يسري الجمل: «مؤشر المعرفة » يعكس أهمية التقنية المتطورة عالمياً
تحدَّث عن أهمية قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات
يُعدّ قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أحد المُكوّنات الرئيسة في مؤشر المعرفة العالمي، الذي يصدر سنوياً عن مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. تؤدي تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الوقت الحالي دوراً مهماً جداً في تحقيق التنمية في كل الدول، إذ إنها تطرقت لكل أنواع النشاط البشري. وبالتالي أصبح لها أهمية كبيرة جداً خصوصاً بعد التطور الذي شهدته هذه التكنولوجيا في الآونة الأخيرة. وتُمثل تكنولوجيا المعلومات قاعدة مهمة جداً وأساسية لطرائق البحث والابتكار والتطوير على مستوى العالم.
وأصبح الإنتاج كثيف المعرفة مُرتبطاً بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. أصبحت هناك حاجة قوية إلى ضرورة وجود مؤشر يُعطي لنا صورة حقيقية لواقع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ومدى قوتها وانتشارها في الدول المعنية، وكان هذا هو الهدف الذي سعى إليه مؤشر المعرفة العالمي لقياس مدى توافر إمكانيات الاتصالات والمعلومات في كل دولة. كما تؤدي تكنولوجيا المعلومات والاتصالات دوراً محورياً داعماً لجميع القطاعات الأخرى المُكوّنة لعناصر المعرفة من تعليم أساسي وتعليم جامعي وتعليم تقني وبحث وتطوير وابتكار واقتصاد.
فاقت تطورات التكنولوجيا كل
التوقعات وأصبحت نموذجاً جديداً يُطبَّق
بطريقة مُنتظمة
جلسة حوارات المعرفة، التي استضافت فيها مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الدكتور يسري الجمل، وزير التربية والتعليم بمصر سابقاً، والرئيس السابق لمجلس أمناء الجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا، ألقت الضوء على موضوع (قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات)، الذي يعد أحد المُكوّنات الرئيسة في مؤشر المعرفة العالمي.
ثورة التكنولوجيا
أوضح الدكتور يسري أهمية الدور المنوط بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تحقيق التنمية في كل الدول، إذ إنها تطرقت لكل أنواع النشاط البشري. وبالتالي أصبح لها أهمية كبيرة جداً، ولا سيما بعد التطور الذي شهدته هذه التكنولوجيا في الآونة الأخيرة من انتشار أجهزة المحمول والإنترنت والسرعات الكبيرة جداً لشبكات الإنترنت والتطور الذي حدث لتطبيقات المحمول. فقد فاقت التطورات لهذه التكنولوجيا كل التوقعات التي كانت موجودة. وبالتالي أصبحت وحدها نموذجاً جديداً يُطبَّق بطريقة مُنتظمة في الاقتصاد والمجالات الاجتماعية.
أما فيما يتعلق بالبحث والابتكار والتطوير، فأكد الدكتور يسري الجمل أن تكنولوجيا المعلومات تمثل قاعدة مهمة جداً وأساسية لطرائق البحث والابتكار والتطوير على مستوى العالم. وأصبح الإنتاج كثيف المعرفة مُرتبطاً بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات؛ إذ نجد أن الشركات التي تُحقق أعلى دخل وأعلى قيمة في العالم هي الشركات التي تتعامل مع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، حيث أصبحت التكنولوجيا تُمثل فرصة غير مسبوقة لتجميع المعرفة وربطها ونشرها.
الاتجاه للرقمنة
أسهمت الرقمنة كثيراً في تحقيق تقدم اجتماعي واقتصادي في مجالات كثيرة جداً وحسَّنت مستوى الأعمال وسُبُل العيش. والتحول الرقمي، كما يوضح الدكتور يسري، أصبح هدفاً لجميع حكومات العالم وهناك سباق للوصول إلى أعلى قدرٍ من الرقمنة والتحول الرقمي، ومع زيادة التطبيقات، نجح رجال الأعمال في الاستفادة من التكنولوجيا النقّالة عبر تحسين طول سلسلة القيمة المُضافة من خلال استحداث تطبيقات طوال الوقت لخدمة المستهلك في جميع أنحاء العالم. وكانت جميع المؤتمرات تُوصي صُنّاع القرار بضرورة الاهتمام ببناء البنية التحتية للرقمنة حتى تُتيح للحكومة والشركات ولرجال الأعمال وللمستخدم العادي وللأفراد الاستفادة من الخدمات القوية الموجودة في شتّى أنحاء العالم.
