصر والكويت والدول التي أنشأت جامعات في وقت مبكر.
رؤية القيادة الإماراتية نحو
محو الأمية لا تقتصر على
من يعيش في الإمارات،
بل أطلقت مبادرات كثيرة
تستهدف نشر التعليم في
البلدان الفقيرة حول العالم
لقد واظبت مؤسسات الدولة جهودها، وأوصلت الليل بالنهار، لإنشاء المدارس والمؤسسات التعليمية، على مختلف المستويات، في جميع المناطق والمدن، وبدأت عجلة التنمية البشرية في الدوران إلى يومنا هذا. وفي عام 2012 ، أقر مجلس الوزراء برئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، قانوناً اتحادياً جديداً بشأن إلزامية التعليم، ليحل محل القانون السابق، ليتم بموجبه تعديل المراحل التعليمية التي تشملها إلزامية التعليم وسن الإلزام، ويكون إلزامياً لكل فرد من المجتمع بلغ 6 سنوات، ويظل الإلزام سارياً حتى نهاية التعليم أو بلوغ سن ال 18 أيهما أسبق، ولتشمل إلزامية التعليم جميع المراحل الدراسية حتى الثانوية.
ووضعت الجهات المعنية في الدولة، إجراءات تنفيذية تضمن تطبيق القانون وعدم الإخلال بمواده، التي تنص على أن التعليم حق شرعي مجاني لكل مواطن على أرض الإمارات. كما تم تعديل قانون إلزامية التعليم في عام 2014 ، فنص وفقاً للمادة 14 ، على توقيع تعهد للمدرسة يفيد بمعرفة أولياء الأمور بقانون إلزامية التعليم، وضرورة التزامهم بتعليم أبنائهم في جميع المراحل الدراسية.
لا يمكن تجاهل الجهود العظيمة التي بذلتها «أم الإمارات » سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية بشأن تعليم المرأة وتمكينها في المجتمع، حيث حرصت سموها على تحفيز وتشجيع المرأة على التعليم، ووفّرت لها جميع الإمكانات التي تضمن لها مشاركة فاعلة في تنمية المجتمع وتطويره إلى جانب أخيها الرجل، ولا سيما إطلاق «أم الإمارات » استراتيجية محو الأمية وتعليم المرأة في دولة الإمارات في عام 1975 ، وإعلان 1988 عاماً لمحو أمية المرأة، فبنت جيلاً مثقفاً وناضجاً، شهد به القاصي والداني، وذاع صيتها عالمياً.
من التعليم إلى الابتكار
لقد اتخذت الإمارات، منذ تأسيسها نهجاً داعماً للتعليم، واستراتيجية تحفز عليه، حيث أدرك مؤسس الدولة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، أن التعليم أساس تقدم المجتمعات والبنية التحتية التي تستند إليها كل القطاعات الحياتية الأخرى، بهدف الارتقاء بالمجتمع والوصول به لمصافّ الدول المتقدمة عالمياً.
لقد اتخذت الإمارات، منذ
تأسيسها نهجاً داعماً للتعليم،
واستراتيجية تحفز عليه.
إن تمكين الإنسان يأتي على رأس أولويات الحكومة، ويظهر ذلك جلياً في مسيرة التعليم العالي، فبعد تأسيس جامعة الإمارات، أصبحت الدولة تضم عشرات الجامعات بمعايير عالمية راقية، تتوزع على مختلف إمارات الدولة، وهدفها الأوحد تخريج أكاديميين مؤهلين في مختلف المجالات الأكاديمية لصنع مستقبل باهر لمجتمع الإمارات، فضلاً عن ابتعاث الآلاف من أبناء الوطن للدراسة في أرقى الجامعات العالمية.
تؤكد استراتيجية الإمارات في مجال محو الأمية والتعليم نهضة دولتنا الرائدة، لما تمتع به مؤسسها المغفور له الشيخ زايد من أفق واسع شجّع على الاستثمار في الإنسان بقوله: «إنّ الرجال هم من يصنعون المصانع وليست المصانع من تصنع الرجال »، وأكدها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بقوله: «التعليم ثم التعليم ثم التعليم »، وذلك انطلاقاً من أهمية التعليم في بناء المجتمع وتقدمه. وأيضاً صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بقوله: «بالتعليم سنحتفل بعد خمسين عاماً بتصدير آخر برميل بترول »، على اعتبار أن التعليم سيقود الإمارات إلى مرتبة الدول المتقدمة بالعالم، بتحقيقها التنوع الاقتصادي.
