محمد يسري حنة: أنشأنا فصول محو الأمية في الحقول الزراعية
أعرب عن فخره بتكريمهم من مؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة
دأبت مؤسَّسة «فودافون مصر » لتنمية المجتمع على العمل من أجل الإنسان في مصر، آخذة باعتبارها أنه العنصر الأول والأهم في الحديث عن أي تنمية مستدامة للمجتمع. وبعد أن ألقت نظرة فاحصة على النسبة العالية للأمية بين الشباب المصري، عقدت العزم المدعم بكل الإمكانات اللازمة للتصدي لهذا الوباء العالمي الذي استفحل أكثر في المجتمعات العربية.
كانت مسيرة حافلة بالصعوبات، إلا أنَّ النتائج الباهرة والمثمرة تنسي كلَّ المتاعب التي تواجه أيَّ مشروع تنموي يعود بالنفع على العباد والباد. وقد كان المهندس محمد يسري حنة، رئيس مجلس أمناء مؤسَّسة «فودافون مصر » لتنمية المجتمع، على رأس أولئك الذين وضعوا الهدف نصب أعينهم، وواصلوا المشروع تلو الآخر، لينتهي به المطاف ممثاً لتلك المؤسَّسة المصرية العريقة على منصة التكريم في «ملتقى تحدي الأمية » الذي نظَّمته مؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة.
مؤسَّسة فودافون مصر لتنمية المجتمع من هذه المؤسَّسات الرائدة، فقد استطاعت محو أمية 419 ألف شخص في محافظات مصر، وهذا نجاح يستحق التقدير، وهو ما دفعنا إلى لقاء المهندس محمد يسري حنة، لتسليط الضوء على هذا الصرح التنموي الرائد، الذي نجح في التصدي للأمية في مصر، وإعداد الخطط والمشروعات التي آتت ثمارها في هذا المجال. حيث أكَّد أنهم عملوا في مبادراتهم لمحو الأمية على تعزيز التعلم لفئات الكبار، حتى إنهم أنشؤوا فصولاً دراسية في المساجد والكنائس والمنازل، وحتى في الحقول الزراعية.
العلم قوة
بداية تحدَّث السيد المهندس محمد يسري حنة عن خلفية وتاريخ برنامج محو الأمية الذي أنجزته مؤسَّسة فودافون مصر لتنمية المجتمع، والذي بدأ بمبادرة أطلق عليها «العلم قوة ». ففي عام 2011 ، وفي ظل تفشّي ظاهرة الأمية كان من الضروري أن تسهم المؤسَّسة ومثيلاتها من مؤسَّسات العمل الاجتماعي بدور فعّال لتحقيق اختراق في جدار الأمية التي تعوق التحوُّل الإيجابي المرجو.
التعاون المشترك بين الجهات
والمتطوعين كان له كبير الأثر
في نجاح مبادرات «مؤسسة
فوادفون »
ومن هذا المنطلق أطلقت المؤسَّسة مبادرة وطنية تحت شعار «العلم قوة » لمساندة الجهود القائمة في مجال محو الأمية وتحقيق نموذج نجاح عملي تحتذي به مؤسَّسات أخرى في هذا المجال.
بداية مبشرة
لا يمكن لأي مشروع أن يبصر النور إلا بالتأسيس الصحيح المبني على الأسس السليمة، ومن هذا المنطلق يوضح المهندس محمد حنة أنَّ المبادرة بدأت باختبار مدى قدرة الموارد المتاحة من موارد بشرية وقدرات على تنفيذ الأهداف المرجوة واستكشاف الصعوبات والعوائق على الواقع العملي. ويقول في هذا الشأن: «قمنا بإطاق مرحلة تجريبية أولى بدعم مادي وفني كامل من مؤسَّسة فودافون لتنمية المجتمع لمؤسَّسة صُنّاع الحياة، وبالتعاون مع الهيئة العامة لتعليم الكبار وبالاعتماد على الشباب المتطوعين. وبدراسة النتائج والمتطلبات ودروس ومشكلات التطبيق العملي، قمنا بإطاق المرحلة الثانية، وفيها استطعنا الاعتماد على أكثر من ثمانية آلاف من المتطوعين وتمكَّنا من محو أمية مئة وعشرة آلاف من الأميين، وكان هذا النجاح ثمرة التعاون بين مؤسستنا ومؤسسة صُنّاع الحياة والهيئة العامة لتعليم الكبار وقد حقَّق هذه النتائج من خلال:
- - دخول 124,473 أمياً فصول محو الأمية.
