مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة تناقش أثر جائحة كورونا في جهود محو الأمية

تُعَدُّ قضية محو الأمية وتعليم الكبار المفتاح الحقيقي للتنمية المستدامة، وهي المدخل الرئيس إلى القرن الحادي والعشرين، الذي يطرح تحديات عديدة، ويتطلب مهارات وقدرات ينبغي على جميع الناس أن تتحلى بها، ومن ثم، كانت قضية الأمية على رأس الأوليات التي تضطلع بها الحكومات والأمم، ويضعها المجتمع الدولي على قائمة اهتماماته. وقد برزت مبادرة "تحدي الأمية" التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، من بين الإسهامات الرائدة التي عكفت على تنفيذها مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة في سبيل مجابهة آفة الأمية ومساعدة أكثر من 30 مليون أمي عربي على ولوج عالم المعرفة والاستضاءة بإشراقات العلم لخلق بيئة خصبة مهيأة للتنمية المستدامة.

جمال بن حويرب: حققت
الإمارات إنجازاً تعليمي مكّنها
من محو الأمية على المستوى
المحلي والسعي لنقل تجربتها
للعرب

وفي هذا الإطار جاءت ندوة "جائحة كورونا وأثرها في جهود محو الأمية" التي نظَّمتها عن بعد مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، بالتعاون مع مكتب اليونسكو الإقليمي ببيروت وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بمناسبة اليوم الدولي لمحو الأمية، وشارك فيها كل من سعادة جمال بن حويرب، المدير التنفيذي لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، والدكتور إدريس حجازي الأخصائي الإقليمي لبرامج التربية الأساسية بالمكتب الإقليمي لليونسكو، والدكتورة نجوى غريس، أستاذة جامعية بالمعهد العالي للتربية والتكوين المستمر، جامعة تونس، والدكتور أحمد أوزي أستاذ علم النفس وعلوم التربية في جامعة محمد الخامس بالرباط، وأدار الندوة الدكتور هاني تركي رئيس المستشارين التقنيين ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

حلول عملية

وفي كلمته خلال الندوة، أكد سعادة جمال بن حويرب، المدير التنفيذي لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة أن القضاء على الأمية كان من أولويات المغفور لهما الشيخ زايد والشيخ راشد، عند قيام الاتحاد، والآن وصلت الإمارات إلى مرحلة محت خلالها الأمية في مجال أنظمة الحاسب الآلي والبرامج. موضحاً أن نجاح دولة الإمارات في مجال محو الأمية يعود إلى القيادة الصحيحة والاستمرار بالعمل الدؤوب من أجل رفعة الشعب، وأن هذه الجهود أثمرت تصدُّر الإمارات ل 50 مؤشراً عالمياً إلى جانب معظم المؤشرات على الصعيد العربي. وأضاف سعادته أنه من خلال الشراكة الاستراتيجية مع مكتب اليونسكو الإقليمي في بيروت وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي سعت مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة إلى إزالة العوائق أمام نشر المعرفة، وبتضافر الجهود وترسيخ الحوار مع مختلف الشركاء في المنطقة والعالم، بحثنا عن حلول عملية من شأنها أن تُحدِثَ تغييراً حقيقياً في واقع التعليم، وتُسهم في تعزيز المعرفة في مجتمعاتنا، وتدعم مسيرتنا نحو التنمية المستدامة وسبل الارتقاء بالإنسان.

وعن إنجازات الإمارات في هذا الشأن، أوضح سعادة جمال بن حويرب أن ما حقَّقته دولة الإمارات في العقود الأخيرة يعد إنجازاً تعليمياً مكّنها تقريباً من محو الأمية على المستوى المحلي، ومعالجة قضايا التعليم في العديد من الدول العربية. كما أنها تنافس عالمياً في مجالات العلم والمعرفة، إضافة إلى إعداد خبراء إماراتيين في مجالات الفضاء والطاقة المتجددة والعديد من التخصُّصات العلمية النادرة الأخرى. وكان للمساعدات المالية والعينية والدعم الذي قدَّمته دولة الإمارات للمنظمات الدولية ذات الصلة وحكومات الدول المضيفة للاجئين دورٌ بارزٌ في الحد من حدة أزمة اللاجئين من حيث عدم الحصول على التعليم.

