Dubai Digital Authority - هيئة دبي الرقمية

Contrast

Use toggle below to switch the contrast

Contrast

Read Speaker

Listen to the content of the page by clicking play on Listen

screen reader button

Text Size

Use the buttons below to increase or decrease the text size

A-
A
A+

تخضير وقود الطهي الإفريقي

براين مليكة

نيروبي ــ بينما تتسابق دول العالم من أجل تحقيق هدف صافي انبعاثات الكربون صِفر، تركِّز معظم المناطق جهودها على قطاع الطاقة. لكن في إقليم إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، يشكِّل وقود الطهي تحديًا أكبر. وإذا كان لإفريقيا أن تحقِّق أهدافها فيما يتعلَّق بخفض الانبعاثات، يجب على الأفارقة إيجاد طريقة نظيفة وبتكلفة معقولة لإعداد الطعام.

يستخدم أكثر من 80٪ من سكان إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى الفحم أو الكيروسين أو الحطب للطهي. ينتج هذا الوقود الكربون الأسود، وهو أحد أكبر العناصر المساهمة في تغيُّر المناخ بعد ثاني أكسيد الكربون.

الحق أنَّ هذه الأنواع من الوقود لا تضرُّ بالكوكب فحسب. حيث يسهم التلوث المنزلي الناجم عن استخدام وقود الطهي التقليدي في حدوث أكثر من 500000 حالة وفاة مبكرة سنويًّا في المنطقة. كما يؤدي إلى إعاقة النمو وزيادة خطر الإصابة بعدوى الجهاز التنفسي لدى الأطفال دون سن الخامسة. ومع النمو السكاني في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 2.7٪ سنويًّا، ستزداد المشكلات المرتبطة بوقود الطهي سوءًا حتى نجد خيارًا أنظف وأكثر أمانًا.

اقتُرح العديد من أنواع الوقود الجديدة، من الإيثانول الحيوي إلى الكهرباء المولدة عن طريق الطاقة الشمسية. لكن لتحديد أفضل بديل، ينبغي أن يُشارك مستخدمو هذا الوقود في المناقشة. فلن يستخدم العامَّة وقودَ طهيٍّ صديقًا للبيئة ما لم يكن منخفض التكلفة ويسهل الوصول إليه.

تتمثَّل إحدى الطرق التي يُمكن اتباعها من أجل تضمين وجهات نظر هؤلاء المستخدمين فيما يسمّى بالتفكير التصميمي. يعتمد هذا النهج، الذي استُخدم بنجاح في العديد من سياقات البلدان النامية، على التعاون بين مديري المشاريع، والمهندسين، والمجتمعات المحلية لإيجاد الحل المناسب لمشكلة محددة.

في البرازيل، اتبع الصندوق العالمي للطبيعة (WWF) نهج التفكير التصميمي لخلق فرص عمل في القرى النائية الموجودة على الخطوط الأمامية في معركة مكافحة تغيُّر المناخ وخسارة التنوُّع البيولوجي. حيث أشرك أعضاء الصندوق القادة المحليين في مسألة تحديد الطريقة التي يُمكن من خلالها توظيف السكان للحفاظ على الغابات المهددة بالانقراض باستخدام تقنيات إدارة الموارد التقليدية. وبالمثل، نسقت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة جهودها مع الشعوب الأصلية لنشر ورقة بيضاء تصف كيف يُمكن أن توفِّر طرق الإنتاج التقليدية منصة للانطلاق نحو تحقيق نظم غذائية مستدامة.

حري بالقادة في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى أن يستفيدوا من هذه الأمثلة لإشراك المجتمعات في رحلة البحث عن مصادر أنظف لوقود الطهي. الواقع أنَّ بعض التجارب جارية بالفعل. حيث تعمل مجموعة شبابية في كيبيرا، أكبر حي فقير في إفريقيا، على إعادة تدوير نفايات الطعام القابلة للتحلل الحيوي لإنتاج نوع من وقود الطهي لا تصدر عنه انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. لكن السكان لاحظوا أنَّ إنتاج الغاز الحيوي يُنتج رائحة كريهة أثناء عملية التخمير ــ وهي مشكلة خطيرة في هذه المنطقة المكتظة بالسكان. واستجابة لذلك، اقترح السكان وضع مزيلات روائح طبيعية مثل الخل حول مناطق التخمير.

