Dubai Digital Authority - هيئة دبي الرقمية

Contrast

Use toggle below to switch the contrast

Contrast

Read Speaker

Listen to the content of the page by clicking play on Listen

screen reader button

Text Size

Use the buttons below to increase or decrease the text size

A-
A
A+

تمويل إضافي للقضاء على شلل الأطفال نهائيا

ميندا دنتلر

نيويورك - نشأت في الهند، ولذلك لم أتمكَّن من الحصول على لقاح شلل الأطفال. لقد أصاب هذا المرض ساقي عندما كنت طفلة. ونتيجة لذلك، خضعتُ للعديد من العمليات الجراحية ولم أستطع المشي بدون دعامات وعكازين للساق. قصتي ليست فريدة من نوعها. عندما تأسَّست المبادرة العالمية للقضاء على شلل الأطفال (GPEI) في عام 1988 (كنت في العاشرة من عمري)، أصاب المرض ما يقدر بنحو 350.000 طفلاً في جميع أنحاء العالم بالشلل كل عام.

وبعد أربعة وثلاثين عامًا، كادت حملات التحصين أن تنجح في القضاء على شلل الأطفال بشكل نهائي. ولكن ما لم نقم بتمويل حملات تطعيم جديدة اليوم، فإننا نخاطر بعودة ظهور المرض مُجددًا.

لعبت المبادرة العالمية للقضاء على شلل الأطفال - التي تنسق جهود العاملين في الخطوط الأمامية والمجتمعات والحكومات الوطنية والشركاء العالميين للمساعدة على تلقيح الأطفال - دورًا رئيسًا في الحد من حالات شلل الأطفال وتقود الآن الحملة الرامية إلى القضاء على المرض إلى الأبد. ومنذ عام 1988، ساعدت المبادرة العالمية للقضاء على شلل الأطفال على تحصين ثلاثة مليارات طفل ضد شلل الأطفال، وتمكن أكثر من 20 مليون شخص كانوا سيُصابون بالشلل لولا ذلك من المشي.

لكن المعركة لم تنتهِ بعد. فقد أبلغت باكستان وأفغانستان، وهما دولتان لا يزال شلل الأطفال متوطنًا/منتشرًا فيهما، عن تسجيل خمس حالات فقط من فيروس شلل الأطفال البري في عام 2021 وثلاث حالات حتى الآن في عام 2022. قد يبدو ذلك مشجعًا، لكن وجود شلل الأطفال في أي مكان يمثل تهديدًا للأطفال في كل مكان، وقد أظهرت جائحة فيروس كوفيد 19 مدى سرعة انتشار الأمراض المعدية في جميع أنحاء العالم.

إنَّ المشكلة خطيرة بشكل خاص، وبالنظر إلى أنَّ جهود القضاء على شلل الأطفال الممولة من جانب المبادرة العالمية للقضاء على شلل الأطفال قد توقَّفت خلال الجائحة من أجل تحويل الموارد لمساعدة البلدان على الاستجابة لفيروس كورونا المستجد. أدى تعليق حملات تطعيم شلل الأطفال وتعطيل التحصين الروتيني إلى عدم تلقي ملايين الأطفال للتلقيحات اللازمة. ونتيجة لذلك، أصيب حوالي 2000 طفل في العامين الماضيين بالشلل بسبب انتشار فيروس شلل الأطفال الدائر المشتق من اللقاحات من النمط 2 (CVDPV2) - وهو متغيِّر يمكن أن يظهر في المجتمعات التي تعاني من ضعف المناعة - في أجزاء من إفريقيا وآسيا وأوروبا.

لذلك، على الرغم من أننا نقترب من القضاء على شلل الأطفال بنسبة 99٪، فإنَّ المرحلة النهائية لتحقيق صفر حالات قد تكون صعبة. ولهذا السبب، أطلقت المبادرة العالمية للقضاء على شلل الأطفال خطة طموحة بقيمة 4.8 مليارات دولار خلال أسبوع التحصين العالمي الأخير للمساعدة على القضاء على شلل الأطفال على مستوى العالم بحلول عام 2026.

