Dubai Digital Authority - هيئة دبي الرقمية

Contrast

Use toggle below to switch the contrast

Contrast

Read Speaker

Listen to the content of the page by clicking play on Listen

screen reader button

Text Size

Use the buttons below to increase or decrease the text size

A-
A
A+

كيفية تأمين صفقة ضريبية عالمية أكثر عدلاً

خوسيه أنطونيو أوكامبو، وتوماسو فاكيو

نيويورك/ نوتينغهام - تُشكِّل الاتفاقية التي تمَّ التوصُّل إليها في الأول من يوليو/ تموز من جانب 131 دولة لوضع حد أدنى لمعدل الضريبة العالمي للشركات متعددة الجنسيات (MNCs) بنسبة لا تقل عن 15٪ وإعادة توزيع الحقوق الضريبية بين البلدان خطوة إيجابية. لكن الصفقة في شكلها الحالي تُمثِّل فرصة ضائعة أخرى لتحقيق نتيجة عادلة للبلدان النامية.

من الجيد أن تعود الجهود المتعددة الأطراف الرامية إلى إصلاح نظام الضرائب العالمي إلى جدول الأعمال. ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى رغبة إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في إنهاء السباق نحو خفض الأسعار فيما يتعلق بمعدلات ضرائب الشركات - وهي المنافسة التي أفادت فقط الملاذات الضريبية. في معظم الحالات، لم تفشل معدلات الضرائب المنخفضة في جذب استثمارات جديدة إلى البلدان فحسب، بل حرمت أيضًا الحكومات من الأموال التي تحتاجها لتحقيق الأهداف الاجتماعية وتحسين البنية التحتية.

ومع ذلك، تعكس الصفقة الضريبية الجديدة الاختلالات في علاقات القوى على مستوى العالم. طرحت دول مجموعة السبع الاتفاق الذي توصَّلت إليه في الشهر الماضي على 139 دولة، والتي تُشكِّل جزءًا من إطار العمل الشامل لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومجموعة العشرين بشأن تآكل القاعدة وتحويل الأرباح. وفي مواجهة خيار حاسم، أيدت معظم البلدان النامية الاتفاقية، على الرغم من وجود بعض التحفظات. ومع ذلك، لم توقع مجموعة من الدول الاتفاقية - بما في ذلك نيجيريا وكينيا وسريلانكا. وحتى بعض الدول التي وقَّعت على الاتفاق أوضحت أنَّ المفاوضات لم تنتهِ بعد.

لا تزال هناك العديد من التحديات الرئيسة. يتمثل التحدي الأول في أنَّ المعدل الضريبي الأدنى المقترح البالغ 15٪ منخفض للغاية لإيقاف تحويل الأرباح من قبل الشركات متعددة الجنسيات. وهذا يعكس رغبة العديد من البلدان المتقدمة في حماية شركاتها العالمية الخاصة بدلاً من اتباع نهج الولايات المتحدة والأرجنتين، اللتين دعتا إلى حد أدنى لمعدل الضريبة بنسبة 21٪، وكذلك نهج العديد من البلدان الإفريقية التي اقترحت معدل يبلغ 20٪. وبالنسبة لمعظم البلدان في أمريكا اللاتينية أو إفريقيا، حيث بلغ متوسط ​​معدلات ضرائب الشركات 26٪ و27٪ على التوالي، في عام 2020، فإنَّ الحد الأدنى العالمي لمعدل 15٪ لن يُسهم في الحد من الحوافز الرامية إلى تحويل الأرباح. وبالتالي، قد تعتمد العديد من البلدان من جانب واحد معدل أعلى من الحد الأدنى.

علاوة على ذلك، بموجب الاقتراح المتفق عليه في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فإنَّ معظم الإيرادات الضريبية الإضافية سيذهب إلى البلدان الأصلية للشركات متعددة الجنسيات، وليس إلى ما يسمّى ببلدان "المصدر" حيث تقوم هذه الشركات بمشاريعها الخاصة وتحقّق أرباحًا. تُريد مجموعة من الاقتصادات النامية أن تحظى بلدان المصدر بالأولوية في تطبيق الحد الأدنى من الضرائب، لاسيما على أرباح الشركات متعددة الجنسيات من الفوائد، والإتاوات، ومدفوعات مقابل الخدمات، والأرباح الرأسمالية. ستسمح لهم الصفقة الحالية بتطبيق الحد الأدنى من الضرائب فقط على الفوائد والإتاوات ومجموعة من المدفوعات التي لم يتم تحديدها بعد.

سيعتمد مقدار الإيرادات التي يولدها الحد الأدنى من الضرائب على المعدل. يُعدُّ هذا الأمر ضروريًّا بالنسبة للبلدان النامية. أظهرت دراسة حديثة أجراها مرصد الضرائب في الاتحاد الأوروبي أنه مع وجود معدل ضرائب بنسبة 15٪، فإنَّ المكسيك وجنوب إفريقيا والبرازيل ستكسب 500 مليون يورو إضافية (592 مليون دولار) و600 مليون يورو و900 مليون يورو على التوالي من عائدات ضريبة دخل الشركات الإضافية في عام 2021، مقارنة بمبلغ 900 مليون يورو و2 مليار يورو و3.4 مليارات يورو على التوالي، مع فرض ضريبة بنسبة 21٪. من شأن الحد الأدنى البالغ 25٪ الذي دعت إليه اللجنة المستقلة لإصلاح الضرائب الدولية على الشركات أن يُحقق 1.3 مليار يورو إضافية للمكسيك، و3 مليارات يورو لجنوب إفريقيا، و 7.4 مليارات يورو للبرازيل.

