Dubai Digital Authority - هيئة دبي الرقمية

Contrast

Use toggle below to switch the contrast

Contrast

Read Speaker

Listen to the content of the page by clicking play on Listen

screen reader button

Text Size

Use the buttons below to increase or decrease the text size

A-
A
A+

التضخم حين يكون نتاجاً للحروب

المصدر: نورييل روبيني

ارتفعت معدلات التضخم بشكل حاد على مدار عام 2022 في مختلف أنحاء الاقتصادات المتقدمة والأسواق الناشئة.

وتشير الاتجاهات الهيكلية إلى أن المشكلة ستصبح عالمية وليست عابرة.

وعلى وجه التحديد، تخوض العديد من البلدان الآن «حروباً» مختلفة - بعضها حقيقي وبعضها مجازي - والتي من شأنها أن تؤدي إلى عجز مالي أكبر، والمزيد من عمليات تحويل الديون إلى أوراق مالية، وارتفاع مستويات التضخم في المستقبل.

يمر العالم بنوع من «الكساد الجيوسياسي». وتُعد منطقة الشرق الأوسط بمثابة برميل بارود.

كما تختلف الولايات المتحدة والصين بشأن تساؤلات حول من سيهيمن على آسيا وما إذا كان سيتم إعادة توحيد تايوان بالقوة مع البر الرئيسي، أي الصين.

بناءً على ذلك، تعمل الولايات المتحدة وأوروبا ومنظمة حلف شمال الأطلسي على إعادة تسليح نفسها، كما هو الحال مع الجميع تقريباً في الشرق الأوسط وآسيا، بما في ذلك اليابان، التي شرعت في أكبر حشد عسكري لها منذ عقود.

لقد أصبحت المستويات المرتفعة من الإنفاق على الأسلحة التقليدية وغير التقليدية (بما في ذلك الأسلحة النووية والإلكترونية والبيولوجية والكيميائية) شبه مؤكدة، وستؤثر هذه النفقات على الخزينة العامة.

ستكون الحرب العالمية ضد تغير المناخ مُكلفة أيضاً - بالنسبة للقطاعين العام والخاص على حد سواء. قد يكلف التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه تريليونات الدولارات سنوياً لعقود قادمة، ومن السذاجة الاعتقاد بأن كل هذه الاستثمارات ستعزز النمو. بعد حرب حقيقية تدمر جزءاً كبيراً من رأس المال المادي في أي بلد، يمكن أن تؤدي زيادة حجم الاستثمارات بطبيعة الحال إلى توسع اقتصادي؛ ومع ذلك، تصبح البلاد أفقر لأنها فقدت حصة كبيرة من ثروتها.

كما أننا نخوض الآن وفي المستقبل حرباً مكلفة ضد الأوبئة. ولأسباب مختلفة - يتعلق بعضها بتغير المناخ - فإن تفشي الأمراض التي قد تتحول إلى أوبئة سيُصبح أكثر تواتراً.

وسواء استثمرت البلدان في تدابير الوقاية من الأزمات الصحية المستقبلية أو تعاملت معها بعد وقوعها، فسوف تتكبد تكاليف أعلى على أساس دائم، وهذا من شأنه أن يزيد من العبء المتزايد المرتبط بالشيخوخة المجتمعية وأنظمة الرعاية الصحية المدفوعة أولاً بأول وخطط المعاشات التقاعدية.

وبحسب التقديرات، فإن عبء الديون غير الممولة ضمناً قريب من مستوى الدين العام الصريح في معظم الاقتصادات المتقدمة.

علاوة على ذلك، سنجد أنفسنا على نحو متزايد نخوض حرباً ضد الآثار التخريبية المترتبة على ما يُسمى بـ«عولمة الروبوتات»: وهي تركيبة تتألف من العولمة والأتمتة (بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والروبوتات) التي تهدد عدداً كبيراً من مهن العُمال والموظفين. ستتعرض الحكومات للعديد من الضغوط لمساعدة أولئك الذين تم التخلي عنهم، سواء من خلال خطط الدخل الأساسي، أو التحويلات المالية الضخمة، أو الخدمات العامة الموسعة إلى حد كبير.

ستظل هذه التكاليف هائلة حتى لو أدى التشغيل الآلي إلى زيادة في النمو الاقتصادي. على سبيل المثال، سيُكلف دعم الدخل الأساسي الشامل الضئيل البالغ 1000 دولار شهرياً الولايات المتحدة حوالي 20 % من ناتجها المحلي الإجمالي.

وأخيراً، علينا أيضاً خوض حرب عاجلة وحاسمة ذات صلة ضد اتساع فجوة التفاوت في الدخل والثروة. خلاف ذلك، فإن القلق الذي يشعر به الشباب والعديد من أسر الطبقة المتوسطة والعاملة سيستمر في إثارة رد فعل عنيف ضد الديمقراطية الليبرالية ورأسمالية السوق الحرة.

لمنع الأنظمة الشعبوية من الوصول إلى السلطة واتباع سياسات اقتصادية متهورة وغير مستدامة، ستحتاج الديمقراطيات الليبرالية إلى إنفاق ثروة هائلة لتعزيز شبكات الأمان الاجتماعي لديها - كما تفعل العديد من الديمقراطيات بالفعل.

إن خوض هذه «الحروب» الخمسة سيكون مكلفاً، وستعمل العوامل الاقتصادية والسياسية على تقييد قدرة الحكومات على تمويلها بفرض ضرائب أعلى.

تُعد نسب الضرائب على الناتج المحلي الإجمالي مرتفعة بالفعل في معظم الاقتصادات المتقدمة - وخاصة أوروبا - وسيؤدي التهرب الضريبي والموازنة إلى زيادة تعقيد الجهود المبذولة لزيادة الضرائب على الدخل المرتفع ورأس المال.

وبالتالي، فإن شن هذه الحروب الحاسمة من شأنه أن يزيد من الإنفاق الحكومي والتحويلات المالية كحصة من الناتج المحلي الإجمالي، ومن دون زيادة متناسبة في الإيرادات الضريبية. سوف ينمو العجز الهيكلي في الميزانية بما يتجاوز حجمه الحالي بالفعل، مما قد يؤدي إلى نسب ديون غير مستدامة من شأنها زيادة تكاليف الاقتراض وتبلغ ذروتها في أزمات الديون، مع ما يترتب على ذلك من آثار سلبية واضحة على النمو الاقتصادي.

وبالنسبة للبلدان التي تقترض بعملاتها الخاصة، سيتمثل الخيار المناسب في السماح بمعدل التضخم المرتفع بخفض القيمة الحقيقية للديون الاسمية طويلة الأجل بسعر فائدة محدد.

* أستاذ فخري للاقتصاد في كلية شتيرن لإدارة الأعمال بجامعة نيويورك، وكبير الاقتصاديين في فريق أطلس كابيتال ومؤلف كتاب «التهديدات الضخمة: عشرة اتجاهات خطرة تهدد مستقبلنا، وكيفية النجاة منها»