تجارب ملهمة في وجه الجائحة
فائزون بجائزة المعرفة ومتحدثون يدلون بنصائح مهمة للمؤسسات التعليمية
انطلاقاً من نهجها الراسخ وإيمانها العميق بأن المعرفة هي السبيل إلى مواجهة كافة التحديات التي تعترض البشرية، وبناء على رسالتها في وضع كل طاقاتها وإمكاناتها لتكون واحدة من أدوات البناء الإماراتية التي تعمل بكل ما أوتيت من جهد، عملت مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة على نشر الوعي المعرفي المتعدد المشارب لإفادة الناس بالمعلومات والأفكار التي تكسبهم خلاصة التجارب العالمية في شتى الحقول، وذلك عن طريق الاستفادة من المخزون المعرفي الذي يحفل به أرشيفها الريادي الناتج عن مؤتمرات المعرفة التي عكفت على تنظيمها، وشارك فيها مئات المتحدثين، وكرِّم على منصاتها روَّاد العالم بجائزة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة.
وانطلاقاً من علمهم بهذا الدور الريادي للمؤسسة قام عدد من أبرز متحدثي قمة المعرفة والفائزين بجائزة المعرفة في مختلف المجالات بتسجيل فيديوهات توعية حول كوفيد 19 وما يتعلق به من متعلقات على المستوى الطبي والتعليمي والاقتصادي. وفي هذا التقرير نسلط الضوء على خلاصة نصائح وتجارب مهمة في حقل التعليم، الذي استمر في كثير من دول العالم عبر الواقع الافتراضي، ما يمكن أن يمثل خارطة طريق أو نقاطاً مهمة على درب التعليم، يفيد المؤسسات التعليمية والطاب والمعلمين على حد سواء.
الإنجازات والتحديات
وندي كوب، الرئيسة التنفيذية لمؤسَّسة التعليم للجميع Teach for All ، وأحد الفائزين بجائزة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة في العام 2016 ، فإنها ألقت نظرة فاحصة دقيقة على واقع التعليم في ظل أزمة كورونا، متسائلة: هل الإنجازات أكثر من التحديات؟ تحت هذا العنوان البارز، افتتحت وندي كلمتها بقولها: يسعدني أن أشارككم ما نراقبه ونتعلمه، من خلال شبكتنا، من تجارب في مواجهة جائحة كورونا. وقد أوضحت أن هناك أكثر من 90 % من الأطفال في العالم لا يذهبون حالياً إلى المدارس، والفئة الأكثر تهميشاً من بينهم، في مختلف دول العالم تتحمّل الضرر الأكبر في ظل هذا الظرف. لدى هؤلاء فرصة أضعف للحصول على الطعام والماء النظيف، والبيئة الآمنة والمعدات اللازمة لاستخدام شبكة الإنترنت، وتأمين استمرارية التعليم. وبحسب ويندي، فإنه، وبينما نعمل جميعاً على إيجاد سبل دعم هذا الجيل الجديد، ليتمكن من التغلب على هذا التحدي، من الممكن أن نستلهم الخطوات المقبلة والمستقبلية من خلال التركيز على ما نتعلمه عبر شبكتنا اليوم.
الإبداع الذي يظهره المعلمون
والمعلمات والمسؤولون التربويون
في ظل إغاق المدارس خطوات
ملهمة للغاية
تجارب ملهمة
تبين وندي كوب أن التعامل مع الأزمة الحالية للجائحة بمبادئ الابتكار، والإبداع، والالتزام والريادة، التي يُظهرها المعلمون والمعلمات، والمسؤولون التربويون في ظل إغاق المدارس، هي خطوات ملهمة للغاية. وتمثل لذلك بتجربة مدرّسي «علِّم لأجل باكستان »، حيث تفاعلوا بشكل سريع مع إغاق المدارس وبحثوا عن أماكن وجود طلابهم، للتأكد من أنَّ خدمات الطعام متوافرة لعائات هؤلاء ولمعرفة مَن مِنهم يمتلك هاتفاً ذكياً. وتضيف ويندي أنه لمما يدعو للفخر أن نرى المعلمين تعاونوا مع المساجد المحلية لتوزيع المستلزمات التعليمية على الأشخاص الذين لا يملكون إمكانية استخدام الهواتف الذكية، بشكل يمكّنهم من متابعة النشاطات التعليمية.
تضيف وندي أن في العالم نماذج كثيرة لخريجين ومعلمين أسدوا التدريب لزملائهم ووفروا مواد تعليمية للعائات بالتوازي مع اهتمامهم بطلابهم. كل ذلك دفعها هي وغيرها من المهتمين إلى زيادة الالتزام، بغية دعم التعليم المحلي والقيادات في هذا المجال، لضمان حصول جميع الأطفال على التعليم الذي يستحقونه.
نوعية التعليم
المشكلة التي تتمثل في عزوف عدد من الطلاب عن الاهتمام بالتعلم بسبب مكوثهم في المنازل، تنبهت لها الفائزة بجائزة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، وطرحتها عبر كلمتها، مبينة أنه من الرائع أن نرى الطرق المختلفة التي يقضي بها الطاب وقتهم في المنازل؛ بعضهم يملؤون الوقت بالابتكار والقراءة والتعلم، بينما البعض الآخر لا يستغلّون أوقاتهم بتاتاً. وهذا يدفعنا للاعتقاد بأن الظرف الحالي قاد إلى الواجهة الفكرة التي تركّز على أن نوعية التعليم التي يحتاجها الطاب اليوم هي التي تمكّنهم من التأقلم مع التغييرات والتحلي بالمرونة وامتاك الحافز. فنحن نرى أن هذه الجائحة ستزيد من غياب المساواة في مجال اكتساب التعليم، وهذا ما نعمل على مواجهته عبر شبكة «علِّم لأجل الجميع ».
