مكافحة إزالة الغابات على الأرض

بيدرو فريزو

 

ساو باولو- إنَّ حماية المناطق الإحيائية والمحافظة عليها وخاصة الغابات الاستوائية المطيرة يعدُّ أمرًا حيويًّا لأهداف المناخ، وخاصة في بلدان تتمتَّع بوفرة من الغطاء الحرجي. ولكن مهما يكن من أمر فإنَّ بيانات المراقبة الأخيرة تظهر إزالة الغابات بشكل كبير في العديد من تلك المناطق بما في ذلك المناطق الأكثر شمولًا.

 

لقد أشار المعهد الوطني البرازيلي لأبحاث الفضاء في أكتوبر 2021 إلى تسجيل أعلى مستوى من خسارة الغابات في الأمازون في ذلك الشهر منذ أن بدأت المراقبة قبل خمس سنوات، والمشكلة لا تقتصر على الأمازون. لقد خسرت ثاني أضخم غابة استوائية على مستوى العالم، حوض نهر الكونغو أكثر من 15 مليون هكتار أو 8% من غطائها الأصلي بين عامي 2001 و2020.

 

إنَّ الأهداف العالمية من أجل الترويج للتنوع البيئي مثل تلك الأهداف التي تمَّ الاتفاق عليها في مؤتمر الأمم المتحدة لتغيُّر المناخ (مؤتمر الأطراف 26) تعدُّ حيوية من أجل رفع مستوى الوعي عن خسارة النظام البيئي والتحقُّق من وجود مساءلة على المستوى العالمي، لكن كثيرًا من الأعمال الفعلية المتعلقة بالمحافظة على البيئة يجب بالضرورة أن يتمَّ محليًّا.

 

إنَّ تمكين الناس في تلك المناطق ذات التنوع البيئي حتى يستطيعوا التعايش مع بيئتهم يعدُّ ضروريًّا من أجل التحقُّق من بقاء المناطق الإحيائية المتعلقة بالغابات، ولكن كسب الرزق من الغابات ليس بالمهمة السهلة. إنَّ النشاطات مثل التعدين وقطع الأخشاب هي أكثر ربحية-على الأقل على المستوى القصير- مقارنة بمجالات أخرى مثل إدارة الغابات والزراعة المستدامة والسياحة الصديقة للبيئة.

 

إنَّ المسح الأخير لدينامية استخدام الأراضي في الأمازون البرازيلي، والذي استغرق سنتين يعطينا بعض الأفكار عن كيف يمكن للاعبين الحكوميين وغير الحكوميين الترويج للمحافظة على الغابات على المستوى المحلي. بادئ ذي بدء فإنَّ فهم احتياجات ومخاوف السكان يعدُّ أمرًا حيويًّا فمنظمَّات المجتمع المدني في الأمازون على سبيل المثال أدركت أنَّ الاستقرار الاقتصادي هو الشغل الشاغل للمزارعين في المناطق الريفية، علمًا أنها استخدمت تلك المعلومة من أجل تقديم ممارسات زراعية جديدة قائمة على أحدث التطورات العلمية. إن عمل ذلك أدَّى إلى وجود تعايش بين نشاطات مثل تربية الماشية وإنتاج القهوة وتعافي الغابات.

 

علّمت البرامج الأخرى التي تمَّ وضعها خلال هذه الفترة صغار المزارعين الريفيين تقنيات إدارة الغابات وكيفية إعادة زراعة الأنواع المحلية. لقد قدّم المرشدون الذين يعملون مع المنظمات غير الحكومية المساعدة الفنية للمزارعين وأنشأوا وحدات توضيحية لمساعدة السكان على فهم فوائد الأساليب الجديدة. إنَّ الترويج المتحمَّس للتقنيات، إضافة إلى وجود أدلة على تحسينها للإنتاج تعدُّ عوامل حاسمة في تشجيع المزارعين المحليين على تبنّيها والانخراط في أنشطة حرجية مستدامة.