الخدمات الحكومية
أوضح الدكتور يسري الجمل أن هناك مؤشراً للخدمات الحكومية، يقيس إلى أي مدى هناك رقمنة أو تحول رقمي في الخدمات التي تؤديها الحكومة، يُعبّر هذا المؤشر عن جميع الخدمات التي تقدمها الحكومة وإلى أي مدى تمت رقمنتها بحيث يستطيع الشخص الحصول على هذه الخدمة والتعامل معها من مكانة باستخدام جهازه المحمول.
أما قياس البرمجيات المُستخدمة، فيتم من خلاله معرفة مدى ترخيص هذه البرمجيات، وهذا جزء مهم جداً. لا بد أن تكون هذه البرمجيات المتاحة والمستخدمة والتي نعتمد عليها بشكل كبير جداً مُرخّصة، فمدى تنصيب البرمجيات غير المُرخّصة يُعدّ أيضاً عنصراً سلبياً لا بد أن نتخلص منه، لكنه جزء من مؤشر استخدامات الحكومة والمؤسسات.
أهمية المؤشر
بعد هذا الاستعراض المجمل الذي بدأ به الدكتور يسري الجمل حديثه ضمن سلسلة حوارات المعرفة، أوضح أنه أصبحت هناك حاجة قوية إلى ضرورة وجود مؤشر يُعطي لنا قراءة حقيقية لصورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ومدى قوتها وانتشارها في هذه الدولة، وهذا هو الهدف الذي نسعى إليه من خلال مؤشر المعرفة العالمي لقياس مدى توافر إمكانيات الاتصالات والمعلومات في كل دولة. وقد اتضحت الآن ضرورة أن يكون هناك مؤشر لجميع الناس وخصوصاً الحكومات حتى تستطيع أن تحدد نقاط ضعفها وقوتها وكيفية إحراز مدى أكبر في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
منهجية اختيار
وأوضح الدكتور يسري أنه لا بد أن تكون هناك منهجية ودراسات مُكثّفة في المنظمات والوكالات الدولية المُهتمة بقياس قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات مثل الاتحاد الدولي للاتصالات والبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة ومنظمات البنك الدولي والمنظمات التي تصدر تقارير حول المعلومات والاتصالات والشبكات في العالم. ومن المهم جداً أولاً أن ندرس نتائج جميع هذه الدراسات وهذه المنظمات وتقاريرها حتى نصل إلى الشكل المُناسب لإعداد مؤشر لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. ثم بعد ذلك كان هناك مؤشر المعرفة العربي الصادر في 2015 و 2016 وكان يضُم أيضاً مكوّناً مهماً لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات؛ فالدراسة التحليلية الخاصة به عنصر مهم. وكان لا بد من استشارة الخبراء الموجودين في الاتحاد الدولي للاتصالات، وهو أكبر هيئة تُصدر دائماً بيانات وتقارير عن حالة الاتصالات والشبكات الموجودة في العالم، وكان لا بد أن يكون أحد خبراءها مشاركاً معنا في إعداد وتحديد هذا المؤشر.
تمثل تكنولوجيا
المعلومات قاعدة
مهمة لطرائق
البحث والابتكار على
مستوى العالم
الهيكل التنظيمي
يتكون مؤشر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من 6 محاور فرعية تضم 20 متغيراً بأوزان متساوية. تتكون المدخلات من عنصرين أساسيين، وهما:
أولاً: مدخلات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، التي تضم: البنية التحتية التي توفرها الدولة وتنافسية القطاع،
ثانياً: مخرجات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتضم: الاشتراكات، واستخدامات الأفراد، واستخدامات الحكومة والمؤسسات، ثم أخيراً التأثير التنموي للإمكانيات المتاحة من اتصالات ومعلومات.