وتختتم ويندي كلمتها بثقتها أن العالم سيخرج من هذه الأزمة إلى حال أفضل يضمن حصول جميع الأطفال على التعليم الذي يحتاجون إليه ويستحقونه إذا قمنا، يداً بيد، بمضاعفة جهودنا لتشكيل مجموعات من المعلمين الأكفاء والقادة إذا قمنا بنسج شبكات عالمية تجمع المدرّسين المحلّيين والقادة في مجال التعليم بشكل يمكّن كل طرف من التعلم من الآخر. فإذا ركَّزت جهود العالم على مجموعة شاملة من المخرجات التي تمكّن الأطفال من اكتساب المهارات، والكفاءات، والقيم الضرورية فسنتمكّن من بناء مستقبل أفضل حتى في ظروف غير مستقرة كهذه، وذلك من خلال التزام جماعي للخروج من هذه الجائحة، ضمن مسار يؤمّن حصول جميع الطلاب على التعليم والدعم والفرص لرسم ملامح مستقبل أفضل.
نجاح التعليم الافتراضي
كيف نستفيد من تجربة التعليم الافتراضي إلى أقصى حدٍّ؟ هو محور حديث جيف أوتيك، فقد أدلى ببعض الأفكار التي تمر حالياً بتجربة التعليم عن بعد، وذلك من خلال تجاربه السابقة في هذا الشأن. فمن خلال المتابعة الدقيقة للحال التي يمر بها التعليم عن بعد الآن يلاحظ جيف عدة أمور يجب تسليط الضوء عليها.
أول هذه الأمور: أنه لا يمكن الانتقال فجأة إلى التعليم الافتراضي إذا لم تكن المدرسة تشترط على المعلمين الاطّاع على طريقة عمل أنظمة التعلُّم عن بعد؛ ففي معظم الحالات، لن يكون لديك الوقت الكافي لتدريب الطاب والمعلمين، ومن هنا يجب أن يكون المعلمون على دراية بتلك البرامج مسبقاً.
الأمر الثاني، علينا أن نعلم يقيناً أن إرسال الواجبات الدراسية عبر الإنترنت لا يقدم نتيجة؛ إذا كنت تريد إرسال هذه الفروض كي يعمل عليها الطاب في منازلهم، فلن تجد نتيجة لها، لأنها مملة وتشكل ضغطاً على الأهل والطاب، وهي بشكل عامة طريقة غير مناسبة للتعليم، لأنها لا تستغل بشكل حقيقي ولا تؤتي ثمارها كما ينبغي.
ثلث الواجبات يكفي
الأمر الثالث، نلاحظ في المدارس الافتراضية كمّاً كبيراً من الفروض التي يطلبها المعلمون من طلابهم كي يعملوا عليها من منازلهم، ومعظم المدرسين غير مدرَّبين لخوض غمار التعليم الإلكتروني الذي يختلف عن التعليم التقليدي في برنامج تعليمي كامل عبر الإنترنت. إذن فما هو الحل؟ على المعلم إعادة النظر في المهلة التي يعطيها لطلابه كي ينجزوا الواجبات، وهذا هو الدرس الأول من الانتقال إلى التعليم عن بعد؛ فالأهل والطاب يشعرون بأنَّ المعلمين يعطون الكثير من الفروض، ما نتكلم عنه هو تقسيم كمية العمل التي يُكلَّف بها الطالب في الصف، وتقليلها إلى الثلث. لا تتوقَّع من الطاب أن يقوموا بأكثر من ثلث ما يقدّمونه أمام المعلم في الصف.
نعيش في زمن الفيديو وعلينا
إعادة التفكير في طريقة إعداد
المقاطع التعليمية بما يحقق
الفائدة الأكبر
أهمية الفيديو
وفي نصائحه للمدارس، أفاد جيف أوتيك بعدة توصيات: منها، الاهتمام بالفيديو؛ فنحن نعيش اليوم في زمن الفيديو، حيث يكتسب أهمية في مجال التعليم. علينا إعادة التفكير في طريقة إعداد المقاطع التعليمية، وإعطاء الفروض عبر هذه التقنية، والنظر بما نتوقَّعه من الطاب حين نطلب منهم حلَّ الفروض باستخدام الفيديو، لأن الفيديو وسيلة ناجعة جداً، ومتاحة للجميع تقريباً.
كما علينا التفكير وإعادة النظر في إعادة هيكلة التعليم تماشياً مع استخدام الفيديو، فبالنسبة إلى الطاب الأصغر سنّاً، يمكنك التفكير باستخدام نظام ك"فليبغريد"، لا سيما لتلاميذ الصفوف التي تشمل مرحلة الحضانة حتى الصف الثاني أساسي، أو حتى عمر 7 إلى 8 سنوات، في هذه المرحلة أنصح باستخدام تطبيق ك"فليبغريد » من Flipgrid.com ، لأنه سهل الاستخدام، ويسهل استخدام الفيديو في الحصص. إذا كنّا من معلمي الطاب الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و 12 سنة فعلينا إعادة تنظيم جدول عملنا بحيث نغطِّي مادة واحدة يومياً. يوم الاثنين يمكن تعليم القراءة والكتابة، والثلاثاء نخصِّصه للرياضيات، والأربعاء للعلوم، والخميس للعلوم الاجتماعية ويوم الجمعة للرياضة أو الخروج. في الختام، ينصح جيف أوتيك بتبسيط الأمور، وعدم المبالغة في التفكير. وأن يعلم القائمون على شؤون التعليم أن الطاب لن يُقبِلوا على التعليم ما لم يكن ممتعاً وتفاعلياً.