خيال يبدع واقعاً
الخيال أفق واسع يتجاوز الواقع ويتطلع إلى ما وراء الحاضر، ولا ريب أن عقل الإنسان يتسع إلى أبعد من حدود العصر الذي يعيش فيه، وهذا ما يضفي على هذا المخلوق عنصر الفضل على غيره من الكائنات؛ إذ لا يكتفي بمجرد البحث عن مقومات حياته وما يبني جسده المادي من العناصر، بل هو كائن مفكر بالدرجة الأولى، وهذه الحدود الشاسعة من الفكر الإنساني التي تتجاوز واقع الإنسان أبدع من خلالها في بناء العالم وتطوير الحياة يوماً بعد آخر، حتى سيطرت الثورة الصناعية والتكنولوجيا الذكية على كافة عناصر الحياة، وما ذلك إلا دليل على فضل العقل البشري وآثاره التي تتجاوز الحدود.
لعلنا في هذا الصدد نرى حجم النتاجات الأدبية التي كتبت في الخيال العلمي لإنجازات أضحت واقعاً معيشاً، وكانت في حقبة من الزمن مجرد خيالات لمبدعين ركنوا إلى السفر عبر الزمن من خلال مخيلاتهم الواسعة، كتبوا من خلالها عن اختراعات واكتشافات وسبروا أغوار المستقبل على صفحات بيضاء، ما لبث أن أخذها العلماء إلى حيِّز الواقع العملي، وإذا بالإنسان يبدعها على وفق الخيال، بل وأعلى من الخيال. فالطيران في السماء والغوص في أعماق البحار كانت أفكاراً حملها الإنسان معه، ولعل أفلام الخيال العلمي التي أنتجت في القرن الماضي تعطي المتابع لها نماذج عن الاتصالات المرئية التي كانوا يودعونها نصوص سيناريوهاتهم، ومن خلال متابعتنا لها حالياً نرى أنها مطبقة واقعاً على الهواتف المحمولة، مع أنها أنتجت قبل عقود سبقت ثورة الذكاء الاصطناعي.
من خلال هذا العدد من ومضات، نطوف على عالم الاستشراف الذي يضع العلماء من خلاله أسس المستقبل، ويسيحون بأفكارهم في عوالم الغد، فإن كانت الأزمنة الأولى من البشرية لا تشهد حدوث أي شيء خلال عقود من الزمن، فإن أيامنا هذه تشهد أحداثاً متسارعة تحتاج إلى عقود.
وللخوض أكثر في عملية قراءة الواقع المعرفي والعلمي الذي يميز هذا الزمن، يرافقنا رائد الابتكار والمتحدث البارز في شؤون المستقبل جاي ساميت، مسلِّطاً الضوء على ثلاثة متغيرات متسارعة تؤثر بشكل أكبر في دولة الإمارات، مبيناً أن القيام بالأعمال بشكلها التقليدي قد انتهى.
إضافة إلى ما سبق، سنكون على موعد مع عدد من الموضوعات المعرفية التي تفتح آفاق قرائنا من خلال موضوعات علمية صحية وتكنولوجية تبرز الدور الذي يؤديه العلماء في مكافحة تكيف الفيروسات مع المضادات الحيوية، وهو الموضوع الذي يشكِّل مصدر
قلق كبير بالنسبة للأطباء. مع التركيز على المشكلات البيئية التي يتعرض لها القطب الشمالي من كوكبنا، لنكون على معرفة بالخطر والتحديات التي تواجه البشرية في صحتها كأفراد، وفي مناخها كعالم يحتضن أبناءه بكل محبة، ويحتاج منهم نظرة واعية تجاه حمايته من الأخطار المحدقة به وبهم جميعاً.