البنوك وأزمة المناخ وشبكة تخضير النظام المالي
* مارك كليف
من المرجح أن تُقلل ممارسات «تحليل سيناريو المناخ التجريبي» الجديدة التي طبقها بنك الاحتياطي الفيدرالي في الولايات المتحدة مع ستة بنوك رئيسية من مخاطر تغير المناخ والفرص التي يوفرها الانتقال إلى صافي الانبعاثات الصفرية.
وبعد الفشل في استيعاب الدروس المستفادة من الممارسات المماثلة من قبل البنوك المركزية في أوروبا وأماكن أخرى من العالم، يعتمد بنك الاحتياطي الفيدرالي على السيناريوهات التي أنشأتها شبكة تخضير النظام المالي(NFGS) .
لقد أدركت البنوك المركزية منذ فترة طويلة أن المخاطر الحاسمة غائبة عن نماذج التقييم المتكاملة السائدة (IAMs)، التي تستخدمها، ومع ذلك فقد فشلت في الاعتراف بأن هذه الفجوات تجعل تحليلاتها مُنحازة بشكل منهجي ضد العمل المناخي. لقد تجاهلت انتقادات لاذعة من قبل خبراء اقتصاد بارزين، مثل نيكولاس ستيرن وجوزيف إي. ستيجليتز، اللذين لاحظا أن «نماذج التقييم المتكاملة لها قيمة محدودة للغاية، وقد فشلت في تقديم الكثير من التوجيهات المفيدة، سواء في ما يتعلق بكثافة العمل، أو السياسات التي تحقق النتائج المرجوة».
لقد أصبح التواتر المتزايد للظواهر الجوية وشدتها غاية في الوضوح، بحيث يصعب على البنوك المركزية تجاهلها، ومع ذلك، في حين ستتضمن ممارسات بنك الاحتياطي الفيدرالي سيناريو يضرب فيه إعصار كبير الساحل الشرقي للولايات المتحدة، فإن نموذجه الممثل لنموذج شبكة تخضير النظام المالي سوف يتجاهل العديد من العوامل والعمليات الحاسمة. سيتم تجاهل التحولات المُربكة في العلوم السياسية، والسياسة العامة، والأسواق المالية، والتكنولوجيا. كما سيتم بالكاد استيعاب التفاعلات المُعقدة بين الأحداث التي يحركها المناخ والسلوك البشري، بما في ذلك نقاط التحول والتغيرات غير الخطية أو القفزات المنفصلة في احتمالات المخاطر المناخية.
وبعيداً عن كونها مجرد تفاصيل فنية، يمكن أن تؤدي هذه الأنواع من النماذج إلى كارثة حقيقية، ستجعلنا نعتقد أن سيناريوهات شبكة تخضير النظام المالي عادية في «عالم الأعمال الاعتيادية» الذي يتجه نحو ارتفاع درجة حرارة بنحو 3 درجات مئوية، وسيكون الناتج المحلي الإجمالي العالمي في عام 2050 أقل بنسبة 4% فقط، ما يعني ضمناً خسارة أقل من عامين من النمو مقارنة بالعالم، حيث حققنا صافي انبعاثات صفرية وحافظنا على درجات الحرارة في حدود 1.5 درجة مئوية. لا عجب أن البنوك المركزية تتوقع خسائر مالية متواضعة، ومع ذلك تتناقض هذه النظرة بشكل صارخ مع تحذيرات علماء المناخ الخطيرة بشأن الضرر الهائل الذي قد يحدثه استمرار الاحتباس الحراري.
ومما يزيد المشكلة تعقيداً أن سيناريوهات شبكة تخضير النظام المالي تقلل من أهمية الفوائد المحتملة لتحقيق صافي الانبعاثات الصفرية. في الواقع، تُجادل أن هذا من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم وانخفاض النمو، في حين تتجاهل احتمال أن يؤدي التقدم التكنولوجي الأخضر إلى خفض الأسعار وتعزيز النمو.
يقودنا هذا إلى مشكلة أخرى تتعلق بممارسة بنك الاحتياطي الفيدرالي لسيناريو المناخ؛ لن يفعل الكثير لمساعدة البنوك على تلبية الدعوة التي أصدرتها شبكة تخضير النظام المالي للنظر في المخاطر المناخية والفرص المتاحة لها في جميع عمليات صنع القرار. لقد ألقت البنوك في أوروبا بظلال من الشك بالفعل على جدوى ممارساتها الإشرافية المحلية، ومن المرجح أن يكون هناك رد فعل مماثل في الولايات المتحدة.
وبعد إصدار تعهداتها بتحقيق هدف بلوغ صافي الانبعاثات الصفرية، تخضع البنوك لضغوط مباشرة أكبر لتطوير وتنفيذ خططها الانتقالية. وقد التزمت العديد من هذه البنوك بالفعل بأهداف مؤقتة، مثل خفض الانبعاثات التي تمولها إلى النصف بحلول عام 2030، ما يعني خفض الانبعاثات بنسبة 8 % سنوياً.
* أستاذ زائر في معهد لندن للأعمال المصرفية والمالية