تطبيق "ويز" لمكافحة الفيروسات

سيمون جونسون

واشنطن - يشهد معظم أنحاء الولايات المتحدة ارتفاعًا مُستمرًّا في معدلات الإصابة بفيروس كورونا المستجد. حتى لو نجحت الولايات المتحدة في تقليص تفشي المرض في الجنوب والجنوب الغربي خلال فصل الصيف، فإنَّ التجارب السابقة مع الفيروسات التاجية الأخرى تنصح بالاستعداد لمواجهة موجة كبيرة مُحتملة خلال فصل الخريف المقبل. نحن نعلم ما ينبغي توقُّعه في مختلف أنحاء نصف الكرة الأرضية الشمالي؛ فالعديد من الأشخاص قد يُصابون بالعدوى، لكن كبار السن وأولئك الذين يعانون من أزمات صحية هم الأكثر عرضة لخطر الموت.

يتطلَّب جعل جميع الفئات الضعيفة أكثر أمانًا مع استراتيجيات إجراء فحوصات طبية مُستدامة، مع زيادة الاستعداد لارتداء أقنعة الوجه عند الضرورة، والالتزام بقواعد التباعد الاجتماعي والتوسع السريع للتكنولوجيا ذات الصلة. تتضمَّن هذه التدابير نظامًا مُشابهًا لتطبيق "ويز" (تطبيق مشاركة المعلومات الشهير لحركة المرور على الطرق)، والذي سيزود الجميع بمعلومات أكيدة في الوقت الفعلي فيما يتعلَّق بمكان وجود الفيروس.

ما يزيد من خطورة الفيروس التاجي هو حقيقة أنَّ الناس يمكن أن يكونوا مُصابين بالعدوى دون ظهور أي أعراض عليهم. نتيجة لذلك، حتى البلدان حيث معدل الانتشار منخفض حاليًّا يجب أن تظل على أهبة الاستعداد باستمرار.

يتمثل أحد الاقتراحات الفعّالة في إجراء فحوصات طبية لجميع الأشخاص بوتيرة عالية جدًا للكشف عن الإصابة بالفيروس - قد يقوم بعض أرباب العمل بهذا الإجراء مرتين في الأسبوع. إذا تمَّت هذه العملية من خلال أخذ مسحات من تجويف الأنف (مسحات على شكل حرف Q، تُستخدَم لمسح الجزء الأمامي من الأنف)، فسيُصبح إجراء اختبارات على نطاق واسع مع أخذ العينات الذاتية أمرًا مُمكنًا. (امسح أنفك وسيقوم مختبر فعّال بإجراء الاختبارات).

لكن هذا لا يزال مُكلفًا. لم تنشأ بعد سوق وطنية للاختبار، ولكن الأسعار في نيو إنجلاند تتراوح ما بين 25 دولارًا إلى ما يزيد على 100 دولار لكل اختبار. يُعدُّ الاختبار الجماعي إحدى الطرق الفعّالة لزيادة الكفاءة وخفض التكلفة، ولكن الكفاءة تعتمد على انخفاض احتمالات الإصابة. لحسن الحظ، يحافظ الاختبار المتكرر على انخفاض معدلات الإصابة وبالتالي يُعزّز كفاءة الاختبار الجماعي.

على سبيل المثال، أظهر كل من نيد أوجينبليك وجوناثان كولستاد وزياد أوبرمير وآو وانغ (من جامعة كاليفورنيا في بيركلي) أنَّ الاختبار الجماعي المستمر يمكن أن يخفِّض أسعار الاختبار بنسبة 95٪ أو أكثر. لا يزال من غير الواضح متى سيتم القيام بالاختبارات الجماعية على نطاق واسع من قِبَل المختبرات التجارية، ولكن دعم أنتوني فوسي لهذه الفكرة - وهو مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية وعضو بارز في فرقة عمل البيت الأبيض لفيروسات كورونا - سيُساعد بالتأكيد.

