Dubai Digital Authority - هيئة دبي الرقمية

Contrast

Use toggle below to switch the contrast

Contrast

Read Speaker

Listen to the content of the page by clicking play on Listen

screen reader button

Text Size

Use the buttons below to increase or decrease the text size

A-
A
A+

ماذا نفعل بالدين السيادي لمنطقة اليورو؟

ستيفانو ميكوسي، وإيميليوس إفغولياس

روما/أدنبرة – تحتاج منطقة اليورو إلى سياسة مشتركة جديدة من أجل إدارة الديون السيادية التي تراكمت من قِبل الدول الأعضاء استجابة للجائحة. يحتفظ البنك المركزي الأوروبي حاليًّا بحصة كبيرة من تلك الديون، ولكنه سيحتاج إلى تصفيتها عندما تتطلَّب اعتبارات السياسة النقدية ذلك.

وفي أي وقتٍ تبدأ فيه تلك العملية فإنها قد تتسبَّب في اضطرابات في الأسواق المالية لمنطقة اليورو، وهذا بدوره سوف يزيد من تكلفة تمديد الدين العام، ما قد يؤدي إلى انعدام استقرار منهجي في قطاع المصارف والتي أصابها الضعف فعليًّا بسبب موجة جديدة من القروض المتعثرة.

ونظرًا لتلك المخاوف يجب أن يبقى الدين العام الذي يحتفظ به البنك المركزي الأوروبي خارج الأسواق المالية إلى أجل غير مسمّى، وذلك من خلال جعل آلية الاستقرار الأوروبية تشتري الأوراق المالية الحكومية التي يحتفظ بها البنك المركزي الأوروبي بأموال ناتجة عن إصدار التزامات خاصة بها باليورو، حيث يمكن القيام بذلك بدون تغييرات في معاهدة آلية الاستقرار الأوروبية وبدون خرق قيود المعاهدة والمتعلقة بتبادل الديون.

إن من المتوقع أن يصل معدل النسبة والتناسب بين الدين السيادي والناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو إلى 102% مع وجود سبعة دول قريبة من أو تتجاوز 120% (إيطاليا 160% واليونان فوق 200%) ومع نمو سنوي اسمي يبلغ نحو 3% (إذا افترضنا عودة التضخم إلى نسبة 2% قريبًا)، فإن خفض نسب الديون تلك إلى 60% خلال عشرين سنة- حسب متطلبات ميثاق الاستقرار والنمو (المعلق ) – سيتطلب من تلك البلدان أن تتمتَّع بفوائض أولية كبيرة بنسبة 2-4% من الناتج المحلي الإجمالي.

لكن نظرًا للحاجة إلى توفير دعم مستمر للتعافي فإنَّ الدواء التقليدي المتمثل في قيود الميزانية لسداد الدين السيادي لن يكون متوافقًا مع استدامة الدين، وإضافة إلى ذلك فإنه سوف يحدُّ من قدرة الدول الأعضاء على منع الجروح الاقتصادية والاجتماعية التي تسبَّبت بها الجائحة من أن تصبح ندوبًا دائمة علمًا بأنَّ إعادة هيكلة الدين لا تعدُّ خيارًا قابلًا للحياة، وذلك لأنَّ مثل هذا الخيار قد يلحق الضرر الكبير باقتصادات الدول المثقلة بالديون مما قد يعرِّض الاستقرار الاقتصادي والمالي في طول منطقة اليورو وعرضها للخطر.

إذاً، في نهاية المطاف فإنَّ الزيادة الحالية للدين السيادي لا يمكن تركها للدول الأعضاء؛ لأن تديرها بأنفسها ونظرًا لأن المشكلات المتعلقة بالسياسات الناتجة عنها تؤثر في كل الدول، فإنه يجب التعامل معها بشكل جماعي.

ومنذ بداية 2021 تجاوزت حيازات البنك المركزي الأوروبي للأوراق المالية السيادية 3 تريليونات يورو (3،6 تريليونات دولار أمريكي) أو نحو 30% من إجمالي الدين السيادي المستحق في منطقة اليورو، ونفس النسبة تقريبًا من الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو. إنَّ برامج الاستجابة للجائحة الحالية قد تضيف 1،5 تريليون يورو أخرى قبل أن يتم إيقافها.

لو لم يتم تجديد تلك الديون عند الاستحقاق فإنَّ ظروف السيولة قد تصبح أكثر صعوبة نتيجة لقيام الدول الأعضاء بوضع أوراق مالية مساوية في الأسواق المالية ومن أجل التحقُّق من المرونة المالية لمنطقة اليورو ومنع الدول المثقلة بالديون من أن تصبح في وضع لا تحسد عليه، يجب إبقاء تلك الديون السيادية خارج أسواق رأس المال لفترة أطول مما تبرره اعتبارات السياسة النقدية البحتة. إنَّ من غير المنطقي الاعتقاد بأنَّ إعادة تمويل دين كوفيد-19 يجب أن يخضع لانضباط السوق وذلك نظرًا لأن ذلك وبكل بساطة سوف يعاقب الحكومات على حماية مواطنيها خلال الجائحة.

