بريطانيا وآفاق التعافي اقتصادياً وسياسياً
المصدر: جيم أونيل
تواجه بريطانيا تحديات جمة في كثير من النواحي، بسبب اتخاذها لقرار الخروج من الاتحاد الأوروبي، وبسبب الطريقة التي نفذت بها القرار، والسياسيون الرئيسيون والحكومة الحالية قلقون للغاية من الاعتراف بأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد أضر بالاقتصاد إلى حد كبير، ولن يناقشوا حتى إمكانية محاكاة العضوية في السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي، من خلال مواءمة السياسات التنظيمية والتجارية.
ورغم أن أربعة من رؤساء الوزراء، الذين تولوا مناصبهم لاحقاً ادعوا أنهم سيعالجون تحديات الاستثمار والإنتاجية في البلاد، إلا أن أياً منهم لم يفعل ذلك، إما لأنهم لم يبقوا في السلطة لفترة كافية، وإما لأنهم لم يكونوا ملتزمين بإخلاص منذ البداية.
ويقودنا ذلك إلى ثاني واحدة من أبرز المشكلات صعوبة في المملكة المتحدة، وهي أن أداء الاستثمار هناك لا يزال سيئاً مقارنة بمعظم أقراننا، ومن الصعب أن نرى كيف ستتحسن الإنتاجية إن لم يحدث تغيير كبير، فقد جعلت الصدمة التي أحدثها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في التجارة وعرض العمالة خطة إنشاء برنامج استثمار جديد أكثر إلحاحاً.
وفي عام 2022 ادعت حكومة ليز تراس، التي لم تدم طويلاً أنها ستعزز الإنتاجية من خلال سياسة التخفيضات الضريبية العتيقة، لكننا نعرف كيف انتهى ذلك. والآن، ركز بديلها، ريشي سوناك، على المسؤولية المالية مع إيلاء القليل من الاهتمام للحاجة الملحة لتعزيز الإنفاق الاستثماري، ورغم أن حكومته أعادت بعض الثقة في الأسواق المالية، إلا أنها لم تقدم أي أمل جديد للاقتصاد، والأسوأ من ذلك أن الأمر قد يستغرق عامين قبل الانتخابات القادمة.
وفي المملكة المتحدة وفي مختلف الاقتصادات المتقدمة الأخرى، هناك حجج واضحة، تبرر اتخاذ سياسات أكثر جرأة لإجبار القطاع الخاص على زيادة الإنفاق الاستثماري، بل إن الحجة الأكثر قوة هي اتخاذ سياسات أكثر جرأة في ما يتعلق بالإنفاق الاستثماري العام، وطالما أن مثل هذا البرنامج واضح المعالم، وشفاف، ومعتمد من قبل المنظمات غير الحزبية «مثل مكتب مسؤولية الميزانية في المملكة المتحدة واللجنة الوطنية للبنية التحتية»، فإن الأسواق المالية ستستجيب على نحو إيجابي.
وثالث المشكلات التي تمثل تحدياً كبيراً هي عدم المساواة الإقليمية، وفي هذا الصدد لا يزال هناك أمل في بناء إجماع واسع النطاق، بشأن الحلول الجريئة لمواجهتها، فعلى الرغم من المعارك السياسية الجارية الدائرة بين الأحزاب يبدو أن الحكومة الحالية تدرك ضرورة تحليها بالجدية في تفويض المزيد من سلطة صنع السياسات الاقتصادية وتحفيز الاستثمار في المناطق الأقل ازدهاراً في البلاد. وفضلاً عن ذلك، على الرغم من أن حزب العمال تجاهل إلى حد كبير مشكلة عدم المساواة بين الأقاليم لسنوات عديدة «منذ الأيام التي ترأستُ فيها لجنة نمو المدن في 2013 - 2014»، إلا أن الحزب استيقظ أخيراً.
ولا يزال «الارتقاء بمستوى» المناطق ذات الأداء الضعيف في المملكة المتحدة يحمل وعوداً هائلة. وكما أوضحنا في خطة «Northern Powerhouse»، التي وضعتها حكومة دافيد كامرون» فإن المملكة المتحدة مستعدة للاستفادة من جامعاتها الممتازة، وطاقاتها البديلة، وغير ذلك من مصادر الابتكار والنمو الموثوقة
ويحتاج الاقتصاد البريطاني بشدة إلى قيادة جديدة لها رؤية تطلعية، ويمكن للحزب السياسي، الذي يتحلى بجدية أكبر في الارتقاء بالأمور أن يتمتع بفترة طويلة في منصبه.