 

إضافة إلى تقديم ممارسات زراعية صديقة للغابات، تعمل منظمات المجتمع المدني في الأمازون مع تعاونيات المنتجين الصغار من أجل دمج المجتمعات النائية في أسواق أكبر. إنَّ تلك الشبكات تسمح للمزارعين بجني الأموال من الغابات بدون إلحاق الأذى بها، ولكن هذه البنية التحتية تعدُّ هشة؛ فطبقًا للبيانات التي جمعتها مؤسَّسة كونيكسوس كان الدخل السنوي للتعاونيات المستدامة في منطقة الأمازون البرازيلية في عام 2019، والذي يستفيد منه أعضاؤها أقل من نصف الحد الأدنى للأجور في البرازيل لذلك العام، مما يعني أنَّ مثل هذه العوائد المنخفضة تجعل من الصعب جذب المزارعين بعيدًا عن الأنشطة الأكثر ربحية والأقل استدامة.

 

 ومن أجل تبنّي فكرة الغابات المستدامة من قبل سكان المجتمعات المحلية، يجب أن ينظروا إليها كمصدر يمكن التعويل عليه للدخل المستقر، علمًا أنَّ بإمكان المؤسَّسات الحكومية التقليل من التقلبات الاقتصادية وذلك من خلال التشريع والمبادرات.

 

للأسف فإنَّ التغيُّرات الأخيرة بالسياسات تعمل في واقع الأمر على الحد من وجود غابات مستدامة قابلة للحياة في البرازيل. إنَّ الإضعاف التدريجي للهيئات الوطنية المسؤولة عن التحكُّم باستخدام الأراضي ومراقبته هو أحد الأسباب الرئيسة للزيادة الأخيرة في إزالة الغابات ضمن حوض الأمازون، كما أنَّ سياسة الائتمان الريفي في البرازيل لا تقدِّم شيئًا يُذكَر من أجل دعم النشاطات الاقتصادية المستدامة بيئيًّا؛ ففي سنتي 2019 و2020 فقط 3% من التوزيعات التي قدَّمتها المؤسَّسات المالية في منطقة الأمازون كانت موجهة للنشاطات المستدامة ومعظم التوزيعات المتبقية ذهبت إلى صناعات تُعرَف بأنها تلحق الضرر بالنظام البيئي المحلي مثل إنتاج فول الصويا وتربية الماشية على نطاق واسع.

 

إنَّ المنظمات التي يقودها المجتمع تعدُّ حيوية في الترويج للغابات المستدامة ولكن قدرتها على إحداث التغيير محدودة بسبب نقص رأس المال. إنَّ نشاطات مثل تعليم المزارعين في المناطق الريفية المزيدَ من التقنيات المستدامة وإنشاء أسواق تشجِّع على الاستثمار في منتجات الغابات وتطوير أساليب لدمج مجتمعات الأمازون في سلاسل القيمة، هي نشاطات تستهلك الوقت إضافة إلى كلفتها المرتفعة.

 

فالمحافظة على الغابات تعتمد على عدة عوامل مترابطة، حيث إنَّ وجود تشريع لدعم جهود المحافظة على الغابات والمزيد من التمويل لمبادرات مثل تلك المذكورة هنا سوف تساعد في الترويج لأعمال تعدُّ إيجابية للبيئة. ولكن بدون تغييرات هيكلية على المستويين الوطني والمحلي من أجل تمكين سكان المناطق الريفية من كسب عيشهم من النشاطات الحرجية المستدامة، سوف يستمر تدمير المناطق الإحيائية الحرجية الأكثر أهمية على الأرض.

 

 

بيدرو فريزو، عضو في الهيئة التحريرية لسيري نيوز وهو خبير اقتصادي وشريك في معهد كونيكسوس سوستينتافيس - كونيكسوس ، وهو عبارة عن منظمة غير حكومية تركز على تطوير المشاريع الريفية ومشاريع الغابات التي تحافظ على المناطق الإحيائية في البرازيل.

حقوق النشر: بروجيكت سنديكت،2022
www.project-syndicate.org