دروس كورونا

وأضاف بن حويرب أننا بالنظر إلى الوجه الآخر لجائحة كوفيد 19 نجد أنها فتحت الأبواب مشرعة أمام الإصرار على مواجهة أي تحديات تهدد التنمية، وما الأميَّةُ إلا واحدٌ من أهمِّ هذه التحديات والمشكلات التي تقف عائقاً أمام ازدهار وتطوُّر الشعوب والمجتمعات. فكما أنَّ كورونا أوقفت عجلة الحياة بسبب الإجراءات الاحترازية التي وضعتها الدول حذراً من انتشار الوباء، كذلك فإنَّ الأمية تُعدُّ من أهم العوائق التي تُعطِّل أيَّ خطة تنموية ترتقي بالأوطان وتنهض بالشعوب. وهذا ما يؤكد أنه قد حان الوقت كي نتعاملَ مع الأميَّة كمشكلةٍ رئيسةٍ في وطننا العربي. وإنَّ درس كورونا مفاده أنه لا مجال لأيِّ تحديات مهما بلغت من إيقاف عجلة التنمية والازدهار، وما دولةُ الإمارات إلا أكبرُ شاهد على ذلك.

خطوات محو الأمية

الدكتور إدريس حجازي، الأخصائي الإقليمي لبرامج التربية الأساسية بالمكتب الإقليمي لليونسكو، أوضح أن استبيان اليونسكو أظهر أنَّ تعليق الدراسة أثَّر بشكل تراوح بين السلبي جداً والسلبي في الدارسين الذين يفتقرون إلى مهارات القراءة والكتابة، وذلك على الرغم من رغبة هؤلاء باستكمال التعليم.

وفي مداخلته في الندوة، أضاء الدكتور حجازي على الخطوات الأساسية اللازمة لاستئناف برامج تعليم الكبار. أما على المدى القصير، فلا بد من الاستثمار في تدريب معلمي الكبار على تقنيات التعلم عن بُعد بما في ذلك تقديم الدعم النفسي والفني للمعلم، وتطوير محتويات تعلم مرنة وجاذبة، والاستخدام الأمثل للوسائل التقنية المنخفضة التكلفة للوصول إلى الفئات المهمشة، وخصوصًا في الدول العربية التي تعاني من الأزمات الداخلية، إضافة إلى تفعيل آليات التنسيق مع المجتمع الأهلي والجمعيات الأهلية، وإعادة التفكير في آليات استقطاب الدارسين وتحفيزهم على المشاركة في البرامج. وأما الخطوات على المستوى الاستراتيجي، فتتمثل في إعادة النظر في محتويات تعلم الكبار بإضافة المهارات الأساسية المطلوبة لسوق العمل الجديد والتي ينبغي أن تُقَدَّم للدارسين بما يتناسب مع متطلبات الثورة الرقمية الرابعة وسوق العمل المتسارع والمعتمد على التكنولوجيا، وتغيير في أنماط التعلم بما يناسب الثورة الرقمية، وضرورة التحول من محو الأمية إلى مقتضيات منهجية وفلسفة التعلم مدى الحياة، فضلاً عن توسيع الشراكات في تقديم خدمة تعليم الكبار بما يشمل الإدارة والضبط والحوكمة، والتعاون مع رجال الأعمال للاستثمار في برامج ما بعد القرائية، وتطوير هياكل ومؤسسات وطنية في تعليم الكبار تتماشى مع مقتضيات العصر وفلسفة التعلم مدى الحياة. مع عدم إغفال الحاجة الملحة إلى سياسات وقوانين جديدة على المستوى الوطني لإدارة والتنسيق مع عصر الرقمنة.

نجوى غريس: يجب تحويل
السياسات إلى أفعال عبر
اعتماد تكنولوجيات جديدة
تخلق بيئة مستدامة لمحو
الأمية

تحديات كبرى

وفي كلمتها خلال الندوة، أكدت الدكتورة نجوى غريس، أنه في ظلّ الجائحة، يجب تحويل السياسات إلى أفعال، وذلك عبر اعتماد التكنولوجيات الجديدة بهدف خلق بيئة مستدامة لمحو الأمية، وتعزيز مستويات الإلمام بالقراءة. وأضافت أن جائحة كوفيد 19 تضعنا أمام تحديات كبيرة: بعضها قديم وبعضها مستجدّ: فحوالي 773 مليون شاب وبالغ )ثلثاهم من الإناث( على مستوى العالم يفتقرون إلى المستويات الأساسية لمحو الأمية والحساب، مما يجعلهم يواجهون صعوبات متعددة، من مخاطر سوء التغذية والمشاكل الصحية والبطالة والاستبعاد من المشاركة المجتمعية، كما أنهم الأكثر عرضة للعدوى والإصابة بالمرض لعدم قدرتهم على متابعة واستيعاب وتطبيق الإجراءات الوقائية المطلوبة، إضافة إلى صعوبة الوصول إلى المعلومات المنقذة للحياة بسبب عدم قدرتهم على القراءة أو الكتابة، وعدم إمكانية التحقق من المعلومات التي يتلقونها في حالة اختلاف المصادر المتعددة في المحتوى، وعدم قدرة أولياء الأمور على دعم أطفالهم في عملهم المدرسي خلال الحجر أو خلال حلقات التعلم عن بعد.

