Dubai Digital Authority - هيئة دبي الرقمية

Contrast

Use toggle below to switch the contrast

Contrast

Read Speaker

Listen to the content of the page by clicking play on Listen

screen reader button

Text Size

Use the buttons below to increase or decrease the text size

A-
A
A+

على حكومة بايدن وضع برنامج تطعيم شامل الآن

مايكل سبينس

ميلانو ـ تُعدُّ خطة الرئيس الأمريكي جو بايدن لإنهاء جائحة كوفيد 19 وتسريع الانتعاش الاقتصادي خُطة جيدة التصميم وشاملة وذات أهداف وأولويات واضحة. لكن تنفيذها لن يكون سهلاً، خاصة أنها تعتمد على التوزيع السريع للقاح.

لقد أحدثت هذه الجائحة أضرارًا بعيدة المدى. في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، قدّر لورانس سامرز وديفيد إم كاتلر أنَّ التكاليف المالية التراكمية الناتجة (بما في ذلك الخسائر من حيث انخفاض الإنتاج وتراجع الخدمات الصحية) في الولايات المتحدة تتجاوز 16 تريليون دولار - نحو 90٪ من الناتج المحلي الإجمالي السنوي. بالنسبة لأسرة مُكونة من أربعة أفراد، فإنَّ الخسارة المقدرة - بما في ذلك انخفاض الدخل وتكاليف حياة أقصر وأقل صحة - تبلغ نحو 200.000 دولار.

لكن هذه التكاليف ليست مُوزعة بالتساوي. فقد عانى أولئك الذين يعيشون في أدنى 50٪ من توزيع الدخل والثروة أكثر من غيرهم، الأمر الذي أدى إلى تفاقم عدم المساواة الاقتصادية المرتفعة بالفعل.

علاوة على ذلك، أسفرت الجائحة عن أزمة حادة في قطاع التعليم، لاسيما بالنسبة للأطفال الصغار. لا يمكننا حتى الآن معرفة الآثار طويلة الأجل المترتبة على إغلاق المدارس والتعلُّم عن بعد على التنمية المعرفية والاجتماعية للشباب. لكن من الآمن افتراض أنه كلما طالت فترات الانقطاع، أصبحت العواقب أكثر خطورة.

لحسن الحظ، تأخذ خطة بايدن كل هذه الأمور بعين الاعتبار. كما ترى أيضًا أنَّ الطريقة الوحيدة لتحقيق الانتعاش الاقتصادي الكامل (وإعادة الطلاب إلى المدارس) تكمن في السيطرة على فيروس كوفيد -19 وبأقصى سرعة.

تُعدُّ العديد من القطاعات الأكثر عرضة لانخفاض الطلب خلال أزمة وباء كوفيد-19 كثيفة العمالة، والتي تشمل السفر والسياحة والضيافة والأنشطة الرياضية والمتاحف والترفيه. لا يمكن تحقيق الانتعاش في قطاع التوظيف ما دامت هذه القطاعات تُواجه تحديات هائلة. ولن تتغلب على هذه الصعوبات إلا عندما يتم تنفيذ تدابير الصحة العامة بأمان.

والخبر السار هو أنه بناءً على تجربة الاقتصادات الآسيوية التي تمكَّنت من احتواء الفيروس، بمجرد استئناف الأنشطة الاقتصادية بالكامل، سيكون الانتعاش قويًّا. تُدرك خطة بايدن أيضًا أنَّ من شأن البرامج المالية الموجهة بشكل جيد والتي تحد من الأضرار الإضافية التي تلحق بتمويل الأسر والشركات تعزيز هذه النتيجة.

إذا نظرنا إلى احتواء فيروس كورونا المستجد والقضاء عليه كاستثمار في الانتعاش الاقتصادي، فإن معدل العائد سيكون ضخمًا. يُشير تتبع البيانات عالي التردد التابع لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى أنَّ الانتعاش في الولايات المتحدة قد توقَّف عند مستوى محدود يقارب 8-10٪ من الناتج المحلي الإجمالي، أو 1.9 تريليون دولار سنويًّا. لكن التوزيع السريع للقاح (في غضون 6-9 أشهر) سيحقق فوائد اقتصادية لا تقل عن تريليون دولار. بعبارة أخرى، فإن برنامج التطعيم الفعّال الذي يكلف الحكومة الفيدرالية 500 مليار دولار سيُحقق معدل عائد سنوي بنسبة 100٪ (إضافة إلى الأرواح التي سيتم إنقاذها والمزايا الأخرى).

لا شكَّ أنَّ توزيع اللقاح على نطاق واسع هو السبيل الوحيد أمام الولايات المتحدة من أجل احتواء تفشي فيروس كوفيد-19. لقد بات هذا الأمر واضحًا خلال العام الماضي، حيث فشلت الغالبية العظمى من البلدان (باستثناء عدد قليل من بلدان آسيا) في السيطرة على فيروس كورونا باستخدام وسائل أخرى.

