Dubai Digital Authority - هيئة دبي الرقمية

Contrast

Use toggle below to switch the contrast

Contrast

Read Speaker

Listen to the content of the page by clicking play on Listen

screen reader button

Text Size

Use the buttons below to increase or decrease the text size

A-
A
A+

بريطانيا وخريطة الاقتصاد المستقبلي

يتفرع فكر السوق الحر من العديد من العلوم، ويعتقد آدم سميث أنه كان فرعاً من الفلسفة الأخلاقية، ويرى آين راند أنه كان فرعاً من فلسفة «البوب».

وكان ميلتون فريدمان نفسه أول من يعترف بأن رأسمالية السوق الحرة مثالية.

ومن المؤكد أن هناك جانباً من الخيال في فكرة أن مجرد تحرير رأس المال من جميع القيود من شأنه أن يؤدي إلى مجتمع حر ومزدهر.

ولكن أي شخص يقرأ كتاب «بريطانيا أنتشايند»، Britannia Unchained - بيان عام 2012» الذي كتبته رئيسة الوزراء البريطانية، ليز تراس، ووزير الخزانة، كواسي كوارتنغ، بتعاون مع نواب محافظين آخرين، سيجد فيه بدلاً من ذلك رؤية بائسة بصورة ملحوظة لاقتصاديات السوق الحرة.

وتناقش تراس وكوارتنغ والمؤلفون المشاركون جملة قضايا في المجتمع البريطاني، ويركزون على «روح حدودية» يمكنها الاستفادة من النمو الذي تمتعت به الولايات المتحدة عند تأسيسها.

ويقارن المؤلفون بين سائقي سيارات الأجرة الذين يعملون بجد وبين سائقي مترو الأنفاق النقابيين، الذين يسمونهم «المتجولين» المستفيدين من «معاشات تقاعد القطاع العام» ويصفونهم بـ«كسالى العالم». ويعرض المؤلفون لجملة تحديات مجتمعية واقتصادية متفرعة.

وهنا ،تجدر الإشارة إلى أن عمال النقل العام في لندن خرجوا للعمل وتوفوا بأعداد كبيرة خلال جائحة كوفيد 19، في حين أن العديد من سائقي سيارات الأجرة لم يستأنفوا العمل، ما أدى إلى نقص حاد في سيارات الأجرة، ولكن أعضاء المجتمع الأساسيين ليسوا سائقي سيارات الأجرة، على أي حال.

ويقول مؤلفو الكتاب إن هذه الصفة تنطبق على أصحاب رؤوس الأموال الذين يتمتعون بـ«الوقاحة» التي تجعلهم يتحملون مخاطر كبيرة.

ويشعر المؤلفون بالقلق من كون الشباب البريطانيين لا يتبعون نموذج هؤلاء القراصنة الرأسماليين الشجعان، بل نجوم تلفزيون الواقع، الذين يرون أنهم يقوضون أخلاقيات العمل في المملكة المتحدة. ويعد برنامج «The Apprentice»، وهو البرنامج التلفزيوني الذي يرجع له الفضل في شهرة دونالد ترامب، استثناءً، يبدو أن المؤلفين يعتقدون أنه مرتجل.

وينبغي لجميع البريطانيين الشباب أن ينظروا إلى أصحاب رؤوس الأموال الجريئين الذين، كما يرى المؤلفون، أنشأوا وادي السيليكون وخلقوا الازدهار التكنولوجي في إسرائيل.

أيها الشباب البريطانيون، دونوا هذه النقطة: إن الأمر يتطلب 1-5 ملايين جنيه إسترليني (1.1-5.7 ملايين دولار) لإحداث تأثير إذا كنت رأسمالياً مغامراً، وتبلغ قيمة أصول متوسط صندوق رأس المال الاستثماري ما يقارب 20 مليون جنيه إسترليني. ولا يفوت المؤلفون تناول الكثير من المسائل ذات الأبعاد المزدوجة في المجتمع.

ولكنهم في العموم يحصرون كل الاهتمام بالبحث والشخصيات الواقعية، فهم يشيدون بوادي السيليكون في كاليفورنيا، ووادي السيليكون في إسرائيل.

إلا أننا من الواجب أن نلفت أيضا في الصدد إلى أنه من المعروف، على سبيل المثال، أن وادي السيليكون يدين بوجوده للجيش الأمريكي، إذ انطلقت شركة «IBM»، و«Varian Medical Systems» بفضل العقود الحكومية، والتعليم والبحث الممولين من الاتحاد والولاية، ولم يظهر أصحاب رؤوس الأموال إلا بعد تلك الاستثمارات الحكومية الأولية.

ويستعرض الكتاب اقتصاد الصين السريع النمو. وينتهي الكتاب بوصف البرازيل، من بين جميع الأماكن، على أنها نموذج «متفائل» ينبغي أن تتبعه بريطانيا للنهوض بمستقبلها.

إن الكتاب يقرأ في واقع المجتمع والاقتصاد البريطاني، ولكنه في العموم، يحاول عرض أمثلة ونماذج عالمية متنوعة، وهي ربما لا تناسب سمات المجتمع البريطاني وطبيعة اقتصاده وملامح تطوره التاريخية.

* أستاذ الفلسفة والتاريخ والمحاسبة بجامعة جنوب كاليفورنيا، وهو مؤلف كتاب Free Market The History of an Idea (Basic Books, 2012)