البنية التحتية
ترتكز قوة البنى التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات بمدى ما توفِّره الدولة من تغطية لشبكات الهاتف المحمول، وإلى أي مدى تتم إتاحة هذه الشبكات، ولا بد أن تغطي الشبكة جميع أنحاء الدولة في كل متر مربع في الدولة، سواء في الطرق أو المدن أو الصحراء. وكذلك السرعات؛ حيث تُقاس السرعات بنطاق التردد الدولي للإنترنت لكل مستخدم، ومدى توافر النطاق الدولي بالكيلو بايت/ الثانية لكل مستخدم للإنترنت. أما الخوادم، فإن المؤشر يقيس المستوى التقني في الدول بعدد الخوادم الآمنة أو المؤمّنة المستخدمة للاتصال بالإنترنت لكل مليون نسمة، ويعكس هذا المؤشر قوة الشبكة وقدرتها على توفير الخدمة. ومن أجزاء قياس فاعلية البنية التحتية هو إلى أي مدى هناك تنافسية في هذا القطاع، والأسعار الخاصة بالاتصال والأسعار الخاصة بالاتصال الثابت والاتصال المحمول والاتصال بالإنترنت، وما مدى تلاؤم هذه الأسعار مع مستوى الدخل.
وأفاد الدكتور يسري أنه كلما أعطت القوانين المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات فرصة ومرونة أكبر وسرعة استجابة للمشاكل المطروحة كان ذلك مؤشراً على قوة أكبر لتنافسية هذا القطاع. وتنافسية القطاع وزنه 15 موزع على 3 عناصر كل منها يضم 5 نقاط أو 5 درجات.
الاشتراكات والاستخدامات
كما أن الاشتراكات المرتبطة بالهاتف الثابت والمحمول لها أثر في مؤشر تكنولوجيا المعلومات، وتؤدي دوراً في تقدم الدول على مقياس المؤشر، وذلك من خلال معرفة أي مدى يشترك الشخص في الهاتف الثابت؛ كم مشترك لكل 100 فرد في هذه الدولة. ثم اشتراكات الهاتف المحمول، لكل 100 فرد. ثم بعد ذلك اشتراك الإنترنت أو الاتصال، سواء كان الاتصال بالنطاق العريض الثابت أو النطاق العريض المتحرك على الهاتف المحمول، سواء كان متصلاً من خلال جهاز حاسب أو يتصل من محمول.
وكذلك يركز المؤشر على استخدامات الأفراد، عبر معرفة نسبة الأفراد الذين يستخدمون الإنترنت من السكان الموجودين في الدولة. فكلما كانت هناك زيادة في استخدامات الإنترنت يعني تعامل أكبر من هؤلاء الأفراد مع ما هو متاح على الإنترنت من خدمات ومن معرفة ومعلومات، ثم إلى أي مدى تُستخدم شبكات التواصل الاجتماعي؛ لأنها أصبحت وسيلة مهمة جداً للتواصل ليس فقط الاجتماعي ولكن أيضاً تواصل للمعلومات والتعاملات والإعلان عن خدمات وعن سلع.
وتعبر استخدامات الحكومة عن مدى استيعاب المؤسسات للتكنولوجيا الحديثة. فكلما كان هناك استيعاب للتكنولوجيا الحديثة في المؤسسات والخدمات أدى ذلك إلى كفاءة أكثر في تقديم الخدمة أو السلع وكلما أتاح للمستخدم الحصول على هذه الخدمة أو السلعة بأسلوب أفضل من خلال الاتصال.
الواقع الافتراضي والمعزز
وفي معرض حديثه عن مؤشر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وأثرها خلال أزمة وباء كوفيد 19 ، أوضح الدكتور يسري الجمل أن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات كانت الحل الوحيد لتوصيل خدمات التعليم عن بُعد، حيث ظهرت بعض المنصات والتقنيات مثل الواقع الافتراضي والواقع المُعزّز لتوصيل المعرفة والتعلم بشكل أكبر. أما بالنسبة للصحة فتم تطوير تطبيقات كثيرة لتوفير العناصر الصحية وتصنيف المرضى ومتابعة حالتهم. وبالنسبة للتسوق زاد بشكل كبير عبر الإنترنت وتم التركيز عليه لأنه كان الطريق الوحيد للحصول على السلع والخدمات دون تلامس بسبب توقف سلاسل الإمداد نتيجة توقف البواخر والطائرات. وفيما يتعلق بالنسبة للتسلية، تم إعداد الأفلام والألعاب التي كانت موجودة على الإنترنت، حتى المتاحف أعدت عروض رائعة باستخدام تكنولوجيا الواقع الافتراضي بحيث يستطيع الشخص أن يزور أماكن جديدة من خلال الحاسب أو الهاتف المحمول.