ألمانيا ودروس التاريخ
هيلموت .ك أنهير
إن ألمانيا كدولة سلمية إلى حد كبير غير معتادة على الافتراضات والخطوط الحمراء والأسئلة المزعجة التي تنطوي عليها المناقشات التي برزت في الفترة الأخيرة.
لقد أصبحت قضايا الأمن القومي والأوروبي التي تم تجاهلها منذ فترة طويلة وبشكل مفاجئ في قلب الأحداث، ولقد قارن مقال للفيلسوف يورغن هابرماس ناقش الجوانب العديدة بالشأن/ واستعرض استجابة الجماهير الأكثر حيرة والأقل ثقة مبيناً أن الألمان منقسمون بشدة حول قرار البرلمان الألماني والفرضيات والاحتمالات السياسية في موقف البلاد من الحرب. أثار هابرماس أحد أكثر النقاشات السياسة شراسة منذ عقود حول المسألة المتعلقة بالموقف الألماني من الحرب الروسية -الأوكرانية الآخذة في الاتساع.
ولكن، هل يحاول المستشار الجديد تقليد سلفه أنجيلا ميركل من خلال محاولة الإمساك بالعصا من المنتصف؟ يجادل هابرماس بأن الإجابة هي لا فشولتز محق في تبنيه لنهج متوازن ومحسوب.
إن عدم وجود توافق يضع شولتز أمام العديد من المعضلات ففي واقع الأمر كان حزبه «الديمقراطي الاجتماعي» هو الحزب الذي تبنى منذ فترة طويلة سياسة التواصل البناء مع الاتحاد السوفياتي ومن ثم روسيا «اوستبوليتيك» وهو النهج الذي للأسف أدى إلى أن يصبح المستشار السابق لألمانيا من الحزب الديمقراطي الاجتماعي غيرهارد شرويدر من الأشخاص المأجورين لدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. لقد أقر هابرماس بإن خمسة عقود من الاوستبوليتيك قد تركت إرثاً صعباً حيث دافع عن شولتز ضد الاتهام الموجه له بأنه كان حذراً جداً في مواجهة بوتين.
إن التاريخ وقراءاته في هذا الصدد، يعلمنا الكثير من الدروس والعبر، إذ لا بد من أن نتعلم من كثير المواقف ونأخذ بها بوصفها عبراً أساسية.
فبينما يجادل أحد الأطراف بإن «السلام السيئ» (مكافأة المعتدي) هو أفضل من استمرار الحرب، يجادل الطرف الآخر بأن «الحرب الجيدة» (معاقبة المعتدي) هي الطريقة الوحيدة للتحقق من وجود «سلام مستقر» وبينما واجهت الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وفرنسا تلك المعضلة بالماضي (تذكروا استرضاء رئيس الوزراء البريطاني نيفيل تشامبرلين لهتلر في عام 1938) فإن ألمانيا ليست معتادة على التعامل مع تلك المعضلات الأخلاقية.
ومنذ ظهور الرسائل المفتوحة ازداد الجدل والمزاج العام حدة وتصلبت المواقف وأصبحت جهود هابرماس لتشجيع إجراء مناقشات متوازنة ومحسوبة غير مجدية، وعلى الرغم من أن ألمانيا تتمتع بثقافة غنية فيما يتعلق بإجراء المناقشات، إلا أنها تجنبت مناقشة بعض القضايا لفترة طويلة جدًا.
يفخر السكان بديمقراطيتهم الليبرالية وثقافتهم السياسية السلمية ولم يروا عمومًا أي حاجة للتشكيك في تلك المؤسسات. على الرغم من ضراوة الجدل الدائر في ألمانيا حول الحرب ، إلا أنه يوفر أيضًا الطمأنينة لأنه يحدث ضمن التيار السياسي السائد وليس على الهامش وفي حين أن هناك اختلافات واضحة بين الأحزاب السياسية، إلا أنه يوجد أيضًا دعم كبير لكل توجه داخل كل منها.
لقد كان كاتبا الرسائل شفارتزر وفوكس يُعتبران في الماضي جزءًا من الثقافة الألمانية المضادة ولكنهما الآن يجدان نفسيهما في قلب العمل السياسي. لقد قدّما للبلد خدمة عظيمة من خلال إجبار الألمان على التفكير في تداعيات الالتزامات السياسية التي يتم اختبارها أخيرًا.
*أستاذ مساعد للرعاية الاجتماعية في كلية لوسكين للشؤون العامة بجامعة كاليفورنيا لوس أنجلوس، وأستاذ علم الاجتماع في كلية هيرتي للإدارة العامة في برلين.