أي بعبارة أخرى فإنَّ الاستقرار المالي وليس السياسة النقدية هو السبب الرئيس للتدخُّل وإدارة الديون السيادية المستحقة في منطقة اليورو. لا يمكن تكليف  البنك المركزي الأوروبي بهذه المهمة بشكل دائم بدون ازالة الفارق بين السياسة النقدية والسياسة المالية وذلك على النحو الذي حددته محكمة العدل الأوروبية في قضايا غاويلر وأخرون ووفايس وآخرون. ولهذا السبب نقترح عمل تسهيلات مالية جديدة من أجل تمكين آلية الاستقرار الأوروبية من اكتساب ديون سيادية يحتفظ بها البنك المركزي الأوروبي وتجديدها إلى أجل غير مسمّى.

طبقًا لهذا الترتيب فإنه لن يتم تحويل المخاطر السيادية إلى آلية الاستقرار الأوروبية، بل سوف تبقى لدى البنوك المركزية الوطنية. سوف تتطوَّر آلية الاستقرار الأوروبية لتصبح وكالة إدارة الديون لمنطقة اليورو ونظرًا لأنَّ تكلفة السداد لن تذهب إلى آلية الاستقرار الأوروبية، لن يكون هناك خطر انتهاك شرط عدم الإنقاذ المالي في المعاهدة الأوروبية.

سوف تقوم آلية الاستقرار الأوروبية من أجل تمويل مشترياتها السيادية بإصدار التزامات خاصة بها والتي سوف يتم ضمانها من قبل محفظتها السيادية ورأسمالها الوفير والدول الأعضاء في آلية الاستقرار الأوروبية، وهكذا فإنَّ تلك التسهيلات سوف تؤسّس وبشكل كافٍ لسوق كبيرة وعميقة وذات سيولة ضمن أصل أوروبي آمن جديد.

سوف تستمر مشتريات آلية الاستقرار الأوروبية طالما كان ذلك ضروريًّا من أجل تخفيض معدل الدين السيادي المتبقي لدى المستثمرين من القطاع الخاص في منطقة اليورو إلى أقل من 75% من الناتج المحلي الإجمالي – وهي نسبة دين يمكن تحديدها (من خلال تعديل بروتوكول المعاهدة المتعلق بإجراءات العجز المفرطة) كمعيار جديد للكتلة فيما يتعلق بنسبة الديون الى الناتج المحلي الاجمالي.

سوف يتم تأسيس التسهيلات بموجب المادة 14(المتعلقة  بالمساعدة المالية الاحترازية) من معاهدة آلية الاستقرار الاوروبية المعدلة، وبناءً على ذلك لن تنطبق شروط الاقتصاد الكلي المرتبطة بالمساعدة المالية لالية الاستقرار الأوروبية بموجب المادة 12 من المعاهدة وبدلاً من ذلك سوف تكون هناك شروط محدودة تتطلب التقيد بمعايير الأهلية العامة الكافية لضمان الاستقرار المالي لمنطقة اليورو. وبطبيعة الحال فإنَّ أحد الشروط المسبقة لقبول خطتنا هو أنه يجب إصلاح ميثاق الاستقرار والنمو من أجل التأسيس لنظام انضباط مالي أكثر مصداقية.

عندما يتم تطبيق اقتراحنا فإنه سوف يسمح للبنك المركزي الأوروبي باستعادة استقلاليته، حيث لن تكون قرارات السياسة النقدية للبنك مقيدة بالحاجة للحفاظ على ظروف مستقرة في أسواق الديون السيادية الأوروبية والأفضل من ذلك فإنَّ إصدار كميات كبيرة من الأوراق المالية الآمنة المقومة باليورو من شأنه إن يخفف من ضغوط اسعار الفائدة على السندات الألمانية وغيرها من أدوات الدين التي تشكِّل "ملاذًا آمنًا" في الأسواق المالية للدول الأعضاء.

إن إيجاد طريق لإدارة جبل ديون منطقة اليورو المتراكمة خلال الجائحة، يمكن أن يحقق الاستقرار لتوقعات النمو ويخلق بيئة مواتية لاستثمار القطاع الخاص. إنَّ السماح لآلية الاستقرار الأوروبية بأن تشتري من البنك المركزي الأوروبي جميع ديون منطقة اليورو المتعلقة بجائحة كوفيد-19 بالطريقة التي نقترحها يمكن أن يقدم حلًّا دائمًا وذا مصداقية وقبل أن تصبح مشكلة مزعجة طويلة الأجل.

ستيفانو ميكوسي هو المدير العام لاسونيمي وهي جميعة أعمال ومركز أبحاث في روما وهو رئيس القسم الأوروبي للاقتصاد السياسي التابع لمعهد لويس لإدارة الأعمال. ايميليوس افغولياس هو رئيس قسم القانون المصرفي الدولي والتمويل في جامعة أدنبرة ويعمل حاليًّا عضواً في مجموعة الأوراق المالية والأسواق الأوروبية في هيئة الأوراق المالية والأسواق الأوروبية.

حقوق النشر:بروجيكت سنديكت،2021
www.project-syndicate.org