- - إكمال 119,243 أمياً للدراسة ونجاحهم في الامتحان الداخلي المماثل لامتحان الهيئة.
- - حصول 37,000 أمي على الشهادة الرسمية لتمكُّنهم من الالتحاق بالامتحان الرسمي.
- - التحاق أكثر من 20,000 متطوع بالمبادرة.
- - فتح 8073 فصلاً لمحو الأمية.
توسيع النشاط
يوضح المهندس محمد يسري حنة، أنه بعد هذه البداية المبشرة، وفي عام 2013 ، تمَّ البدء بفصل جديد من المبادرة بالشراكة مع الهيئة الإنجيلية القبطية، وهي واحدة من أنشط وأنجح مؤسَّسات العمل الاجتماعي في مصر في مجال محو الأمية، ولها حضور قوي في منطقه صعيد مصر. ومن خلال هذه الشراكة، تمكَّنت المؤسَّسة من الوصول إلى ما يقرب من 40,000 مستفيد من المبادرة، تمَّ محو أميتهم بدعم كامل من «فودافون مصر لتنمية المجتمع».
وبناء على النجاح في المراحل التجريبية مع مؤسسة صُنّاع الحياة وقدرتها على تحريك طاقات المتطوعين من الشباب، قامت المؤسَّسة بتمويل مرحلة جديدة تمَّ فيها محو أمية 60,000 أمي بالاعتماد على جهود 7,000 متطوع كميسرين ومنسقين للتنفيذ.
شراكات فعالة
يظهر في حديثنا إلى المهندس محمد حنة، اللون المشرق لتلاحم الجهود وتشابك الأيدي بين عدد من المؤسَّسات والشركات والهيئات، التي نجحت «فودافون مصر لتنمية المجتمع » في استثمارها لأداء رسالتها والخروج بتلك النتائج الباهرة على صعيد جمهورية مصر العربية. وفي هذا الشأن، يبين أنه وبناءً على النجاحات المحقَّقة في عامي 2013 و 2014 مع الشركاء الرئيسين الثلاثة في تحريك طاقات المجتمع المدني بمشاركة الهيئات الحكومية، تمَّ فتح فصول محو الأمية في المساجد والكنائس والمنازل والمدارس، وحتى في الحقول الزراعية المفتوحة. وفي سبيل تعزيز تلك الجهود تمَّ الانتقال إلى شراكة جديدة مع وزارة الشباب والرياضة تحت مسمّى «المصريون يتعلمون » لإتاحة ما يقرب من أربعه آلاف مركز شباب على مستوى جميع المحافظات لفتح فصول محو الأمية وإطاق حملة ترويجية لهذا المشروع خلال عامي 2015 و 2016 لمحو أمية 100 ألف مصري ومصرية. بعد ذلك استمر التعاون مع الشركاء سنوياً لاستهداف عدد أكبر من المستفيدين من محو الأمية وتزويدهم بالمهارات والأدوات اللازمة لبناء مستقبل أفضل لهم ولأسرهم.
تطويع التكنولوجيا
أما فيما يتعلق باستثمار التكنولوجيا في مبادرات المؤسَّسة تجاه تحقيق أهدافها في هذا الصدد، فأوضح المهندس محمد حنة أنَّ المؤسَّسة لم تغفل تطويع التكنولوجيا الحديثة من أجل نجاح تلك المبادرة الكبرى، لذلك فإنهم عملوا على تطوير تطبيق على الهاتف النقال يعمل حتى على الهواتف البسيطة ليساعد الدارسين على الاحتفاظ بما تعلموه، كما أنه يساعد المدرسين على استعماله كأداة جديدة وجذّابة في تدريس الأميين.
وفي عام 2013 قامت مؤسَّسة فودافون مصر لتنمية المجتمع بتوقيع بروتوكول تعاون مع الهيئة العامة لتعليم الكبار لاعتماد التطبيق كمنهج رسمي لمحو الأمية، وهو ما تمَّ فعاً بعد مراجعته وتعديله من أجل الاعتماد النهائي كي يكون أول تطبيق معتمد لمحو الأمية.
