Dubai Digital Authority - هيئة دبي الرقمية

Contrast

Use toggle below to switch the contrast

Contrast

Read Speaker

Listen to the content of the page by clicking play on Listen

screen reader button

Text Size

Use the buttons below to increase or decrease the text size

A-
A
A+

المزايا الاجتماعية لإنهاء التحيز للأبناء الذكور

نياز أسد الله، نازية منصور، تيريزا راندازو، زكي وهاج

كوالا لمبور / لندن / البندقية / كانتربيري - في معظم بلدان آسيا الناشئة، يظلُّ التحيز المستمر لصالح لأبناء الذكور عائقًا أمام فتح آفاق حياة جديدة للفتيات - وغالبًا ما يعوق الحياة نفسها. أدى اختيار جنس المولود قبل وبعد الولادة، بما في ذلك الإجهاض ووأد الأطفال، إلى اختلالات ديموغرافية كبيرة.

يُسهم تفضيل الأبناء الذكور أيضًا في تفاقم المشكلات الاجتماعية واسعة النطاق. في حين لا يزال غالبية السكان يُفضلون إنجاب الذكور أكثر من الإناث - وهو تفضيل تُعززه التقاليد الثقافية التي يلعب فيها الأبناء الذكور دورًا مهمًّا - تشهد منطقة جنوب آسيا العديد من قضايا العنف المنزلي وزواج الأطفال والوفيات الناجمة عن نزاعات مُتعلقة بالمهر. ويمكن أن تتسبب ثقافة تفضيل الأبناء الذكور عند الآباء في خلق تحديات إضافية للتنمية البشرية.

يتجلى هذا الأمر بشكل أوضح في الهند. لا تزال الفرص التعليمية والاقتصادية المتاحة للفتيان والفتيات غير متكافئة إلى حدٍّ كبير، لأنَّ النمو الاقتصادي السريع في البلاد منذ التسعينيات لم يكن مصحوبًا بتغييرات واسعة النطاق في المواقف تجاء المرأة والقيم الاجتماعية التقليدية. وبسبب اختيار جنس المولود، فإنَّ نسبة الذكور إلى الإناث في البلاد غير متوازنة، مع غياب ملايين الفتيات والنساء من المدارس وسوق العمل.

تشهد هذه المشكلة تعقيدًا متزايدًا. تُعزى مُعظم حالات الوفيات بين الفتيات دون سن الخامسة إلى اختيار جنس المولود بعد الولادة، وقد أدى انتشار تكنولوجيا الموجات فوق الصوتية إلى تفاقم عدم التوازن هذا. ونتيجة لذلك، فقد تضاعفت نسبة النساء "المفقودات" في الهند خلال الخمسين عامًا الماضية. وفقًا لتقرير حالة سكان العالم لعام 2020 الصادر عن صندوق الأمم المتحدة للسكان، هناك ما يصل إلى 46 مليون فتاة مفقودة في الهند وحدها، أي ما يقرب من ثلث المجموع العالمي البالغ 142 مليون فتاة.

يُعدُّ فهم التحيز للأبناء الذكور في مرحلة الخصوبة أمرًا مُهمًّا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، ولاسيما الهدف الرابع (ضمان التعليم الجيد) والهدف الخامس (تحقيق المساواة بين الجنسين)، حيث يساعد على تفسير معاملة الآباء غير المتكافئة للفتيات، خاصة في المناطق الريفية والفقيرة. يجب معالجة الفوارق الكبيرة بين الجنسين في النتائج التعليمية لجنوب آسيا.

تُساعد القواعد الجندرية التقليدية - الرجال بوصفهم مُعيلون للأسر والنساء باعتبارهن ربّات بيوت - على تفسير القيمة الممنوحة للأطفال الذكور، شأنها في ذلك شأن الفوائد الاقتصادية المتصورة لإنجاب الأبناء الذكور (الذين، على سبيل المثال، سيحصلون على مهر بدلاً من تحميل والديهم أعباء دفع المال لعائلة العروس). تدعم هذه الآراء التقليدية عدم المساواة بين الجنسين في التحصيل العلمي، مع مُساهمة الفجوة في زيادة التفاوتات بين الجنسين في الجيل القادم. وعلى النقيض من ذلك، تميل النساء الأكثر تعليمًا إلى أن تكون لديهن أسرًا أصغر، مع إنجاب أطفال أكثر صحة وأفضل تعليمًا.

