إصلاحات تواجه التباطؤ الاقتصادي في أمريكا
جيسون فورمان
تشير بيانات نمو الأسعار والأجور الأخيرة بوضوح متزايد إلى أن معدل التضخم الأساسي في الاقتصاد الأمريكي لا يقل عن %4، ومن المرجح أن يتجه إلى المزيد من الارتفاع، وليس الانخفاض.
على الرغم من مسارعة بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى العمل بقوة في الأشهر الأخيرة على احتواء التضخم، فمن المؤسف أنه سيضطر إلى الالتزام بخطته لرفع أسعار الفائدة بسرعة إلى أن ينشأ دليل واضح على أن التضخم الأساسي بدأ يتباطأ بشكل كبير، وهذا أمر صعب بشكل خاص عندما يكون الاقتصاد متباطئاً بالفعل، لكن البديل المتمثل في إرجاء التحرك، بينما يصبح التضخم أشد رسوخا سيكون أسوأ كثيراً.
حتى الآن هذا العام، ارتفع مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي بمعدل سنوي قدره %7.7، وهذا أعلى كثيراً من المستوى المستهدف من قِـبَـل بنك الاحتياطي الفيدرالي (%2). يرجع بعض هذا الارتفاع إلى أحداث خارجية، وخاصة حرب روسيا وأوكرانيا، والآن بعد أن بدأت أسعار البنزين تتجه إلى الانخفاض عن الذروة التي بلغتها، يجب أن ينخفض التضخم الأساسي بشكل حاد. مع ذلك، حتى لو استبعدنا هذه الأسعار المتقلبة، يظل «التضخم الأساسي» يسير بمعدل سنوي قدره %4.8 وكان متسارعاً في الآونة الأخيرة.
من الصعب إيجاد الأعذار عن هذا التضخم، ناهيك عن الأعذار التي قد تبرر الاعتقاد بأنه سيختفي من تلقاء ذاته في أي وقت قريب، ففي حين أدت حرب روسيا وأوكرانيا إلى زيادة أسعار النفط والغذاء، فإن هذه الأسعار تخلف تأثيراً مباشراً عابراً على التضخم الأساسي، الذي يُـعَـوَّض عنه جزئياً بفعل تغيرات سلوكية، حيث يلجأ المستهلكون إلى تقليص إنفاقهم بسبب ارتفاع تكاليف البنزين والمواد الغذائية.. كان المفترض أن يُـفـضي الفطام عن سياسات الدعم المالي إلى خفض التضخم، لكن هذه العملية انتهت في الأغلب قبل أكثر من عام.
عند هذه المرحلة، يصبح التضخم مترسخاً على نحو متزايد في نمو الأسعار، والذي يغذي نمو الأجور الذي يغذي بدوره نمو الأسعار. وهذه العملية المزعجة تدعمها توقعات التضخم في الأمد القريب، والتي ارتفعت بشكل ملحوظ.
أتمنى لو تستخدم الشركات بعضاً من أرباحها ببساطة لتغطية تكاليف الأجور الإضافية، لكن خبرتي لا تسمح لي بالخلط بين الأماني والتنبؤات. ولأن الإنتاجية تبدو ضعيفة نسبياً، فسوف تستمر الشركات في الأرجح في تمرير تكاليف الأجور المرتفعة إلى المستهلكين في هيئة أسعار أعلى.
يؤدي ارتفاع الأسعار إلى ارتفاع الأجور، ولا تتطلب هذه الديناميكية نقابات عمالية أو عقود تشتمل على تعديل يتوافق مع ارتفاع تكاليف المعيشة.
بعيداً عن زيادات أسعار الغذاء والطاقة، كان القسم الأكبر من التضخم راجعاً إلى الطلب في الأصل. ولكن حتى لو كانت مشكلات العرض أكثر استحقاقاً للوم ــ كما زعم آخرون ــ فسوف نظل ثابتين في المكان، مع تغذي زيادات الأجور وزيادات والأسعار على بعضهما بعضاً.
من المؤسف أن الحل الوحيد لمداومة الأجور-الأسعار يتمثل في تقييد الطلب.
بقدر ما قد يكون التحرك الآن مؤلماً فإن التأخير من المرجح أن يجعل خفض التضخم أعظم تكلفة، وكلما استمر التضخم وأصبح راسخاً لفترة أطول ارتفعت نسبة التضحية.
آمل أن أكون مفرطاً في التشاؤم، لكن الاحتياطي الفيدرالي جرب الأمل كاستراتيجية في إدارة الاقتصاد الكلي في العام الماضي، وأسهم ذلك في التضخم السريع، فضلاً عن أدنى نمو حقيقي للأجور في أربعين عاماً. ما يدعو إلى التفاؤل أن صناع السياسات النقدية أصبحوا أكثر واقعية في ما يبدو، وتحولوا إلى تركيز يكاد يكون أحادي التوجه على خفض التضخم، وإذا انخفض التضخم بشكل أسرع مما أتوقع، فمن الممكن أن يتراجع الاحتياطي الفيدرالي عن إحكام سياسته.