مبادرة الإمارات الرائدة
أعرب المهندس محمد يسري حنة، رئيس مجلس أمناء مؤسَّسة «فودافون مصر » لتنمية المجتمع عن بالغ سعادته بالتكريم الذي حازته المؤسَّسة في دولة الإمارات العربية المتحدة، التي انطلقت منها المبادرة الرائدة المتمثلة في تحدي الأمية، ولا سيما أنَّ هذا التكريم الرائع جاء تتويجاً لجهود مؤسَّستهم ومفاجأة سارة جداً أسعدت القائمين على مبادرات محو الأمية التي تضطلع بها المؤسَّسة. وقال: لقد جاء التكريم من مؤسَّسة لها تقديرها الكبير وجهودها العظيمة في الوطن العربي، ويكفينا فخراً أنها برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، كما أنه لما يدعو للسرور تسلّمنا الجائزة بحضور كريم من سمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس المؤسسة.
تجاوز الصعوبات
أوضح المهندس محمد حنة أنَّ مشروع محو الأمية غطى عدداً من المحافظات في مصر وأغلبها كان في مناطق الصعيد. وقد تمَّ اختيار المحافظات بالاعتماد على دراسات تحدد نسبة الأمية ونسبة الفقر ونوع الأميين في كل محافظة. وقد كان التركيز على المحافظات صاحبة المعدلات الأعلى في الأمية والفقر كما كانت الأولوية لتعليم الإناث، حيث كانت نسبة الأمية عالية بينهن.
أما الصعوبات والتحديات فهو السؤال الطبيعي الذي يوجه لمؤسَّسة عكفت على إنجاز مشروع بحجم ما أنجزته مؤسَّسة فودافون مصر لتنمية المجتمع، وقد أجاب السيد محمد حنة عن ذلك بتأكيده أنَّ الواقع كان صعباً، ليس لنقص في الإمكانات أو المتطوعين، بل للعوائق الموجودة على الأرض، مثل الحاجة إلى تحفيز الأميين على الاستمرار حتى نهاية البرنامج، وعدم قدرة بعض الأميين، ولاسيما الإناث في قرى الصعيد، على التنقل للدروس أو الاختبار النهائي، فضاً عن صعوبة التنسيق مع الجهات الحكومية، إضافة إلى عامل الفقر الذي يدفع الأميين للتركيز على كسب قوت يومهم مما يسبب عدم الانتظام في البرنامج.
أنتجت «فوادفون » تطبيقاً إلكتروني لمحو الأمية تمَّ
اعتماده رسمياً في مناهج
تعليم الكبار
الارتداد للأمية
بالاستفسار من السيد محمد حنة عن المدة الزمنية التي استغرقتها المؤسَّسة في محو أمية مثل هذا العدد الضخم، الذي يعدُّ إنجازاً عملاقاً في هذا المجال، وكيف استطاعوا أن يضمنوا عدم ارتداد الأمية إلى من تمت محو أميتهم خاصة بعد تخرجهم في فصول محو الأمية وتوقفهم تعليمياً عند هذا المستوى فقط؟ أفاد بأنَّ المشروع استمر لمدة ثاث سنوات، وقد روعي فيه أن يتضمن التعلم تدريباً حرفياً في أغلب الأحوال لمساعدة الدارسين على تحسين دخولهم والإحساس بفائدة البرنامج على الصعيد المادي أيضاً.
مستقبل المبادرة
أفاد المهندس محمد حنة، أنَّ المؤسَّسة، كمؤسسة تنموية، تسعى في المستقبل إلى عدد من الأهداف:
أولاً: تحقيق اختراق في محو الأمية، وقد تحقَّق بفضل الله وبفضل تعاون الجهات المشاركة.
ثانياً: تقديم نموذج ناجح تحتذي به مؤسَّسات العمل المدني، وقد تحقَّق والحمد لله، وتوِّج بتقدير مؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة الذي نفخر به.
ثالثاً: تنمية وتدريب مؤسَّسات العمل المدني التي نتعاون معها على إدارة المشروعات والحوكمة وقد تحقَّق ذلك بالفعل.
إضاءة
يتمتع المهندس محمد يسري حنة بخبرة تزيد على 30 عاماً في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. وهو يركِّز دائماً في نشاطاته على تعزيز دور التنمية المستدامة والمسؤولية المجتمعية للشركات، وقد أولت مؤسَّسة «فودافون مصر » لتنمية المجتمع خلال رئاسته اهتماماً كبيراً بالتعليم، إضافة إلى دعم ذوي الإعاقة والصحة في المجتمع المصري.