منح جائزة نوبل للسلام لحُماة الطبيعة

خوان مانويل سانتوس، سفينيا شولز، كارول ديشبورج، تيريزا ريبيرا، زاك جولدسميث، وباسكال كانفين

بوجوتا - تعرف مساهمات التنوع البيولوجي والطبيعة المقدمة لفائدة الناس في جميع أنحاء العالم انخفاضًا غير مسبوق. كما تتسارع حالات انقراض الأنواع، مع ما يترتب على ذلك من آثار خطيرة على صحة الإنسان والأمن الغذائي والمائي والحد من الفقر.

يتعيَّن علينا أن نُبدي تضامنًا أكبر مع مليون نوع من الحيوانات والنباتات المهددة الآن بالانقراض. تُعدُّ الطبيعة صمام أمان حياة سكان العالم البالغ عددهم 7.8 مليارات نسمة. ومن خلال حماية الطبيعة، سنقوم أيضًا بالدفاع عن مورد اقتصادي لا يمكن الاستغناء عنه. ووفقًا لتقرير صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي في يناير/ كانون الثاني 2020، يعتمد أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي العالمي على "الخدمات الطبيعية" مثل التلقيح بحبوب اللقاح وتنقية المياه ومكافحة الأمراض. وبالتالي، فإنَّ الحفاظ على التنوع البيولوجي والنظم البيئية يُوفِّر الأمن ضد مجموعة واسعة من التهديدات، بدءًا من أزمات الغذاء والمياه إلى الصراعات العنيفة التي تغذيها ندرة الموارد.

 

سيُشكِّل عاما 2021 و2022 مرحلتين حاسمتين في الجهود العالمية الرامية إلى الحفاظ على الطبيعة واستعادتها. لقد مهد المؤتمر العالمي لحفظ الطبيعة- الذي ينظمه الاتحاد الدولي كل أربع سنوات- والذي انعقد في مرسيليا الشهر الماضي، الطريق لمؤتمر الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي في كونمينغ، الصين (الذي سيعقد في جزأين، الأول في أكتوبر / تشرين الأول والثاني في إبريل/ نيسان المقبل). في هذا المؤتمر، من المتوقَّع أن يتبنّى ممثلون من جميع أنحاء العالم إطارًا جديدًا طموحًا لإنقاذ الطبيعة.

ولسوء الحظ، لا يزال هناك نقص كبير في الوعي العام والفهم بشأن تدهور الطبيعة وعواقبه الوخيمة على الأشخاص في جميع أنحاء العالم، والمخاطر التي يشكِّلها على السلام والأمن. وفي حين يُمثّل تغيُّر المناخ تحديًا حاسمًا في عصرنا، إلا أنَّ فقدان التنوع البيولوجي لا يزال مُهملاً نسبيًّا، على الرغم من أنه يُشكِّل أيضًا تهديدًا وجوديًّا عاجلاً للمجتمع البشري.

في الواقع، ترتبط أزمة تغير المناخ ارتباطًا وثيقًا بفقدان التنوع البيولوجي. كلاهما يتسارع، وقد وصل كلاهما بالفعل إلى مستويات غير مسبوقة في تاريخ البشرية. نحن الآن نقف على مفترق الطرق بين الأجيال. تُعدُّ هذه أفضل فرصة مُتاحة أمامنا لمعالجة التحديين معًا كجزء من أزمة مترابطة. سيتطلَّب النجاح في ذلك من المواطنين وصُنّاع السياسات تطوير فهم علمي أفضل للمشكلة، حتى نتمكَّن من ضمان وصاية الطبيعة القائمة على الأدلة والبدء في تنفيذ التغييرات التحويلية اللازمة لتأمين مستقبل أكثر استدامة وسلامًا للناس وللكوكب.

كان منح جائزة نوبل للسلام لعام 2007 للفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ (IPCC) عن عمله العلمي عاملًا أساسيًّا في دفع أزمة الاحترار العالمي إلى مُقدمة أجندة السياسة العالمية. بعد ذلك، أصبح من الصعب على نحو متزايد أن يكسب مُنكرو تغير المناخ الدعم في المناقشات العامة أو في أوساط صُنع السياسات. ينبغي أن نسعى الآن إلى خلق نفس الزخم للتنوع البيولوجي.

وتحقيقًا لهذه الغاية، قمنا بترشيح المنبر الحكومي الدولي للعلوم والسياسات في مجال التنوع البيولوجي وخدمات النظم الإيكولوجية لنيل جائزة نوبل للسلام لعام 2021، والتي سيُعلن عن الفائز بها في الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول.

لعب المنبر الحكومي الدولي للعلوم والسياسات في مجال التنوع البيولوجي وخدمات النظم الإيكولوجية "الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنوع البيولوجي" دورًا رائدًا في جمع أفضل البحوث والأدلة المتاحة حول فقدان التنوع البيولوجي وآثاره في البشرية. واستلهامًا من الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، فقد أثبتت هذه الهيئة نفسها باعتبارها السلطة العالمية الأكثر موثوقية فيما يتعلَّق بالعلم في مجال التنوع البيولوجي، والتي تعمل على تعزيز القاعدة المعرفية العالمية وتزويد صنّاع السياسة بالمعلومات التي يحتاجون إليها لاتخاذ قرارات أفضل وتحديد طموحات أعلى للحفاظ على الطبيعة.

وعلى غرار الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، فقد غطّت أعمال المنبر الحكومي الدولي للعلوم والسياسات في مجال التنوع البيولوجي وخدمات النظم الإيكولوجية مجموعة واسعة من القضايا التي تُؤثر في حياة وسبل عيش الملايين من الناس. وقد سلَّطت الضوء، من بين أمور أخرى، على الأخطار التي تُهدد الملقحات والأمن الغذائي، وعملت على توثيق الاتجاهات في تدهور الأراضي، وتقييم حالة التنوع البيولوجي في كل منطقة من مناطق العالم، مما يُساعد على الحد من خطر انقراض الأنواع.

إنَّ من شأن منح جائزة نوبل للسلام 2021 للهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنوع البيولوجي أن يُرسل إشارة واضحة حول قيمة الطبيعة، وثقتنا بالعلم، والحاجة إلى رؤى ثاقبة من مختلف الأنظمة المعرفية. من شأن ذلك أن يُعزّز الجهود الرامية إلى معالجة أزمة فقدان التنوع البيولوجي وتدهور الأنظمة البيئية في الأوقات الحرجة؛ ويُشجع العلماء في جميع أنحاء العالم الذين يعملون بلا كلل لحل هذه القضايا؛ كما سيساعد على مكافحة تغير المناخ.

لا توجد فرصة أفضل لإقناع العالم أنَّ الطبيعة في حالة طوارئ، وأنَّ العلم لديه الحلول الكفيلة بمعالجتها.

خوان مانويل سانتوس، رئيس كولومبيا الأسبق (2010-18) وحائز جائزة نوبل للسلام لعام 2016. سفينيا شولتز، وزيرة البيئة وحماية الطبيعة والسلامة النووية في ألمانيا. كارول ديشبورغ، وزيرة لوكسمبورغ للبيئة والمناخ والتنمية المستدامة. تيريزا ريبيرا، نائبة رئيس الوزراء الأسباني للانتقال البيئي. زاك جولدسميث، وزير الدولة البريطاني لشؤون المحيط الهادئ والبيئة. باسكال كانفين، رئيس لجنة البرلمان الأوروبي المعنية بالبيئة والصحة العامة والسلامة الغذائية.

حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2021.
www.project-syndicate.org