Dubai Digital Authority - هيئة دبي الرقمية

Contrast

Use toggle below to switch the contrast

Contrast

Read Speaker

Listen to the content of the page by clicking play on Listen

screen reader button

Text Size

Use the buttons below to increase or decrease the text size

A-
A
A+

2.0 الشمول المالي

أنيبال بيلوفو

مونتيفيديو -قد يكون من الصعب في الدول النامية إقناع الناس أن التمويل ليس كلمة سيئة وأن النظام المالي ليس بالضرورة آلية منحرفة تخدم الأثرياء فقط وترسل الثروة الوطنية للخارج. إن الأسئلة الجوهرية تتعلق بنوعية النظام المالي الذي نريده وما الذي يمكن عمله لتحقيق ذلك.

إن الأنظمة المالية الأكثر شمولاً ويمكن الوصول إليها بشكل أكبر تزيد من النمو الاقتصادي وتقلل من الفقر وانعدام المساواة وتعزز الاندماج الاجتماعي، وإضافة إلى ذلك يمكن أن تلعب الحكومات دوراً حيوياً في المساعدة على تحقيق أهداف التنمية تلك من خلال التنفيذ النشط لسياسات الشمول المالي.

إن عدم تناسق المعلومات والنقص في المعلومات المتوافرة لدى المؤسسات المالية عن الزبائن المحتملين واحتياجاتهم هي أمور أسهمت، ولفترة طويلة، في إقصاء قطاعات كبيرة من الناس في الدول النامية من النظام المالي، ولكن السياسات التي تتصدى لإخفاقات السوق تلك سوف تؤدي على المدى الطويل لتداعيات اقتصادية إيجابية وتحسِّن الاستقرار المالي.

أما اليوم فإن شركات التقنية المالية تستخدم الأدوات الرقمية لتطويع الخدمات المالية لجعلها تتوافق مع احتياجات الأفراد والشركات الصغيرة، الذين عادة ما يتم إقصاؤهم من النظام المالي. إن بإمكان التقنيات الجديدة عمل التقييم الائتماني باستخدام البيانات البديلة، مما يعني توسيع حرية الوصول للقروض وغيرها من المنتجات المالية، إضافة إلى عمل ميزانيات عمومية للشركات الصغيرة خلال فترة لا تتجاوز 40 دقيقة، وذلك لتسهيل حصولهم على القروض الصغيرة وتمكين أنظمة الدفع المصغر "الدفع أولاً بأول" من التعامل مع نفقات كبيرة ومحددة. 

ربما تكون مؤسسات تمويل المشاريع الصغيرة والجمعيات هي الأنسب لقيادة جهود الشمول المالي، وذلك لأن لديها بالفعل الخبرة في العمل مع الناس الذين تم إقصاؤهم وفي أوروغواي، على سبيل المثال، تمول المؤسسات المالية من الدرجة الثانية البرامج لتوفير القروض من خلال مؤسسات تمويل المشاريع الصغيرة والجمعيات للمجتمعات الصغيرة، ولكن مثل تلك البرامج غير كافية ونجاحها يعتمد بشكل كبير على السياق المحلي.

وعليه يتوجب على الحكومات دعم استخدام التقنية المالية ومؤسسات تمويل المشاريع الصغيرة بسياسات تشجع على تطوير الخدمات المالية الأقل ربحية والتي تؤكد الأهداف الاجتماعية. يتوجب على صناع السياسات كذلك استكشاف طرق لتحسين التوافق بين اللاعبين الجدد والخدمات المالية التقليدية على ضوء تلك الأهداف.

على سبيل المثال، أقر الائتلاف الموسع من يسار الوسط فرينتي امبليو، الذي حكم أوروغواي من 2005 وحتى وقت سابق من هذا العام قانون الشمول المالي سنة 2014.لقد زاد هذا البرنامج بشكل كبير من القدرة على الوصول للخدمات المالية وإن كان هناك الكثير لا يزال يتعين القيام به للتحقق من استخدامها بشكل فعال. لكن للأسف، قررت الإدارة الجديدة في أوروغواي من يمين الوسط تفكيك العناصر الأساسية للقانون على الرغم من توصيات العديد من المنظمات الدولية التي ترى أن الشمول المالي هدف تنموي.

