الفائدة الكبيرة للتنسيق بين الولايات المتحدة والصين
مايكل أوبويل - جيانغ لين
لقد أعاد قانون خفض التضخم، والذي يتضمن بنود تخفض الانبعاثات في الولايات المتحدة بنسبة 40 ٪ عن مستويات 2005، بحلول عام 2030، إحياء قيادة أمريكا المناخية العالمية. نظراً لأن معظم هذه التخفيضات، ستأتي من وجود قطاع كهرباء أنظف – إن من المتوقع أن يكون خالياً من الكربون بنسبة 70-85 ٪ بحلول عام 2030 - ستكون الولايات المتحدة في وضع جيد للتعاون مع الآخرين في إزالة الكربون من قطاع الطاقة، بدءاً من الصين. إن القوتين العظميين، لديهما نفس الاهتمام بتخفيض «ترساناتهما» من الوقود الأحفوري، وحتى في خضم التدهور الحاصل في العلاقات الثنائية. إن باستطاعة الدولتين لو تصرفتا بشكل حاسم في هذا العقد من الزمان، أن تحققا فوائد اقتصادية وصحية وأمنية أكبر لشعبيهما وبقية العالم.
إن الصين، نتيجة لاعتمادها على الفحم، والذي يمثل ثلثي إمداداتها من الكهرباء، مسؤولة الآن عن غازات الاحتباس الحراري سنوياً، أكثر من أي دولة أخرى، علماً بأن انبعاثاتها المتعلقة بالكهرباء فقط، تساوي تقريباً كامل الانبعاثات المتعلقة بالاقتصاد الأمريكي، وفي الوقت نفسه، ترتفع بشكل كبير قدراتها المتعلقة بالطاقة المتجددة، وفي سنة 2020، أضافت ما يعادل ثلاثة أضعاف طاقة الرياح والطاقة الشمسية، مقارنة بما أضافته الولايات المتحدة، وفي النصف الأول من عام 2022، استثمرت 100 مليار دولار أخرى في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
ومع ذلك، يمكن للصين أن تتحول من الفحم إلى الطاقة النظيفة بشكل أسرع، خاصة إذا كانت على استعداد للعمل مع الولايات المتحدة لتنظيف قطاع الكهرباء. لقد أظهر بحث جديد من مختبر لورانس بيركلي الوطني، واينرجي انوفيشن، وجامعة كاليفورنيا، بيركلي، أن الصين يمكن أن تصل إلى 80 ٪ من الكهرباء الخالية من الكربون بحلول عام 2035، دون زيادة التكاليف أو التضحية بالموثوقية، وعلى الرغم من أن الصين في طريقها بالفعل لتجاوز هدفها المتمثل في 1200 غيغاوات من طاقة الرياح والطاقة الشمسية بحلول عام 2030، إلا أنه يمكنها أن تضيف أكثر من ذلك بكثير، من خلال الاستفادة من مواردها المتجددة، التي لا مثيل لها، وسلسلة إمداد للتكنولوجيا النظيفة، والتي تعتبر رائدة عالمياً.
بالمثل، تُظهر 11 دراسة منفصلة للخبراء، أن بإمكان الولايات المتحدة الأمريكية، تحقيق هدف الرئيس جو بايدن بالوصول إلى 80 ٪ من الكهرباء الخالية الكربون، بحلول سنة 2030، بدون زيادة التكلفة، أو التضحية بالموثوقية، وهذا يعود إلى حد كبير لأن المصادر الجديدة للطاقة المتجددة، قد أصبحت أرخص من الطاقة الحالية، التي يتم توليدها عن طريق الفحم. إن بإمكان الولايات المتحدة الأمريكية، أن تتخلص، وبشكل موثوق، من محطات الفحم العائدة لها، وأن تضاعف بمقدار أربع مرات طاقتها من الكهرباء المتجددة منخفضة التكلفة، بحلول نهاية العقد.
تلعب قوى السوق المماثلة، دوراً في الصين، والتي تسير على الطريق الصحيح لزيادة حصتها من الطاقة النظيفة، من 33 ٪ اليوم، إلى 50 ٪ بحلول عام 2030، بسبب السياسات التي تدعم تطوير مصادر طاقة الرياح، والطاقة الشمسية والنووية، والطاقة المائية، ومع وجود دعم سياسي أكثر فعالية، بما في ذلك إصلاحات السوق، يمكن للصين خفض تكاليف توليد الطاقة، ونقلها، بينما تقوم بتنظيف شبكتها.