يتطلب القضاء على التحيز لصالح الأبناء الذكور في الخصوبة المرغوبة، والحد من المعاملة التفضيلية للفتيان، ومعالجة نقص استثمار الآباء في البنات، زيادة الإنفاق على التعليم العام للفتيات. تُقدم بنغلاديش مثالاً للمزايا الاجتماعية الطويلة الأجل لمثل هذا النهج.

في مقال نُشر أخيرًا، قُمنا بتحليل خيارات الخصوبة المرغوبة والفعلية لآلاف النساء البنجلاديشيات في سن الإنجاب. على الرغم من أنَّ قرارات الخصوبة لا تزال تتأثر بتفضيل الأبناء الذكور، فإنَّ نتائجنا تؤكد تراجع الرغبة في إنجاب الذكور. علاوة على ذلك، من المرجح أن ترغب النساء الحاصلات على تعليم ثانوي في تحقيق التوازن بين الجنسين في الخصوبة. تتناقض هذه النتيجة مع دراسة أُجريت عام 1994، والتي أشارت إلى وجود علاقة مُعاكسة بين التعليم الثانوي للأمهات البنجلاديشيات وتفضيل الأبناء الذكور. ما الذي تغير؟

قبل ثلاثة عقود، كانت فُرص النساء البنجلاديشيات المتعلمات لكسب الدخل محدودة، وظلَّ وضعهن الاقتصادي ضعيفًا. في الواقع، لم يكن هناك ما يكفي من النساء المتعلمات لتحويل تفضيل الأبناء الذكور لصالح البنات. ومع ذلك، منذ ذلك الحين، استفاد قطاع تعليم الفتيات من مشروع مساعدة المدارس الثانوية للإناث على الصعيد الوطني، الذي بدأ تنفيذه في أوائل التسعينيات. قدم البرنامج مُساعدات مالية للفتيات وشجعهن على تأجيل الزواج من أجل إكمال تعليمهن. ومنذ ذلك الحين، حذت بنجلاديش حذو جارتها الهند في مجال التعليم الثانوي للفتيات.

علاوة على ذلك، تعمل بنجلاديش اليوم على سد الفجوة الكبيرة بين الجنسين في الالتحاق بالمدارس السائدة في جميع أنحاء جنوب آسيا، مدعومة بالتغيرات في سوق العمل. تزامن تحسن الولوج إلى التعليم مع ازدهار قطاع تصدير الملابس الجاهزة، الذي تعمل فيه الآن ملايين الشابات البنجلاديشيات. وجدنا أنَّ الرغبة في تحقيق التوازن بين الجنسين في الخصوبة كانت أقوى بين النساء اللواتي يعشن في مناطق ذات فرص أكبر للعمل بأجر.

ونتيجة لزيادة مُعدلات تعليم وتوظيف الإناث، يُفسح تفضيل إنجاب الذكور المجال للرغبة في تحقيق التوازن بين الجنسين. وينعكس ذلك في تحسن نسبة الذكور إلى الإناث في بنغلاديش. اليوم، تبلغ نسبة وفيات الإناث الزائدة كنسبة من إجمالي معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة نحو 3٪، مما يُشير إلى انخفاض نسب اختيار جنس المولود قبل وبعد الولادة.

في عام 1992، قام كبير الاقتصاديين السابق بالبنك الدولي لورانس سمرز، بتعريف تعليم المرأة باعتباره الاستثمار الوحيد الأكثر تأثيرًا الذي يمكن تحقيقه في العالم النامي. يؤكد بحثنا هذه النتيجة. إنَّ الدرس السياسي المستفاد من بنجلاديش هو أنَّ الاستثمار في تعليم الفتيات وخلق الفرص الاقتصادية يمكن أن يكون له آثار مهمة بين الأجيال عند الولادة وفي التعليم وما بعده.

نياز أسد الله هو أستاذ اقتصاديات التنمية في جامعة مالايا في كوالالمبور، ورئيس مجموعة جنوب شرق آسيا لمنظمة العمل العالمية. نازيا منصور هي محاضرة في حرم جامعة باريس دوفين بلندن. تيريزا راندازو هي أستاذة مساعدة في جامعة كا فوسكاري في البندقية. زكي وهاج هو أستاذ مُشارك بجامعة كنت.

حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2021.
www.project-syndicate.org