تُركز الإستراتيجية على تلقيح 370 مليون طفل سنويًّا ضد شلل الأطفال خلال السنوات الخمس المقبلة. كما تتوخّى زيادة إدماج التحصين ضد شلل الأطفال في الخدمات الصحية العامة في المجتمعات المحلية؛ والعمل مع قادة المجتمع ورجال الدين والمؤثرين لكسب الثقة، وتعزيز قبول تلقي اللقاح، ومعالجة المعلومات المضللة؛ وتحسين مراقبة الأمراض والاستجابة لها.

كما يُحقِّق الاستثمار في القضاء على شلل الأطفال أيضًا فوائد أوسع نطاقًا، ليس أقلها تعزيز الهياكل الأساسية للرعاية الصحية وتوفير جرعات التلقيح الروتينية وغيرها من الخدمات الصحية المتكاملة في المجتمعات المحلية المحرومة من الخدمات. لقد ساعد برنامج شلل الأطفال على حماية العالم من تهديدات العديد من الأمراض الناشئة من خلال الكشف عن تفشي أمراض مثل الحصبة والحمى الصفراء والإيبولا والاستجابة لها.

ساعدت المبادرة العالمية للقضاء على شلل الأطفال والشركاء فيها في تطوير وتنفيذ لقاح شلل الأطفال الفموي النوع الثاني المطور - NOPV2 - للمساعدة على وقف تفشي شلل الأطفال المشتق من النوع 2. وعلى وجه الخصوص، ساعدت شبكة المراقبة القوية التابعة للمبادرة العالمية للقضاء على شلل الأطفال في تنسيق استجابات الصحة العامة لفيروس كوفيد 19 في 50 دولة في إفريقيا والشرق الأوسط وآسيا. ويشمل ذلك تقديم اللقاحات واكتشاف الحالات ورصدها، وتتبع المخالطين، ورفع الوعي بشأن خطورة الفيروس.

يتعيَّن تمويل وتنفيذ هذه السنوات الخمس الأخيرة من جهود القضاء على شلل الأطفال - التي تقدر تكلفتها بأقل من مليار دولار سنويًّا. تحذر المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها من أنَّ الحد من جهود استئصال شلل الأطفال يمكن أن يتسبَّب في عودة ظهور المرض على مستوى العالم، مما قد يؤدي بعد عشر سنوات من الآن إلى إصابة ما يصل إلى 200.000 طفل بالشلل سنويًّا، وهو ما من شأنه أن يزيد إلى حد كبير من تكاليف السيطرة على المرض وعلاج الناجين. وقد أشار تيدروس أدهانوم غيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، إلى أنَّ القضاء على شلل الأطفال فعال للغاية من حيث التكلفة ويمكن أن يوفِّر تكاليف اقتصادية تفوق 33 مليار دولار.

لا يسع العالم أن يتخلّى عن الكفاح من أجل القضاء على شلل الأطفال وتبديد أكثر من ثلاثة عقود من التقدم. وقد ذكر نيلز أنين، سكرتير الدولة البرلماني لوزيرة التعاون الاقتصادي والتنمية الألمانية سفينيا شولز: "من الأهمية التزام جميع الجهات المعنية الآن بضمان إمكانية تنفيذ إستراتيجية الاستئصال الجديدة بالكامل". "ولا يمكننا النجاح إلا إذا جعلنا استئصال شلل الأطفال أولويتنا المشتركة".

إنَّ أمام العالم فرصة للقضاء على شلل الأطفال في السنوات الخمس المقبلة حتى لا يعاني أي طفل مثلي من مرض يمكن الوقاية منه تمامًا. لكن هذا لن يحدث بدون تمويل استراتيجية لاستئصال هذا الداء بالكامل.

ميندا دنتلر هي زميلة في معهد آسبن للأصوات الجديدة لعام 2017، وناجية من شلل الأطفال، ومدافعة عن الصحة العالمية، وأول رياضية على كرسي متحرك تكمل بطولة العالم للرجل الحديدي في كونا، هاواي.

حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2022.
www.project-syndicate.org