هل ستنجح خطة التطعيم التي وضعها الرئيس بايدن؟ على الرغم من صياغة الخطة من قبل خبراء علميين، إلا أنَّ التوزيع السريع للقاح له تحديات هائلة في مجال التنفيذ. للتغلب على هذه التحديات، سيتعين على بايدن التعامل مع جائحة كوفيد-19 إلى حد كبير كما لو كانت حربًا.

في زمن الحرب، يضع القادة المدنيون أهدافًا عسكرية، ويحدّدون ما يتطلبه الأمر - من حيث العتاد، والتصنيع، والخدمات اللوجستية - لتحقيق هذه الأهداف. ثمَّ تتم إعادة توزيع موارد الاقتصاد وفقًا لذلك، حتى لو تسبَّب ذلك في اضطرابات ونقص في القطاعات المتضررة. يتم تطبيق نظام التقنين، حيث تضمن ضوابط الأسعار ألا تؤدي قيود العرض إلى زيادة التضخم.

من الواضح أنَّ الولايات المتحدة تخوض حربًا ضد فيروس كورونا المستجد. لكن الأنظمة القائمة - العامة والخاصة على حد سواء - لتحقيق ما هو مطلوب للفوز ضعيفة ومُجزأة وغير مُنسقة بشكل خاص. لقد ورثت إدارة بايدن وضعية فوضوية غير مُنظمة ولا مركزية. سوف تعتمد على قيادة اتحادية موسعة وموثوقة، مدعومة بتمويل حكومي، للتغلُّب على أوجه القصور هذه. هذه بداية موفقة. لكن النتيجة ستعتمد على كيفية ممارسة تلك القيادة الفيدرالية.

بداية، يجب على بايدن الاستعانة بمساعدة المسؤولين ذوي الخبرة في العمليات واللوجستيك وتقديم الخدمات، والذين يمكنهم العمل مع شركاء من القطاع الخاص لخلق الحوافز المناسبة. هذه ليست من خصائص الحكومة القوية. لكن الجيش بارع في هذا المجال. يجب الاستفادة من خبرته.

بمساعدة هؤلاء الخبراء، يتعيَّن على الحكومة الاتحادية تأمين إمدادات كافية لتحقيق أهداف التطعيم الطموحة. قد تحتاج أيضًا إلى إنشاء قنوات توزيع جديدة لتكملة القنوات الحالية.

وفي الوقت نفسه، يجب على الحكومة الفيدرالية اتخاذ القرار حول كيفية إعطاء الأولوية للوصول إلى اللقاح، وضمان اتساق النظام على جميع المستويات. وبخلاف ذلك، ستُواصل الولايات والبلديات ومقدمو الرعاية الصحية في العمل بشكل مستقل - مع عواقب اقتصادية وأخلاقية وخيمة. على سبيل المثال، أدت السياسات المتضاربة بين مختلف مستويات الحكومة والمشاركين الآخرين بالفعل إلى التخلص من الجرعات غير المستخدمة، بينما يكافح آخرون لتلبية الطلب.

علاوة على ذلك، تُقوض مُخططات تحديد الأولويات المختلفة مفاهيم العدالة وتؤدي إلى محاولات غير مُنظمة للحصول على التطعيم في وقت مُبكر. تمَّ الإبلاغ بالفعل عن أنَّ عملية توزيع اللقاح تسير بشكل سريع. آخر شيء تحتاجه الولايات المتحدة التي تُعاني من انقسام شديد وانعدام المساواة هو ظهور أسواق ثانوية تسمح للناس بشراء مقاعد في مقدمة الصفوف.

في الواقع، يجب على إدارة بايدن ضمان توفير جميع جرعات اللقاح مجانًا. ويجب أن تُعالج إستراتيجيتها تأثير الافتقار إلى التأمين الصحي الشامل ومتطلبات الإقامة المحلية على قدرة الناس للحصول على اللقاح.

وأخيرًا، يتعيَّن على الحكومة ضمان موثوقية أنظمة إدارة اللقاحات، بغض النظر عن عدد المستخدمين الوافدين عليها. لا يمكننا مواصلة تكرار تجربة الربيع الماضي، عندما ثبت أنَّ العديد من أنظمة البطالة في الولايات المتحدة عاجزة عن التعامل مع الزيادة المفاجئة في طلبات تلقي إعانات البطالة.

إنَّ بايدن غير مسؤول عن الأزمات التي يواجهها في بداية فترة رئاسته. لقد وعد بالفعل بتجنُّب العديد من أخطاء سلفه - بدءًا من بناء إستراتيجيته الخاصة لمكافحة الوباء بناءً على الخبرة العلمية، واستعادة الدور المركزي للحكومة الاتحادية. ومع ذلك، يتعيَّن على الحكومة الآن وضع برنامج تطعيم شامل، والاستعانة بالخبرة الكافية في مجال الإدارة والعمليات. بدون ذلك، حتى أفضل الخطط التي وضعها بايدن قد تكون بعيدة المنال.

 ترجمة: موحى الناجي    Translated by :Moha Ennaji

مايكل سبينس حائز جائزة نوبل في الاقتصاد، وأستاذ فخري بجامعة ستانفورد وزميل أول في معهد هوفر.

حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2021.
www.project-syndicate.org