أوروبا وتمويل مشروعات الطاقة المتجددة
ميريام غونزاليس دورانز
إن عملية إزالة الكربون عن السلع التي تستهلك الطاقة بكثافة مثل الأسمنت والصلب ليست سهلة وليست منخفضة التكلفة. ولكن يمكن للاتحاد الأوروبي أن يمنع تأثيراتها السلبية على الاقتصادات النامية، ليس فقط من خلال فرض البلدان منخفضة الدخل لضرائب الكربون في أسواقها (والتي ستكون تحدياً نظراً لقدرتها الإدارية المحدودة في هذا المجال)؛ ولكن أيضاً من خلال دعم تلك البلدان التي تحتاج إلى أكبر قدر من المساعدة لتقليل انبعاثاتها.
ويمكن تقديم هذا الدعم من خلال تخصيص الموارد والتكنولوجيا لتحسين كفاءة العمليات الصناعية وتمويل مشاريع الطاقة المتجددة، وإعفاء أفقر البلدان من آلية تعديل حدود الكربون عند الضرورة. ويجب أن يخصص الاتحاد الأوروبي، أيضاً، جزءاً من عائدات آلية تعديل حدود الكربون لمساعدة البلدان النامية على اعتماد تقنيات أنظف - لإنتاج أسمنت في فيتنام أو مواد كيميائية في إندونيسيا أكثر صداقة للبيئة، على سبيل المثال، ومن ثم، تقليل الانبعاثات على المدى الطويل.
وترى أوروبا نفسها رائداً عالمياً في السباق نحو تحقيق صافي انبعاثات صفرية. وعن طريق المساعدة في تمويل التحول الأخضر في العالم النامي، يمكن للاتحاد الأوروبي أن يخفف من التهديد الحمائي الذي تتضمنه أجندته الخاصة بالمناخ. في يوليو 2021، ربطت المفوضية الأوروبية السياسة التجارية بسياسة المناخ، وهو شيء لم تحاول أي هيئة حاكمة رئيسية أخرى القيام به من قبل. إن بلوغ هدف الاتحاد الأوروبي المتمثل في خفض صافي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة %55 بحلول عام 2030، سيتطلب من الاتحاد الأوروبي تقليل الانبعاثات داخل حدوده وخارجها. وتحقيقا لهذه الغاية، تتضمن مبادرة «Fit for 55» التي وضعتها المفوضية، آلية تعديل حدود الكربون، وهي ضريبة استيراد مصممة لإلزام البلدان الأخرى بالتصدي لتغير المناخ.
وستفرض آلية تعديل حدود الكربون ضرائب على السلع المستوردة التي تباع في أسواق الاتحاد الأوروبي على أساس محتواها من الكربون (الانبعاثات التي يتطلبها إنتاجها)، والتي تعتمد على مدخلاتها من المواد والطاقة. وتهدف الضريبة المقترحة إلى معالجة ما يسمى بالتسرب الكربوني، الذي يحدث عندما تنقل الشركات في الاتحاد الأوروبي الإنتاج إلى البلدان غير الأعضاء التي تخضع لقوانين أقل صرامة فيما يتعلق بالانبعاثات.
وبعبارة أخرى، لم تعد أوروبا تتجاهل الآثار المناخية للسلع الأجنبية. إلا أنه رغم أن هذا الإجراء يمكن أن يساعد في الحد من الانبعاثات وتحقيق تكافؤ الفرص للشركات التي تتخذ من الاتحاد الأوروبي مقراً لها، إلا أن الحمائية التجارية التي تنطوي عليها قد تلحق الضرر بالبلدان النامية.
وستطبَّق آلية تعديل حدود الكربون مبدئياً على الصناعات التي تطلق أعلى نسبة من الانبعاثات وأشدها عرضة لخطر التسرب الكربوني، ومن المرجح أن تضاف قطاعات أخرى إلى هذه اللائحة في السنوات القادمة. وحالياً، تفرض ضرائب على منتجات هذه الصناعات في الاتحاد الأوروبي وفقاً لسعر الكربون المحلي، ولا ينطبق ذلك على المنتجات المستوردة من خارج الاتحاد. وإذا كان بلد ما يعتمد بالفعل سعراً محلياً للكربون، فستخفَض ضريبة الحدود أو ستلغى؛ ويهدف هذا إلى تشجيع البلدان على فرض ضرائب على الكربون في أسواقها. ويجب أن تدفع الدول التي لا تستطيع فرض ضريبة الكربون؛ أو لن تفعل ذلك، الضريبة كاملة.
وستطبق ضريبة الاتحاد الأوروبي على مراحل خلال السنوات الأربع القادمة. وبحلول عام 2023، سيُطلب من المستوردين الإبلاغ عن الانبعاثات المضمنة في السلع التي يستوردونها، على الرغم من أن الضريبة على تلك الانبعاثات لن تفرض حتى عام 2026. وتتطلع بعض الشركات التي تتخذ من الاتحاد الأوروبي مقراً لها مثل شركات إنتاج أجهزة الكمبيوتر إلى إعادة ربط عمليات التصنيع قبل اعتماد آلية تعديل حدود الكربون. وستكون مثل هذه التحولات بمثابة مكسب لاقتصاد الاتحاد الأوروبي والبيئة. وقد تؤدي الحرب الروسية الأوكرانية إلى تسريع جهود الاتحاد الأوروبي لتحقيق قدر أكبر من الاكتفاء الذاتي الاقتصادي، خاصة عن طريق تقليل اعتماده على واردات الحديد والصلب الروسية التي تستهلك الطاقة بكثافة.