استراتيجية الإمارات ما بعد كورونا: تهدف إلى تحقيق ازدهار أكبر
ترتكز رؤية دولة الإمارات لمرحلة ما بعد جائحة «كوفيد- »19 ، على إعادة عجلة الحياة إلى طبيعتها، بأقصى سرعة ممكنة، والانطاق إلى حياة أكثر انتعاشاً، وأقوى ازدهاراً، خاصة من الناحية الاقتصادية، من خال خلق نموذج يستطيع التعايش مع الظروف الراهنة، والتقليل من آثارها السلبية قدر الإمكان، إلى أن يتم محوها وعبورها بنجاح، نموذج يستطيع خلق فرص جديدة، والتكيف مع تغييرات جيواقتصادية ضخمة، ويحافظ على القيم النبيلة والمبادئ السامية.
الرؤية المستقبلية التي تتبناها دولة الإمارات بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، ومتابعة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والتي ترتكز على الاستعداد المبكر للمستقبل، جعلت الإمارات أكثر استعداداً لأزمة تفشي فيروس كورونا المستجد، وهذه الرؤية الفذة ستُشكِّل منهج عمل للحكومة، لتكون الأسرع نهوضاً وعودة وتعافياً في العالم، والأذكى في استباق متطلبات مرحلة عالم ما بعد «كوفيد- 19».
الإنسان.. عماد الدولة ومرتكزها
تولي القيادة الإماراتية الحكيمة حياة الإنسان وصحته وسامته أولوية قصوى، وتتبنّى تضافر الجهود وتعزيز روح الفريق الواحد لاحتواء هذه الأزمة، وصناعة مستقبل مشرق لأبناء الدولة والمقيمين على أرضها الطيبة، بصياغة استراتيجيتها لما بعد «كوفيد- »19 ، بمستويات استثنائية عبر القطاعات والجهات والمؤسسات كافة، وتنسيق الجهود بتناغم وتكامل، وإدارة المرحلة المفصلية بكل مهنية واقتدار، للحفاظ على الصحة النفسية والعاطفية للمجتمع الإماراتي، وتأمين السامة والأمان والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، انطلاقاً من الإيمان بأن الإنسان هو عماد الدولة ومرتكزها الأول والأخير.
اعتمدت دولة الإمارات قبل
عقود سبقت أزمة «كوفيد- 19»
استراتيجيات تقوم على
استشراف المستقبل، وكثّفت
سياساتها وبرامجها وخططها
باتجاهات أكثر مرونة وتنوعاً
المهمة الحالية لفريق حكومة الإمارات اليوم تتمثل بالتخطيط لما بعد الوباء، وكيفية المحافظة على مكتسبات الدولة وصونها، وحماية مواردها المالية والبشرية، وإعادة ترتيب أولوياتها الوطنية، وتشغيل اقتصادها، وكيفية المحافظة على الحياة الكريمة للمواطنين والمقيمين، على حد سواء.
تفشي الفيروس، سرّع تحويل العديد من الحلول المستقبلية التي استشرفتها القمة العالمية للحكومات، فحوّل العمل عن بُعد إلى واقع مدعوم بجاهزية حكومة الإمارات التي تعمل بالكامل عن بُعد، كما أن التعليم عن بعد تحوَّل من خطط استشرافية مستقبلية إلى واقع عملي عبر منصات افتراضية أتاحت للطلبة استمرار العملية التعليمية في ظل الإجراءات الاحترازية للوقاية من الوباء، وذلك استناداً إلى تجارب متقدمة مثل برنامج محمد بن راشد للتعلم الذكي، ومنصة «مدرسة ،» واتباع نموذج لتوصيل الخدمات الحكومية للمنازل والشركات.
نموذج جديد للحكومات المرنة
أوجدت أزمة الوباء فرصة كبيرة لخلق نموذج جديد للحكومات أكثر مرونة، تستطيع التعايش مع الموارد المالية المتاحة، وتطوير موارد جديدة، والتعامل مع متغيرات سريعة وأولويات وطنية مختلفة، تضمن الحفاظ على حياة كريمة للمواطن، وحكومة الإمارات وضعت أجندة للعمل عليها خال الفترة المقبلة، برؤية واضحة للنهوض السريع، مع وجود نظام جديد لقياس الإنتاجية، وتعديل الأنظمة واللوائح التي تتناسب مع مستجدات المرحلة والأهداف والأولويات، والتخلي عن الطرق التقليدية في العمل، مثل العمل عن بُعد لبعض الفئات بشكل دائم في ظل وصول نسبة الاعتماد على التطبيقات الذكية في تقديم الخدمات إلى 95 %.