تقدم اتفاقية منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أيضًا صيغة لتخصيص الأرباح العالمية للشركات متعددة الجنسيات لأغراض ضريبية. لكن هذا سيُطبق فقط على الشركات التي يتجاوز حجم مبيعاتها السنوي العالمي 20 مليار يورو وهامش ربح لا يقل عن 10٪ من العائدات. علاوة على ذلك، فإنَّ 20-30٪ فقط مما يسمّى بأرباحها "المتبقية" التي تتجاوز هذه العتبة ستخضع للضريبة في البلدان التي يتم فيها تحقيق هذه الأرباح. وبالتالي، قد تولد هذه القاعدة الجديدة أقل من 10 مليارات دولار من الإيرادات الإضافية على الصعيد العالمي سنويًّا.

كان الطلب الرئيس للبلدان النامية في جميع أنحاء العالم يتلخص في إعادة تخصيص الحقوق الضريبية لبلدان المصدر على نحو هادف. وقد دعت مجموعة الأربعة والعشرين، وهي المجموعة الرئيسة للاقتصادات النامية في المفاوضات، إلى إعادة تخصيص 30-50٪ من الأرباح المتبقية، في حين يُطالب منتدى إدارة الضرائب الإفريقية (ATAF) الآن بما لا يقل عن 35٪.

يتمثَّل الحل الأمثل في تخصيص الأرباح العالمية للشركات متعددة الجنسيات بين البلدان من خلال صيغة تستند إلى العوامل الرئيسة المدرة للربح مثل التوظيف والمبيعات والأصول واستخدام الموارد. غير أنَّ المطالب السابقة لكل من المجموعة الأربعة والعشرين ومنتدى إدارة الضرائب الإفريقية بتوزيع نسبة مئوية من جميع الأرباح، سواء كانت روتينية أو متبقية، لبلدان المصدر قد تمَّ رفضها.

تتمثَّل مشكلة أخرى في أنَّ المُوقّعين على اتفاقية منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ملزمين بإلغاء التدابير الأحادية الجانب مثل الضرائب على الخدمات الرقمية. لا توافق العديد من الاقتصادات النامية على إلغاء هذه الضرائب، أو على الحد من خياراتها لفرض ضرائب على الشركات الرقمية متعددة الجنسيات في المستقبل.

يتمثَّل الشاغل الأخير في مطالبة البلدان النامية بقبول التحكيم الإلزامي عند نشوء نزاعات ضريبية. وقد اعتبر الكثيرون من الناحية التاريخية هذه الآلية باعتبارها انتهاك لسيادتهم الوطنية. كما أشاروا إلى أنَّ نتائج هذه العمليات ليست شفافة وتكاليفها باهظة، وأنَّ معظم المُحكّمين يأتون من البلدان المتقدمة.

ومع ذلك، فإنَّ إعلان الأول من يوليو/ تموز ليس نهاية الطريق. على الرغم من أنه من المرجَّح أن تصادق مجموعة العشرين على الاقتراح هذا الأسبوع، إلا أنَّ المفاوضات ستستمر، مع توقع التوصل إلى اتفاق نهائي في أكتوبر / تشرين الأول. لتغيير النتيجة، يتعين على البلدان النامية اليوم أن تعمل من أجل تحقيق معدل ضريبي أدنى عالمي أعلى وإعادة توزيع أكبر للحقوق الضريبية، ورفض التحكيم الإلزامي.

وكما جادلت اللجنة المعنية بالمساءلة المالية الدولية والشفافية والنزاهة التابعة للأمم المتحدة أخيرًا، سيستمر الكفاح من أجل إقامة نظام ضريبي دولي أكثر عدلاً إلى ما بعد هذه العملية، ربما في منتدى أكثر شمولاً. سوف تكون الأشهر المقبلة حاسمة في ضمان ألا تعكس الصفقة النهائية مصالح الاقتصادات الغنية فحسب، بل تُحقق عائدات إضافية كبيرة لجميع البلدان، بما في ذلك البلدان التي تُعد في أمس الحاجة إليها.

خوسيه أنطونيو أوكامبو هو وزير مالية كولومبيا الأسبق ووكيل الأمين العام للأمم المتحدة، وأستاذ في جامعة كولومبيا ورئيس اللجنة المستقلة لإصلاح الضرائب الدولية على الشركات. يعمل توماسو فاكيو محاضرًا في المحاسبة بكلية إدارة الأعمال بجامعة نوتنغهام ورئيس أمانة اللجنة المستقلة لإصلاح الضرائب الدولية على الشركات.

حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2021.
www.project-syndicate.org