وعلى الرغم من ذلك فإن التقدم الذي أحرزته أوروغواي أخيراً في زيادة الشمول المالي أثبت أهميته الكبيرة في مساعدة صناع السياسات على التصدي للأزمة الاقتصادية التي تسببت بها جائحة كوفيد-19. لقد كان الدعم المالي الذي تقدمه الدولة للمواطنين والأدوات اللازمة لتوفير السيولة للشركات من خلال النظام المالي أكثر فاعلية بكثير وذلك نتيجة لسياسة الحكومة السابقة (على الرغم من أن هذه المساعدة كانت صغيرة نسبياً من منظور الاختلافات ضمن البلد).

لكن توسيع القدرة على الوصول للخدمات المالية لا يؤدي بالضرورة إلى تعزيز الشمول المالي كما تظهر التجربة الأخيرة لأوروغواي وغيرها من دول أمريكا الجنوبية؛ فعلى الرغم من أنها زادت الشمول المالي في المنطقة فإن السياسة العامة لم تُزِل الأبعاد الأخرى طويلة الأمد للتهميش. لقد تحول منحنى الشمول المالي للأعلى، ولكنه لم يغير شكله؛ فالمجموعات السكانية الأكثر تهميشاً لا تزال على حاله،ا ومن الأهمية بمكان أن مثل تلك المجموعات يجب أن تتلقى المشورة والتعليم المالي الذي تحتاجه من أجل استخدام الخدمات المالية عالية الجودة؛ وذلك نظراً لأن القرارات الخاطئة في مثل تلك الأمور يمكن أن تؤدي إلى نتائج وخيمة.

إن المسح المالي الأخير للأسر في أوروغواي، الذي أجري سنة 2014، كشف عن فروقات في استخدام الخدمات المالية والوصول إليها بين المجموعات الاجتماعية. لقد أظهرت جراسيلا سانرومان وغيليرمو سانتوس من جامعة يونيفيرسيداد دي لا ريببليكا بعد دراسة بيانات المسح أن هناك احتمالية أكبر لأن يكون لدى الأسر ذات الدخل الأعلى بطاقات ائتمان وحسابات مصرفية، كما وجودوا اختلافات تتعلق بالعرق وظروف العمل ونوع الجنس.

لقد أظهر مسح الأسر كذلك أن نحو 4% فقط من الشركات الصغيرة -1% في القطاع غير الرسمي و7% في القطاع الرسمي – لديها ائتمان مصرفي. إن 55% لا تطلب على الأطلاق أي ائتمان وأكثر من 30% ترى أن الائتمان مكلف جداً أو لا يمكن الوصول إليه. فقط 1% من الشركات الصغيرة كان لديها ائتمان مع مؤسسة لتمويل الشركات الصغيرة في وقت إجراء المسح و4% فقط كان لديها مثل هذا الائتمان في السابق.

وعليه يتوجب على الحكومات توفير الدعم أو غيرها من الظروف المواتية من أجل تشجيع تنمية خدمات مالية أقل ربحية وبعائد اجتماعي أعلى، وفي الوقت نفسه يتوجب على المؤسسات المالية استخدام الأدوات الرقمية بشكل أكبر من أجل الحصول على معرفة أعمق بالزبائن الحاليين والمحتملين، وذلك حتى تعرض عليهم منتجات تتوافق مع متطلباتهم. يتوجب على المقرضين حتى لا يعاقبوا الزبائن الأقل دخلاً أن يعملوا على صياغة نهج جديد قائم على أساس تقدير الرغبة بالدفع ووضع تلك الرغبة فوق القدرة على الدفع وتقديم تسهيلات إعادة تمويل أكثر عندما تصبح الأوضاع الاقتصادية أكثر سوءاً.

إن التغيرات الهيكلية في الأنظمة المالية للدول النامية واللازمة لتعزيز الشمول الاجتماعي سوف تتطلب سياسات أكثر جرأة وأهدافاً أكثر طموحاً وحلولاً إبداعية. لو ساعدت تلك الإجراءات على التحقق من أن كل شخص بإمكانه الوصول للخدمات المالية والاستفادة منها، عندها قد لا تكون كلمة التمويل كلمة قذرة بعد ذلك.

أنيبال بيلوفو هو اقتصادي في الإتحاد المصرفي في أوروغواي.

حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2020.
www.project-syndicate.org