عملت الإمارات، خال الأيام الماضية، على تطوير خطة عملية لإعادة فتح وتنشيط الاقتصاد، وتفعيل القطاعات الحيوية، مثل السياحة والصناعة والصادرات والأسواق المالية والبنوك والتجزئة، وغيرها، وتحفيزها بأفكار جديدة، من خال إيمانها بأن الاقتصاد هو محرك للحكومة والوظائف والأمن الاجتماعي والاستقرار والحياة، وأن الواقع الجديد الذي فرضه «كورونا » على العالم، يتطلب جهوداً استثنائية وفرق عمل متخصصة، تستطيع التعامل معه ومواجهة تبعاته، بتوجيه الموارد البشرية لقطاع ريادة الأعمال مثل القطاع التقني وتقنيات الزراعة الحديثة، وتدريب آلاف الشباب والشابات في القطاع الطبي، الذي أكدت الجائحة أهميته في تحقيق الاستقرار الاقتصادي للدول.
كما أن تجاوز التبعات السلبية لأزمة كورونا، يؤكد أهمية تبني رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بالتخلي عن بعض الموروثات لأنها لا تنفع الإمارات، مثل الإسراف، بإيجاد خطة لتغيير ثقافة المجتمع وتسريع الانتقال نحو ثقافة تتناسب مع الأوضاع الجديدة، وهندستها لعبور الأزمة.
استعداد مبكر
اعتمدت دولة الإمارات، قبل عقود سبقت أزمة «كوفيد-19 » ، استراتيجيات تقوم على استشراف المستقبل، وكثّفت سياساتها وبرامجها وخططها باتجاهات أكثر مرونة وتنوعاً، وأكثر شمولية وقدرة على مواجهة التحديات، من خال الابتكار والمعرفة والتحول إلى اقتصاد رقمي يسعى إلى استخدام التقنيات المتقدمة في شتى المجالات، بما ينهض بالاقتصاد ويحرك عجلة التنمية، ويضع العمل الحكومي على المسار الصحيح في كل المجالات، ضمن استراتيجية تنموية تمضي قدماً في تحقيق خطة الخمسين عاماً المقبلة، وتبقي الدولة في صدارة مؤشرات التنافسية العالمية، ولعل آخر تلك التوجهات تجسّدت بانطاق اجتماع حكومة دولة الإمارات عن بُعد، بعنوان «الاستعداد لمرحلة ما بعد كوفيد-19 » ، لوضع خطط وسياسات وآليات تغطي احتياجات القطاعات الأكثر إلحاحاً، ووضع مقاربات مستقبلية للآفاق الاقتصادية والتنموية، بمنظومة عمل مختلفة وآليات تنفيذ جديدة، تعتمد الجرأة والحسم والسرعة في اتخاذ القرارات، ما يعكس حرص القيادة الرشيدة على البدء بخطوات سريعة من أجل الاستعداد لمستقبل يتخطى فيه الجميع كل الآثار التي نجمت عن كورونا.
أثبتت الإمارات، ومنذ أن خطّت رؤيتها الاستراتيجية بأن تصبح الدولة الأفضل عالمياً بحلول عام 2071 ، قدرتها على تخطي كل المراحل التي مرّت بها، وعقدت العزم على مواصلة النجاح والتميز في شتى المجالات.
الإمارات بقيادتها الحكيمة التي تتمتع برؤيتها الاستشرافية الثاقبة، قادرة على مواجهة الأزمات وصناعة المستقبل، ومواصلة مسيرة التطوير والتنمية ومواكبة المتغيرات العالمية والاستفادة منها بما يرسخ مكانة الإمارات وريادتها العالمية، بمعايير تعزز المرونة والجاهزية والقدرة على التأقلم وتبني التغيير، وإعادة ترتيب الأولويات وتطوير الخطط والاستراتيجيات للتكيف مع المتغيرات بسرعة أكبر، وترتيب الأولويات الوطنية بما ينسجم مع متطلبات المرحلة المقبلة، بسواعد أبناء وبنات الإمارات، وتعزيز التعاون الدولي وقيم التسامح والإنسانية.
تطوير منظومات عمل القطاعات الحكومية
أظهرت القطاعات الحكومية الاتحادية والمحلية المختلفة جاهزية عالية، وكفاءة متميزة، في العمل على تطوير منظوماتها، اتساقاً مع استراتيجية الإمارات لما بعد كوفيد- 19 ، مكَّنتها من مواصلة عملها بفاعلية، وأثبتت قدرة الإمارات على إدارة الأزمة، ومرونتها الكافية، لتتصدر دول العالم في السيطرة على تداعيات الجائحة، وعودة الحياة لطبيعتها وبشكل تدريجي ووفقاً لخطط مدروسة وخارطة طريق تفصيلية لاستشراف المستقبل، والخروج من الأزمة بمكاسب عديدة تعزز مكانتها إقليمياً وعالمياً، استناداً إلى حزمة متكاملة لدعم القطاعات المختلفة.
