الشكوك المحيطة بسقوف وتفاصيل الديون الأمريكية
المصدر: جيمس جالبريث
في أولى خطوات عهده، وافق كيفين مكارثي رئيس مجلس النواب الأمريكي، على طلب أعرب عنه النائب رالف نورمان من ساوث كارولينا يدعوه إلى الالتزام «بإغلاق الحكومة بدلاً من رفع سقف الديون»، ويتفق الحزبان بشكل راسخ حول ما قد يترتب على ذلك؛ فالأزمة تلوح في الأفق.
من منظور متطرفين جمهوريين، تشكل الأزمة الوشيكة فرصة لهم لإعادة تشكيل أمريكا، ويرى الديمقراطيون (وقِـلة من الجمهوريين الباقين من التيار الرئيسي) أن التهديد بحدوث كارثة يبرر التصويت الخطير سياسياً على رفع السقف، أما من منظور وسائل الإعلام ــ من اليسار، واليمين، والوسط ــ فإنها نوع من الدراما!
تُـرى ما هي الأزمة؟ يوضح بول فان دي واتر من مركز الميزانية وأولويات السياسات الأمر على النحو التالي:
«إذا لم تتمكن الحكومة من الاقتراض، فسوف تضطر إلى فرض تخفيضات حادة وكبيرة في الإنفاق، وهذا من شأنه أن يخلف عواقب وخيمة على الاقتصاد بالكامل. لن تتمكن بعض الأسر والشركات والمؤسسات غير الربحية من سداد فواتيرها في حين تنتظر المدفوعات، التي تدين بها الحكومة لها قانوناً. ومن شأن التخفيضات في مـنـح المساعدات أن تجهد حكومات الولايات والحكومات المحلية. مثل هذا الخفض الكبير في الإنفاق لا بد أن يغرق الأمة في الركود ويدفع معدلات البطالة إلى الارتفاع. علاوة على ذلك، سيؤدي عجز الحكومة عن سداد فواتيرها إلى زعزعة استقرار الأسواق المالية في مختلف أنحاء العالم، كما أن هذا كفيل بإثارة شكوك جدية بشأن جدارة الدولة الائتمانية، وإضعاف ثقة المقرضين، والتشكيك في مكانة الدولار كونه عملة احتياطية، وزيادة تكاليف الاقتراض الفيدرالي».
فان دي واتر ليس حزبياً، كان يفضل لو يلغي الكونجرس سقف الديون بالكامل، وإذا تعذر ذلك فهو يحث على إجراء عملية تصويت نظيفة لرفع هذا السقف، وأنا أتفق معه، ولكن لن يحدث أي من الأمرين. مع ذلك من الواجب علينا تمحيص جدارة حججه. لقد حان الوقت لوقف هذا الضجيج الإعلامي والنظر في الحقائق.
أولاً، التقاعس عن رفع سقف الديون لا يلغي أي التزام قانوني بالإنفاق. صحيح أن سقف الديون منصوص عليه في القانون، ولكن أيضاً الضمان الاجتماعي، والرعاية الطبية للمسنين (Medicare)، والمساعدة الطبية للفقراء (Medicaid)، ومدفوعات الفائدة، وكل شكل آخر من أشكال الإنفاق الإلزامي أو المخصص، ويجب على وزارة الخزانة الأمريكية أن تمتثل للقانون، وفي وجود أو غياب سقف الديون لا يمكنها قانونياً التخلف عن أي التزام.
ثانياً، لا تملك وزارة الخزنة أي سلطة قانونية، تسمح لها باستهداف الضمان الاجتماعي أو مدفوعات الفائدة أو أي شيء آخر بالتخفيضات، وعلى حد علمي لا يمكنها إيقاف هذه المدفوعات إذا أرادت ذلك.
ثالثاً، إذا حدث وأخرت وزارة الخزانة على نحو أو آخر سداد بعض الفواتير، فسوف تستمر ببساطة معظم الشركات والحكومات والأسرــ وهي تعلم تمام العلم أن الانقطاع سيكون قصير الأمد، وإذا لزم الأمر فبوسع أغلبها أن تقترض للأجل القصيرــ هذا هو الغرض من وجود البنوك وبطاقات الائتمان. لن تنتهي الحياة، وفي أغلب الحالات ستتباطأ بالكاد.
رابعاً، لا تحتاج وزارة الخزانة إلى إصدار ديون للإنفاق، فهي كمثل كل الحكومات تنفق بتحرير الشيكات. إنها لا تجمع الأموال أولاً عن طريق إصدار السندات، بل تصدر السندات لتزويد المستثمرين من القطاع الخاص بأصول آمنة، تدر فائدة مقابل النقد، الذي خلقته للتو عن طريق تحرير الشيكات، وإذا قررت التوقف عن إصدار السندات (بسبب سقف الديون)، فهذه مشكلة المستثمرين من القطاع الخاص، وليس الحكومة، على الرغم مما قد يصرح به كبار المسؤولين الحكوميين.
ولن تحدث أزمة مالية عالمية حتى لو تمكنت وزارة الخزانة من التوقف عن سداد الفوائد على الديون الفيدرالية.
باختصار، لا تـعـد معضلة سقف الديون أزمة، بل هي مهزلة، وقد تكررت هذه المهزلة مراراً منذ تشريع القانون في عام 1917، عندما كانت الولايات المتحدة على وشك دخول الحرب العالمية الأولى، وكانت تعاني من تراكم الدين العام، لكن المهزلة من الممكن أن تتحول إلى مأساة. إذا أصبح الديمقراطيون حبيسي المخاوف، التي عملوا على تأجيجها، فقد يذعنوا لمطالب العدميين باستنان تخفيضات في الإنفاق مقابل رفع سقف الديون. لقد حدث هذا من قبل. وكما يـذكـرنا الصحافي ريان جريم:
* رئيس قسم العلاقات الحكومية/التجارية في كلية ليندون جونسون للشؤون العامة في جامعة تكساس في أوستن، هو المدير التنفيذي الأسبق للجنة الاقتصادية المشتركة في الكونجرس.