Dubai Digital Authority - هيئة دبي الرقمية

Contrast

Use toggle below to switch the contrast

Contrast

Read Speaker

Listen to the content of the page by clicking play on Listen

screen reader button

Text Size

Use the buttons below to increase or decrease the text size

A-
A
A+

الإجماع الأمريكي بشأن المناخ

لورا تايسون، وليني ميندونكا

بيركلي- في سبتمبر/ أيلول، توصَّلت مبادرة قامت بها العديد من المنظمات المدنية وغير الهادفة للربح إلى اكتشاف رائع، وهو أنه عندما يتم إبلاغها بالصورة الصحيحة عن تغيُّر المناخ، يتفق الأمريكيون من جميع الأطياف السياسية على أنه تهديد مُلح ناجم عن النشاط البشري. وهناك طلب واسع النطاق على نهج يعتمده كل من القطاعين العام والخاص، ويجمع بين الأهداف الفيدرالية والاستراتيجيات المصممة على مستوى الدولة، والاستثمار، والابتكار من القطاع الخاص. ويريد الأمريكيون أن يدار الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون بصورة عادلة. فهم يريدون سياسات مناخية تحمي الأسر ذات الدخل المنخفض والمجتمعات الأكثر تضررًا، مع ضمان عدم تعريض القدرة التنافسية للولايات المتحدة للخطر.

وتمَّ التوصُّل إلى هذه النتائج من خلال America in One Room: Climate and Energy، وهي ممارسة اختبارية تداولية جمعت عينة تمثيلية من962  أمريكيًا للإجابة عن سؤال حاسم: كيف سيفكر الشعب الأمريكي حقًّا بشأن ما نواجهه من تحديات مناخية وطاقية إذا أتيحت له الفرصة للتداول بشأنها بعمق، وبمعلومات جيدة ومتوازنة؟

وكانت هذه العملية من تنظيم "هيلينا" (بالشراكة مع عدة مجموعات أخرى)، وأشرف عليها مركز الديمقراطية التداولية بجامعة ستانفورد والمركز الوطني لبحوث الرأي في جامعة "شيكاغو". وتداول المستجيبون عبر الإنترنت، وكان ذلك من خلال استبيان شامل يطرح72  سؤالًا جوهريًّا حول المناخ والطاقة. ثمَّ تلقوا وثيقة موجزة، وانقسموا إلى104  مجموعات أصغر لمناقشة القضايا، وفي الأخير، أعادوا الاستبيان الأصلي لقياس التغييرات في المعرفة والآراء. وأجابت مجموعة مراقبة منفصلة مؤلفة من671  مواطنًا على نفس الاستبيانات، لكنها لم تشارك في المداولات.

وعلى العموم، تشير النتائج إلى أنَّ غالبية الأمريكيين يعتقدون أنَّ تهديد تغير المناخ حقيقي وفوري، وأنه يتطلب إجراءات علاجية وتخفيفية وانتقالية كبيرة. وتوصل استطلاع "بيو ريسورتش" لعام2021  إلى استنتاجات مماثلة، لكن مشروع "هيلينا" وضح كيف يمكن للمداولات المنظمة بصورة صحيحة أن تقلل الانقسامات الحزبية بشأن هذه القضية.

ولاحظت نادين أونو من كاليفورنيا فورورد، فيما يتعلق بردود الفعل على عبارات مثل، "ارتفاع درجات الحرارة ناتج عن الأنشطة البشرية التي تنبعث منها غازات الدفيئة، مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان، التي تحبس الحرارة في الغلاف الجوي وتدفئ مناخ الأرض"، أنَّ عدد المشاركين الذين وافقوا على ذلك ارتفع من 67٪ قبل المداولات إلى 76٪ بعدها. إذ مع انهيار الهوية السياسية الحزبية، ارتفع عدد الديمقراطيين بنسبة قليلة بلغت 94٪. وزاد عدد المستقلين من14 نقطة إلى 76٪، وزاد الجمهوريون من 35٪ إلى 54٪.

وحدثت حركات مماثلة في ردود المشاركين على بيانات أخرى حول دور النشاط البشري في تغير المناخ، والالتزام تجاه الأجيال القادمة، والحاجة إلى التخلص التدريجي من الفحم، وأهمية اعتماد مزيج من التقنيات، بما في ذلك الطاقات المتجددة. وأظهرت النتائج أيضًا اتفاقًا قويًّا من الحزبين على أولويات تنفيذ الانتقال إلى هدف انبعاثات صافية صفرية. وتشمل هذه دعم الأهداف الفيدرالية بمرونة الدولة؛ ميزانية طويلة الأجل توضح مقدار تكلفة الانتقال، وكيف سيوفر التمويل، ومن سيدفع، وكيف سيكون في متناول الأمريكيين من ذوي الدخل المنخفض والمتوسط؛ وتدابير لتقليل التأثيرات على القدرة التنافسية الاقتصادية للولايات المتحدة، ولا سيما على الوظائف أثناء الانتقال وبعده.