يبين برنامج الشراكة الإفريقية للغاز الحيوي كيف يمكن تحسين فكرة جيدة بالفعل من خلال التفكير التصميمي. قدَّم هذا البرنامج للأسر الريفية أجهزة تحليل حيوي لتحويل النفايات إلى وقود للطهي. وفي حين نجح البرنامج في خفض استهلاك الوقود وحالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي، إلا أنَّ العديد من المزارعين الذين اعتمدوا على التمويل لشراء أجهزة التحليل الحيوي لم يتمكّنوا من سداد القروض في الوقت المحدد. إذن، حسَّنت أجهزة الهضم الحيوية من جودة الحياة بالنسبة إلى المزارعين وأسرهم، لكنها لم تسهم في توفير دخل إضافي لهم. في هذا السياق، ربما كان من الممكن رصد هذه المشكلة في وقت مبكر إذا أُشرِك المزارعون في عملية تطوير البرنامج، وربما دفع ذلك وكالات التنمية إلى إنشاء برنامج مِنَح لتعويض النفقات المدفوعة مقدمًا.

في الواقع، ستستفيد إفريقيا بطريقة أخرى من إيجاد وقود طهي أخضر ميسور التكلفة؛ يمكن أن يوفِّر إنتاج مثل هذا الوقود وظائف لملايين الشباب الأفارقة الذين هم على وشك الانضمام إلى القوى العاملة. بحلول عام 2050، من المتوقع أن يرتفع عدد الأفارقة الذين تقل أعمارهم عن 24 عامًا بنسبة 50٪. وفي كل عام على مدار العقد المقبل، سيتقدم ما يصل إلى 10-12 مليون شاب إفريقي إلى سوق العمل الذي لا يستوعب حاليًّا سوى 3.1 ملايين منهم.

نما عدد الأشخاص العاملين على مستوى العالم في قطاع الطاقة المتجددة بشكل مطرد في العقد الماضي. حيث يوفِّر المجال فرصًا لكلٍّ من العمالة الماهرة وغير الماهرة، ويحقِّق توازنًا أفضل بين الجنسين مقارنة بالإنتاج التقليدي للطاقة. لكن في حين جرى توظيف 12 مليون شخص في إنتاج الطاقة الخضراء في عام 2020، إلا أن 2.5٪ فقط منهم يعيشون في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

بحلول عام 2050، من المتوقَّع أن يتضاعف عدد سكان إفريقيا ــ ليشكِّل مجموعهم ربع سكان العالم. ستمثّل المدن أكثر من 80٪ من هذه الزيادة ــ وسيعيش معظم هؤلاء السكان في أحياء فقيرة مزدحمة. من خلال إطلاق المبادرات المناسبة، يمكن أن تمثّل الطاقة الخضراء شعاع أمل بالنسبة إلى فقراء الحضر. في المناطق الريفية من إفريقيا، يساعد تركيب الألواح الشمسية على خلق فرص عمل جديدة. وفي المناطق الحضرية، من شأن الاستثمار في صناعات مثل إنتاج الغاز الحيوي أن يقلِّل من انبعاثات الكربون ويزيد من فرص العمل.

أخيرًا، ينبغي للقادة الأفارقة وشركائهم الدوليين أن يُشرِكوا المجتمعات المحلية في تحديد وتصميم وتنفيذ الحلول الصحيحة لمشكلة الاستخدام الواسع النطاق لمصادر وقود الطهي الخطِرة. وهذا أقل ما يُمكن أن تتطلبه صحة شعوب إفريقيا ــ وصحة كوكب الأرض.

ترجمة: معاذ حجاج                   Translated by: Moaaz Hagag

براين مليكة مؤسس One More Percent، وهي منظمة غير ربحية تعمل من أجل تحسين صحة النساء الشابات والفتيات.

حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2022.
www.project-syndicate.org