مع ذلك، نظرًا إلى سرعة انتقال الفيروس التاجي بين الأشخاص، فإنَّ اختبار الفيروس الحي قد يكون ضارًّا أو غير مُجدٍ إلى حدٍّ كبير. في نهاية المطاف، بطبيعة الحال، ستظهر أعراض المرض على عدد كبير من الأشخاص وسيحتاجون إلى دخول المستشفى لتلقي العلاج، مما سيجعل تفشي المرض على نطاق واسع واضحًا للغاية. تشهد ولايات أريزونا وتكساس في الوقت الحالي وضعًا مُماثلاً. ولكن ماذا عن ولاية فلوريدا، حيث يرتفع عدد الإصابات التي تمَّ الإبلاغ عنها بشكل حاد، لكن الحاكم يزعم أنَّ هذا يرجع إلى حد كبير إلى زيادة توافر الاختبارات؟

أكد مايكل مينا من مدرسة "هارفارد تي إتش تشان" للصحة العامة، أنَّ الاستخدام الواسع لاختبارات الأجسام المضادة يمكن أن يوفِّر كشفًا منخفض التكلفة لاكتشاف الحالات المصابة بفيروس كورونا المستجد. في حين تبقى الأجسام المضادة في الدم حتى بعد هزيمة مُسبب المرض، فإنَّ اكتشافها يُصبح سهلاً نسبيًّا.

على سبيل المثال، يمكن أن يساعد اختبار الأجسام المضادة على إطلاع الجميع عما يحدث حقًّا في ولاية فلوريدا. لسوء الحظ، هناك العديد من التساؤلات حول الاختبارات المستخدمة في فلوريدا، وكيف يتم الإبلاغ عن البيانات هناك.

اقترح جيجي جرونفال عالم المناعة وكبير الباحثين في مركز الأمن الصحي بجامعة جونز هوبكنز  وزملاؤه إستراتيجية وطنية لاختبارات مصل الدم، والتي تُعدُّ وسيلة فعَّالة للغاية. إنَّ انتشار اختبارات مصل الدم غير المكلفة والدقيقة على نطاق واسع سيكمل هذا النهج. (أنا أعمل على هذا المشروع مع مينا وجاليت ألتر من معهد راجون، وتيس كاميرون من "را كابيتول" كجزء من مشروع المرصد المناعي الخاص بنا).

لكن كيف ينبغي لنا استخدام هذه البيانات؟ على سبيل المثال، نحن نعلم أنَّ أقنعة الوجه تقلل من انتقال الفيروس بنحو 90٪. ولكننا نعلم أيضًا أنَّ العديد من الأمريكيين لن يرتدوا الأقنعة، حتى إذا كان ذلك سيسهم في حماية صحتهم وسيُقلل من مخاطر الإصابة بالعدوى بالنسبة للآخرين (على سبيل المثال، داخل المتاجر).

يمكن استخدام البيانات بشكل أفضل من خلال إخبار الناس بمكان الفيروس الآن – وفي أي وقتٍ يكونون عُرضة لخطر الإصابة. بشكل عام، حتى الأمريكيون الذين يُشككون بشدة في الحكومة يُعيرون اهتمامًا كبيرًا عندما تُصدر السلطات تحذيرًا بقدوم زوبعة أو إعصار.

إنَّ تنبيه الناس إلى توخي المزيد من الحذر - على سبيل المثال، عندما يكون من الضروري حماية أطفالهم عن طريق ارتداء أقنعة الوجه - سوف يساعد على إبقاء المدارس مفتوحة كجزء من حزمة سياسة أوسع على غرار الخطوط التي اقترحها جوشوا شارفستين وكريستوفر مورفيو من جامعة جونز هوبكنز.

هُنا يأتي دور تطبيق "ويز" لمكافحات الفيروسات. مثل السائقين الذين يُبلغون عن حوادث الطرق أو إشارات المرور المعطلة، في مثل هذا النظام، ستقوم الشركات والجامعات والمنظمات الأخرى بمشاركة البيانات - بناءً على نتائج اختباراتهم - ولكن مع "الخصوصية التفاضلية" حتى تكون الهويات الفردية خفية بشكل فعَّال. تمامًا كما هي الحال في تطبيق المرور، من خلال مشاركة المعلومات، يمكنك الوصول إلى صورة أفضل لما يدور حولك في الوقت الحالي. إذا تضمن نظام البيانات هذا نتائج من اختبارات الأجسام المضادة الموثوقة للغاية على نفس المجموعة من الأشخاص مع مرور الوقت، فقد يكون التأثير تحويليًّا.

هذا النظام لا علاقة له بالحكومة التي تقول لكم ما يتعيَّن عليكم القيام به. يتعَّلق الأمر بمشاركة المعلومات مع من حولك - لمساعدتك وحماية عائلتك وتمكين استئناف الحياة الطبيعية متى وأينما أمكن.

 

سيمون جونسون هو الرئيس المشارك لتحالف سياسة جائحة كوفيد 19 وأستاذ في كلية سلون للإدارة بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.

حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2020.
www.project-syndicate.org