«الكيمياء » تفاعلات عناصر المادة مع أكسجين الحياة
قطعة أصيلة من الأدب تجمع بين الحكمة والفكاهة والحركة
لعل درب العلوم الذي يسلكه أكثر الطلاب نباهة في هذا العصر يحتم أن يحصل هناك اندماج وتقارب ما بين الآداب الإنسانية وكتاباتها متمثلة في المبدعين من الكتاب والأدباء، وأولئك العلماء الذين خاضوا غمار المختبرات ليخرجوا بالابتكارات التجريبية، إلا أنهم يرغبون في إيصال تجاربهم أو ما توحي به إلى العالم بأسلوب أدبي تتفاعل من خلاله المشاعر مع العناصر الكيميائية لتشكل لوحة فنية في صورة رواية لها كبير المكانة بين من اطلعوا عليها.
رواية الكيمياء، الصادرة في نسختها العربية عن «قنديل للطباعة والنشر والتوزيع » هي الرواية الأولى لصاحبتها الحاصلة على الشهادة الجامعية في الكيمياء ويكي وانج، وليس كما تصف الرواية عن فشل بطلتها في الحصول على الدكتوراه، وإنما حصلت ويكي على الدكتوراه في الصحة العامة، والرواية ليست بالضرورة سيرة ذاتية للكاتبة، وإن تماسَّت الأحداث مع حياتها كما يحدث مع كثير من الكتَّاب والمبدعين، حين يستقون من حياتهم تفاصيل إبداعهم.
أسلوب أدبي تتفاعل فيه
المشاعر مع العناصر الكيميائية
لتشكل لوحة فنية في صورة
رواية لها كبير المكانة بين من
اطلعوا عليها
تبدو المؤلفة غير التقليدية التي تثقل كاهلها أعباء العمل، وكأنها على أعتاب حياة مثالية، رائعة؛ فهي تواصل دراستها لنيل شهادة الدكتوراه في الكيمياء في جامعة مرموقة، الأمر الذي سيجعل والديها الصينيين يشعران بالفخر والاعتزاز. يتقدم لخطبتها صديقها الناجح الذي لطالما شجعها، ووقف بجوارها؛ لكن بدلاً من أن يعرف الأمل طريقه إلى قلبها، تغرق في غياهب التناقض الوجداني؛ حيث تقع البطلة فريسة للإرهاق والساعات الطويلة التي تقضيها في المختبر، وتتقاذفها أمواج الحيرة؛ فا تدري، هل تقبل عرض الزواج الذي لطالما انتظرته أم ترفضه؟ وعندما تفاقمت الأمور لتفوق قدرة احتمالها وانحرفت خطة حياتها عن مسارها، وجدت البطلة نفسها على مشارف رحلة من الاكتشافات المتوالية حول كل ما ظنت أن علمها قد أحاط به. تحكي هذه الرواية الذكية والمؤثرة والمسلية في جميع أحداثها قصة البطلة في رحلتها نحو النضج. إن نجاحها في تحريك عواطف القارئ ونيل إعجابه، أمرٌ مفروغ منه.
ترى الكاتبة الأمريكية آن باتشيت أن رواية الكيمياء تبدأ كقطعة من الحلوى الساحرة، ثم تنتقل لتضيف طبقات من العمق والتعقيد العاطفي في كل صفحة، ويُضاف إلى رصيد وانج أنها تستطيع أن تبث كل هذه الجدية بكل هذه الخفة.
لاقت رواية الكيمياء اهتماماً
وإعجاباً كبيراً على المستوى
العالمي، لا سيما أنها تبرز
تحديات المرأة الشابة
لاقت رواية الكيمياء اهتماماً وإعجاباً كبيراً على المستوى العالمي، فقد رأت الكاتبة إيمي هيمبل أنها رواية مرحة وأصيلة ومقنعة، لا سيما أنها تبرز العلم بوصفه عدسات ممتازة لرؤية ويكي وانج لتجربة المرأة الشابة، التي تناولت على نحو رائع تجربة الحب والطموح والولاء وبالطبع الكيمياء. وقد بينت أن ما يدفع إلى قراءة هذه الرواية تركيزها على السعي الحثيث إلى التميُّز، وفقًا لما طبَّقه الوالدان المهاجران، وهذا يرتقي فوق الأسئلة الأساسية عن اكتشاف النفس.
أما الشاعر الصنيني ها جين فيؤكد أن رواية الكيمياء قطعة أصيلة من الأدب، تجمع بين الحكمة والفكاهة والحركة. وتعلق مجلة بيبول على الرواية بأنها لقصة رائعة، من خلال الاطلاع على الفصول المختصرة التي تتضمَّن مشاهد من طفولتها وحقائق علمية، يمكن القول: إن رواية الكيمياء هي الراوية الأمتع على الإطلاق حول العيش تحت ضغوط الاكتئاب.
وبفضل أسلوبها الواضح والنشاط الكوميدي والفحص الحساس للحب والاحتياج والطموح، من المؤكد أن هذه الرواية الباحثة عن الروح بامتياز، تُعد واحدة من أكثر المحاولات الأولى الرائعة، فهي تحطم، بما فيه الكفاية، الصورة النمطية للأقلية النموذجية، وتقدم صوت الكاتبة وانج ليكون إلهاماً، وذلك من خلال تقديم رؤية خالية من الانفعالات تتجاذبها مشاعر اليأس والسخرية والتردُّد، لكنها تكون حقيقية دائماً وأبدًا.