الإمارات بقيادتها الحكيمة التي
تتمتع برؤيتها الاستشرافية الثاقبة
قادرة على مواجهة الأزمات
وصناعة المستقبل، ومواصلة
مسيرة التطوير والتنمية ومواكبة
المتغيرات العالمية
تركِّز استراتيجية الإمارات لمرحلة ما بعد «كوفيد- »19 ، على ستة قطاعات رئيسة هي: الصحة، والتعليم، والاقتصاد، والأمن الغذائي، والمجتمع، والحكومة، لتطوير العمل فيها بما يلبي مقتضيات المرحلة الحالية، وضمن رؤية مستقبلية، تقتضي حشد أفضل الجهود والخبرات والعقول، لتحقيق وبناء منظومة عمل حكومي حديثة ومتماسكة، بخطط عمل وأهداف محددة ومستهدفات عاجلة وآجلة، لتلبية الاحتياجات التنموية الملحة، والتصدي للتحديات الحالية الناجمة عن أزمة كورونا، والأخذ بعين الاعتبار المستجدات والتطورات، في مختلف القطاعات الاقتصادية والتنموية والمجتمعية والخدمية والتكنولوجية في إطار المحيط الإقليمي للدولة، وضمن المنظومة العالمية ككل، إلى جانب صياغة سياسات استشرافية للتعامل مع تحديات بيئية ووبائية وطبيعية مماثلة، ومعاينة مواطن الخلل في القطاعات التي واجهت صعوبات أكثر من غيرها في التعامل مع الأزمة، وتدعيم القطاعات التي أثبتت قدرتها على التكيف ونجحت في تطوير آليات عمل مرنة، بما أسهم في دعم عجلة الإنتاج، وتقديم الخدمات بكفاءة كبيرة في ظل الأوضاع الصعبة.
استراتيجية دولة الإمارات لما بعد «كوفيد- »19 ، تسعى لبناء أكبر منظومة بحثية وفكرية وتحليلية على مستوى الدولة، من خال عقد جلسات وملتقيات اقتصادية وعلمية، بالتنسيق مع المراكز والمؤسسات البحثية في الإمارات، وبالاستعانة بنخبة من أبرز الخبراء والمفكرين والباحثين في المنطقة والعالم، لوضع أهم القضايا والتحديات في عالم ما بعد فيروس كورونا على طاولة البحث، كالتداعيات الاقتصادية والاجتماعية محلياً وإقليمياً وعالمياً، وتغيّر موازين القوى الاقتصادية في العالم، وأثر ذلك في بناء نظام عالمي جديد، وكيف يمكن أن تتكيَّف الإمارات مع الواقع الاقتصادي والجيوسياسي ما بعد الأزمة الصحية، وسبل تعزيز القطاع الصحي بالإمارات، وآليات تعزيز الأمن الغذائي في الدولة، بما يجعلها في منأى عن أي خلل قد تتعرض له سلاسل إمدادات الغذاء العالمية في الكوارث والأزمات، وضرورة دعم منظومة التعلم عن بعد وإلحاقها كأداة تعليمية أساسية في منظومة التعلم التقليدية حتى في الظروف والأحوال الطبيعية، إلى جانب صياغة ملامح منظومة عمل حكومة المستقبل، وتحديد أولويات الإنفاق الحكومي والتوجيه الأمثل للموارد، واستعراض آفاق مستقبل العمل الحكومي والخاص عن بعد، وآفاق تطوير البنية التحتية والرقمية وتعزيز كفاءتها، وتصميم مدن المستقبل، ووظائف المستقبل، ودور الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيات المتقدمة في تسيير عجلة الإنتاج، وكيفية تدارك المخاطر المستقبلية وغيرها من قضايا وتساؤلات حيوية.
تتميز الإمارات باقتصاد منفتح
على دول العالم، من خال
وجود الشركات المتعددة
الجنسيات والمقار الإقليمية
للشركات العالمية
دور مهم للشركات متعددة الجنسيات
تتميز الإمارات، باقتصاد منفتح على دول العالم، من خال وجود الشركات المتعددة الجنسيات، والمقار الإقليمية للشركات العالمية، التي أثَّرت إيجاباً في تطور قطاعات مهمة، مثل السياحة والسفر، وهي مستعدة وجاهزة للانطاق إلى المرحلة الجديدة بعد احتواء كورونا، للترحيب بضيوفها مجدداً خال الفترة المقبلة، وتتمتع بمرونة كبيرة قادرة على إعادة عجلة الحياة إلى الدوران، في ظل الأرضية الصلبة التي شيَّدتها الدولة، والعودة بقوة والحفاظ على مكانتها المتميزة في طليعة الوجهات السياحية، والاتجاهات الاقتصادية العالمية.