إن اهتمام الإمارات بالتعليم يعود إلى بدايات الاتحاد، حيث كان الطلاب يذهبون آنذاك في الصباح إلى المدرسة، وفي المساء إلى مراكز تحفيظ القرآن، فيما كان لكبار السن مدارس أنشأتها الدولة، وفي فترات لاحقة تم إنشاء ما كانت تسمّى منازل التعليم للطلبة الذين لم يستطيعوا إكمال تعليمهم، فالتحق الآلاف من أبناء الوطن بمراكز محو الأمية، وتعلّموا القراءة والكتابة وحصلوا على أعلى الشهادات.
إنّ أجيال الاتحاد وجدت في التعليم قوة الرجال، تلك القوة التي انعكست من شخصية الشيخ زايد مؤسس الإمارات وباني نهضتها، الذي زار وتفقد المدارس في جميع أنحاء الدولة واطلع على احتياجاتها، وسارت قيادتنا الرشيدة على نهجه، إلى أن شهدت الإمارات ارتفاعاً في مستوى التعليم، ودخول عصر الفضاء.
نجحت الإمارات، بفضل رؤية
قادتها، في التأسيس لمجتمع
متعلم مثقف، بتنفيذ العديد
من المبادرات التي تركز على
بناء الإنسان معرفياً وثقافياً
إن إنجازات الإمارات في نشر التعليم تتجاوز حدود الدولة، فرؤية قيادتنا نحو محو الأمية لا تقتصر على من يعيش في الإمارات، بل هناك مبادرات كثيرة تستهدف نشر التعليم في البلدان الفقيرة حول العالم، وتعليم طلابها ولاجئيها بأفضل السبل، وهذا ليس غريباً على الإمارات التي تسير على نهج زايد، في ظل الأثر التراكمي الذي تركته الكوارث والأزمات على مستويات معرفة القراءة والكتابة والحساب، وخاصة لشعوب اليمن وسوريا وفلسطين وأفغانستان وباكستان وغيرها الكثير من الدول، بتقديم مستلزمات ضرورية للأطفال من المواد التعليمية والبرامج الاجتماعية، فضلاً عن بناء المدارس وتجهيزها، ودعم قدرات أعضاء هيئة التدريس.
تحدي الأمية
ترنو المبادرات العالمية العديدة التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، إلى محو الأمية في دول العالم النامي، ببناء آلاف المدارس والمؤسسات التعليمية، وتعليم ملايين الطلبة المحرومين من مقاعد الدراسة. وتستهدف مبادرة «تحدي الأمية »، التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، خلال الدورة الرابعة لقمة المعرفة، في عام 2017 ، ثلاثين مليون عربي حتى العام 2030 ، بالتعاون بين مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونيسكو »، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، حيث بارك سموه المبادرة وتمنى لها تحقيق أهدافها في توفير مقومات التعليم لهذا العدد الكبير من الشباب العربي والأطفال على مساحة الوطن العربي الكبير، كوسيلة لتعويضهم ما فقدوه من فرص التعليم النظامي، ومكافحة آفة الأمية التي تثقل كاهل المنطقة.
تستهدف مبادرة محو الأمية 30
مليون عربي حتى عام 2030
إن الإمارات بفضل جهود قيادتها الرشيدة في الاهتمام بالعلم قطعت شوطاً كبيراً في عملية إعادة تأهيل الكثير من أبناء الوطن معرفياً، في ضوء النقلة العلمية والحضارية التي تعيشها الدولة حالياً، ما أسهم في انتشار مراكز تعليم الكبار، ثم العمل الجاد للعديد من الجمعيات، التي أشركت الأسر في منظومة محو الأمية.
وانطلاقاً من مقولة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه: «إن بناء الإنسان في المرحلة المقبلة ضرورة وطنية وقومية »، تتوالى الجهود لخفض نسبة الأمية في المجتمع الإماراتي والعالم العربي، بما يشير إلى أن القادم سيحمل الكثير من الخير، خصوصاً أن معيار تقدم الأمم وتفوقها هو العلم الذي لا يقتصر على الصغير وحده، لكنه حق أصيل لكل من يرغب في أن يبدد عتمة الجهل، ويستنير بالعلم ويتعرَّف محيطه بصورة أشمل وأكثر واقعية.
نجحت الإمارات، بفضل رؤية قادتها في التأسيس لمجتمع متعلم مثقف، بتنفيذ العديد من المبادرات التي تركِّز على بناء الإنسان معرفياً وثقافياً، وترتكز على تنمية العقل البشري، وتعزيز علاقة الفرد بالكتاب والثقافة، وتمكين عادة القراءة بين أفراد المجتمع الإماراتي، وبناء جيل قارئ ومثقف، حتى نالت إشادة «اليونسكو » بجهودها لتحقيقها أهداف التعليم الستة التي أقرتها دول العالم في مؤتمر داكار عام 2000 .