إجراءات ملحة

وطرحت الدكتورة نجوى إجراءات ملحة وعاجلة يمكن أن يكون لها الأثر في معالجة الأمية، منها: إدراج تعلّم الشباب والكبار للقرائية إدراجاً فعالاً في آليات التصدي العالمية والوطنية وفي استراتيجيات الانتعاش وفي مرحلة بناء القدرة على الصمود، والعمل على تقليل خسائر الوباء التي حالت دون توفير فرص «التعليم العادل والجيد »، مع ضرورة التركيز على الفئات الهشة الأكثر تضرراً من تبعات انتشار الوباء، وضرورة إدماج طرق التدريس المبتكرة والفعالة ضمن برامج محو الأمية للشباب والبالغين لمواجهة الوباء وما بعده في كنف العدالة والإنصاف والاندماج وجودة الخدمات، إضافة إلى تشجيع استخدام التكنولوجيات الرقمية والذكاء الاصطناعي والموارد التعليمية المجانية لتوسيع فرص الحصول على فرص تعلم القراءة والكتابة، وتحسين الجودة، وإنشاء بيئة تعليمية رقمية تساعد على الحفاظ على مهارات محو الأمية المكتسبة وتطويرها.

رقمنة المعرفة

الدكتور أحمد أوزي، أوضح في مشاركته أن معنى محو الأمية في عصرنا، ليس مجرد القدرة على القراءة والكتابة، أو حتى مجرد استخدام التكنولوجيا، بل لكي يمحو المرء أميته في القرن الحادي والعشرين، بل يجب أن يكون على استعداد للتعلم الدائم والمستمر والتكيف مع العديد من مجالات الحياة والبيئات والمواضيع المختلفة.

أحمد أوزي: برامج محو الأمية
الناجحة تهتم بالتعلُّم
المستمر وتعزِّز تفاعل المتعلم
مع مهارات الحياة ومتطلبات
العمل

وأكد الدكتور أوزي أن المعرفة المتعلقة بالرقمنة جد مهمة، فهي تعزز مناهج حل المشكلات ومهارات التفكير وطرح الأسئلة والبحث عن إجابات وإيجاد المعلومات، وتكوين الآراء، وتقييم المصادر، واتخاذ القرارات التي تعزز المتعلمين الناجحين والمساهمين الفعالين، والأفراد الواثقين من أنفسهم.

وقال الدكتور أحمد أوزي: إننا لم نعد أمام أمية واحدة وهي الأمية الأبجدية، وإنما انضافت إليها أمية أخرى وهي الأمية الرقمية، خاصة وأن الحاجة تشتد إلى المهارات الرقمية. ذلك أن 90 % من وظائف المستقبل تحتاج إلى المهارات الرقمية، والمشكلة أن هاتين الأميتين أو الفجوتين أو قل الوبائيين اللذين تعاني منهما العديد من الأقطار العربية انضاف إليها وباء ثالث وهو وباء كورونا الذي عرقل المساعي، وهدد التقدم في التعليم ومحو الأمية، وشل عمل المؤسسات التعليمية، ولم تعد المدرسة في المدرسة، وانتقل التعليم إلى البيت، وهو ما عمق فجواتنا التي ينبغي تجسيرها، خاصة ما يتعلق منها بالتعليم واكتساب المعرفة المقتدرة. فقد أبانت الجارحة أن التعليم في معظم أقطارنا لا ينبغي أن يتوجه إلى النشء فحسب، وإنما أن يشمل كذلك وبعمق وتوسع تعليم الكبار ومحو أميتهم.

 

%91 من التلاميذ في العالم تأثروا بإغلاق المدارس بسبب الوباء

25.000.000 شخص يتوقع أن يخسروا وظائفهم

13.000.000 طفل وشاب عربي خارج المدارس بسبب الصراعات قبل كورونا

100.000.000 طالب عربي متأثر بأزمة كورونا

872،200،373 طالب متأثر حول العالم يمثلون 49.8 % من إجمالي الملتحقين

11.000 هجمة تعرضت لها المدارس خلال ال 5 سنوات الماضية

22.000 طالب ومعلم أصيبوا في 93 دولة على الأقل خلال الفترة من 2015 إلى 2019

%50 من الفتيات اللاجئات في مرحلة الدراسة قد لا يتمكنَّ من العودة إلى مدارسهن عندما تفتح المدارس

1966 العام الذي بدأت الاحتفالية باليوم الدولي لمحو الأمية والذي يوافق 8 سبتمبر من كل عام