إن الموثوقية هي مصدر قلق رئيس لكل من الصين والولايات المتحدة الأمريكية، لكن وضع مصادر الطاقة المتجددة في مقارنة مع الوقود الأحفوري، الذي يُفترض أنه أكثر موثوقية، هو خيار خاطئ، ففي عام 2021، وبعد فترة وجيزة من تعرض تكساس لأسوأ انقطاع للطاقة من الوقود الأحفوري منذ عقود، خلال عاصفة الشتاء أوري، عانت الصين من أزمة إمدادات كبيرة خاصة بها.
لقد اضطر مشغلو الشبكات في الصين، بسبب نقص الفحم وحوافز السوق الضارة، إلى تقنين الطاقة للعملاء الصناعيين، ونظراً لأنه تم تحديد أسعار الطاقة إدارياً، تلقى منتجو الطاقة إشارة اقتصادية خاطئة، عندما ارتفع الطلب على الكهرباء، وارتفعت تكاليف الوقود: فكلما زاد إنتاجهم، زادت خسارتهم المالية.
في كل من الصين والولايات المتحدة الأمريكية، فإن دعم حصة الطاقة المتجددة، سوف يزيد كذلك من استقلال الطاقة، ويقلل من المخاطر المرتبطة بتقلب أسعار الوقود الأحفوري. إن تلك المخاطر كانت ظاهرة للعيان هذا العام. لقد رفعت صدمات سوق الطاقة من أسعار الغاز الطبيعي، وتسببت في مصاعب اقتصادية حادة في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تعتمد على الغاز في حوالي 40 % من الطلب على الكهرباء لديها.
وبالمثل، تعتمد الصين على واردات الفحم والنفط والغاز الطبيعي، والتي أصبحت جميعها أكثر تقلباً منذ أزمة أوكرانيا. لكن تُظهر عمليات محاكاة قطاع الطاقة، التي أجراها مختبر لورانس بيركلي الوطني، أنه مع وجود نظام طاقة خالٍ من الكربون بنسبة 80 ٪، يمكن للشبكة الصينية أن تخدم الطلب بشكل موثوق، حتى خلال فترة 35 عاماً من الإنتاج المنخفض لطاقة الرياح والطاقة الشمسية.
نظراً لأن السياسات اللازمة للدفع قُدماً بتوليد الكهرباء الخالية من الكربون في الولايات المتحدة والصين، ليست مختلفة تماماً، يمكن للبلدين التعاون في إصلاحات سوق الطاقة، وحتى لو كانا لا يتعاونان في الكثير من الأمور الأخرى. تعمل الصين بالفعل على تطوير سوق وطني موحد للكهرباء - أداة رئيسة للاستفادة من موارد الرياح والطاقة الشمسية المتنوعة، عبر مثل هذه المنطقة الشاسعة – لكن يمكنها أن تستفيد بشكل كبير من تجربة الولايات المتحدة في تحسين الأسواق التنافسية خلال الخمس والعشرين سنة الماضية. يقود المشغلون الأمريكيون العالم في إدارة الشبكات التي تعتمد بشكل كبير على الطاقة المتجددة، ودمج التقنيات الجديدة، مثل تخزين البطاريات، ما يقدّم العديد من الدروس لنظرائهم الصينيين، كما يمكن للصين الاستفادة من نمو الطاقة المتجددة، للمساعدة في تعزيز التنمية في مقاطعاتها التي تعتمد على الفحم، مثلما تفعل الولايات المتحدة الأمريكية، من خلال قانون تخفيض التضخم، ومشروع قانون البنية التحتية للحزبين الجمهوري والديمقراطي لسنة 2021، واللذين يوفران التمويل للاستثمار في التصنيع، والطاقة النظيفة ضمن المجتمعات التي تعتمد على الفحم.
إن التنسيق لتسريع انتقال الطاقة النظيفة، يوفر العديد من الفوائد المتبادلة، فإلى جانب تبادل التكنولوجيا والمعرفة، يمكن أن تلتزم الصين والولايات المتحدة بشكل مشترك، بإزالة الكربون بسرعة، مع مسؤوليات مشتركة، ولكن متباينة، وتحديد هدف الولايات المتحدة، المتمثل في 80 ٪ من الكهرباء النظيفة بحلول عام 2030، على أن تحذو الصين حذوها بحلول عام 2035.
يمكن للولايات المتحدة الأمريكية والصين، من خلال سعيهما لتحقيق المصالح والفرص المشتركة، أن تقودا العالم في إزالة الكربون من شبكاتهما، حيث يجب على قادتهما ألا يدعا خلافاتهما السياسية تعيق ذلك.
* أستاذ مساعد في قسم اقتصاديات الزراعة والموارد في جامعة كاليفورنيا، بيركلي
** مدير سياسة الكهرباء في «إنيرجي إنوفيشن»