«تويتر» واستراتيجيات إيلون ماسك
أنتارا هالدار
في شهر أبريل من هذا العام، تساءل إيلون ماسك، أغنى رجل في العالم، «هل تويتر يحتضر؟» بعد خمسة أيام، أطلق عرضاً غريباً ظاهرياً لشراء منصة التواصل الاجتماعي تويتر. استغرق الأمر شهوراً من الجدل القانوني لإتمام الصفقة، ولكن في السابع والعشرين من أكتوبر، أكد ماسك عرضه الذي بلغت قيمته 44 مليار دولار، وحصل على لعبة جديدة: حرية التعبير.
ومن الناحية المالية، كان استحواذ ماسك على منصة تويتر خطوة غريبة. على الرغم من قاعدة مستخدمي الموقع التي تشمل حوالي 200 مليون مستخدم، بما في ذلك السياسيون والصحفيون والمشاهير لم تحقق منصة تويتر أرباحاً في السنوات الثماني عشر الماضية. ولم يكتفِ ماسك بهدر جزء كبير من ثروته الشخصية في عملية الشراء؛ كما اقترض 13 مليار دولار من مجموعة من المقرضين - القروض ستكلف 9 مليارات دولار في مدفوعات الفائدة على مدى السنوات السبع إلى الثماني المقبلة.
ووفقاً لتصريحات ماسك، لم يكن المال هو الهدف أبداً. إنه يسعى إلى «مساعدة البشرية» من خلال الاستثمار في الصالح العام: ساحة المدينة الرقمية في العالم. في الواقع، اكتسب ماسك الآن نفوذاً كبيراً على هذه الساحة. من خلال جعل تويتر موقعاً خاصاً، يضمن الرئيس التنفيذي - أو الرئيس تويت، كما عرف ماسك نفسهK أنه يستطيع أن يفعل ما يشاء، مع غياب المساهمين الذي يتعين عليه أن يستجيب لهم.
تعد علامة ماسك التجارية بمثابة أزمة جديدة. لكن المشكلات المالية التي يعاني منها موقع تويتر لاسيما شبح إفلاسه المحتمل تمنحه الذريعة التي يحتاج إليها للتصرف بقسوة وعلى نحو غير منتظم كما يشاء، وهو تكتيك استخدمه سابقاً في اثنتين من شركاته الأخرى «تيسلا» و«سبيس إكس».
أثارت سلوكيات ماسك الغريبة جدلاً حول أفضل الممارسات التنظيمية. يبدو أن أتباعه الذين يشيدون به باعتباره عبقرياً حكيماً مقتنعون بأن القيادة الصارمة يمكن أن تشكل ضرورة أساسية لإحياء شركة متعثرة. يأسف منتقدوه لعودة ثقافة «الزعيم السيئ» بعد عقود من التقدم.
يبدو أن النظرية الاقتصادية تدعم المعسكر الأخير. في كتابه بعنوان «الخروج والصوت والولاء»، الذي يتناول دراسته الكلاسيكية للتدهور المؤسسي، اقترح الخبير الاقتصادي السياسي ألبرت أو. هيرشمان أن الاستياء المتزايد داخل أي منظمة يواجه العملاء بخيار: ممارسة سلطتهم من خلال المغادرة، أو البقاء ومحاولة معالجة مصادر التدهور. يعتمد الخيار الذي يختاره الموظف بشكل كبير على الولاء.
يفقد موقع تويتر أكثر مستخدميه نشاطاً، أو «أصحاب التغريدات الكثيفة»، لفترة من الوقت الآن. لكن هذا الاتجاه أصبح الآن مفرطاً، حيث فر ما يقدر بنحو 1.3 مليون مستخدم بما في ذلك العديد ممن استفادت حياتهم المهنية بشكل كبير من المنصة - في غضون أسبوع من استحواذ ماسك عليها.
شهدت عائدات الإعلانات - مصدر 90 ٪ من إيرادات تويتر تراجعاً حاداً أيضاً، مدفوعة بمخاوف من أن نهج عدم التدخل الذي يتبعه ماسك في تعديل المحتوى يشكل خطراً على سمعة الشركات. بالفعل، دعت جماعات الحقوق المدنية إلى مقاطعة الإعلانات العالمية، مع انسحاب كبار المُعلنين من المنصة بما في ذلك مجموعة كارلسبيرغ وبالنسياغا وتشيبوتل ميكسيكان غريل وجنرال ميلز، وجنرال موتورز، ومايسي، وريو، ويونايتد إيرلاينز، ومجموعة فولكس فاجن.
وحذر المهندسون المطلعون على الوضع من أن تويتر قد يعاني من نقص الموظفين لمواصلة تشغيل المنصة بشكل فعال؛ وقد بدأت التصدعات في الظهور بالفعل، مثل العودة إلى إعادة التغريد يدوياً، وحسابات المتابعين «الشبحيين»، والعجز عن تحميل الردود.
* أستاذة الدراسات القانونية التجريبية في جامعة كامبريدج