وحتى بعد الإفراط في أخذ عينات من كاليفورنيا وتكساس لتقييم الاختلافات بين آراء المواطنين في أكبر الولايات الزرقاء والحمراء، خلصت الدراسة إلى وجود اتفاق بشأن معظم القضايا واتفاق متزايد بعد المداولات. فعلى سبيل المثال، أظهر سكان تكساس زيادة قدرها23  نقطة في الدعم لتحقيق صافي صفر، منتقلة بذلك نحو اتفاق أوثق مع سكان كاليفورنيا، وأظهر أنَّ سكان كاليفورنيا اقتربوا بـ 15نقطة من سكان تكساس فيما يتعلق بدعم بناء محطات نووية من الجيل الجديد تقلل من مخاطر النفايات والسلامة.

ويؤكد مشروع "هيلينا" أنه عندما يأخذ الأمريكيون الوقت الكافي للانخراط في حوار قائم على الحقائق، فإنهم يميلون إلى التوافق مع الأسئلة الأساسية حول إلحاح تغير المناخ، والسياسات اللازمة لمعالجته. والآن، يجب على صانعي السياسة التصرُّف بناءً على مطالب الجمهور.

وهناك ما يبعث على السرور في هذا السياق. إذ تستعد الحكومة الفيدرالية الأمريكية للقيام باستثمارات غير مسبوقة في التخفيف من حدة تغير المناخ والتكيف معه. ويتضمَّن مشروع قانون البنية التحتية من الحزبين الذي تمَّ تمريره أخيرًا والذي تبلغ قيمته1  تريليون دولار47  مليار دولار لدعم المرونة المناخية، و65 مليار دولار للطاقة النظيفة والاستثمارات المتعلقة بالشبكة، و7.5 مليارات دولار في شكل منح لبناء شبكة وطنية من محطات شحن السيارات الكهربائية.

وفضلًا عن ذلك، مهَّد إقرار قانون البنية التحتية الطريق أمام الاقتراح الذي طرحه الرئيس الأمريكي، جو بايدن، وهو إعداد ميزانية إعادة البناء بصورة أفضل، والذي يتضمّن ما يقدر بنحو555  مليار دولار لمعالجة أزمة المناخ. ويتضمن مشروع القانون، الذي أقرَّه مجلس النواب بالفعل،300  مليار دولار من الحوافز الضريبية لتوليد الطاقة النظيفة، والمركبات الكهربائية، وخطوط النقل، وكفاءة الطاقة المنزلية. كما ستنشئ هيئة مناخية مدنية لاستعادة الغابات، والأراضي الرطبة، وتعزيز القدرة على التكيف مع تغير المناخ. وسيفرض رسومًا جديدة على انبعاثات غاز الميثان، وهو غاز من الغازات الدفيئة أقوى بكثير من ثاني أكسيد الكربون.

وأخيرًا، صممت أحكام المناخ في الاقتراح بصورة جيدة لتسريع التحول في الاقتصاد الأمريكي من الوقود الأحفوري ومحركات الاحتراق الداخلي إلى مصادر الطاقة المتجددة والمركبات الكهربائية. وهذه العملية جارية بالفعل، بسبب التخفيضات الكبيرة في أسعار الطاقات الأنظف على مدى العقد الماضي.

وبينما تتعبأ الحكومة الفيدرالية للتصدي لتغير المناخ، تواصل العديد من حكومات الولايات اتخاذ إجراءات حازمة من جانبها. فحتى الآن، اعتمدت14  ولاية إلى جانب مقاطعة كولومبيا معايير صارمة لانبعاثات السيارات في كاليفورنيا، كما فعلت صناعة السيارات نفسها. وفي ولاية كاليفورنيا، 60٪ من الكهرباء خالية من الكربون، مقارنة بـ40٪ فقط في بقية الولايات المتحدة و33٪ في العالم. ووضع الحاكم، غافين نيوسوم، هدفًا لعام2045  يتمثَّل في حياد الكربون وكهرباء خالية من الكربون بنسبة 100٪، إضافة إلى ضرورة أن تكون جميع سيارات الركاب الجديدة التي تباع في كاليفورنيا خالية من الانبعاثات بحلول عام 2035. كما وعد أيضًا بمبلغ 3.9 مليارات دولار للاستثمارات في شحن المركبات الكهربائية، وغيرها من التدابير لتسريع التحول إلى مستقبل صافي الصفر.

إنَّ الشعب الأمريكي يطالب باتخاذ الإجراءات اللازمة للتصدي للمناح. والدولة والحكومات المحلية تستجيب لمطلباتهم. وسنعرف في الأسابيع القليلة المقبلة ما إذا كان الديموقراطيون في مجلس الشيوخ سيتتجيبون لذلك أيضًا.

ترجمة: نعيمة أبروش     Translated by Naaima Abarouch

لورا تايسون، الرئيسة السابقة لمجلس رئيس الولايات المتحدة للمستشارين الاقتصاديين، وهي أستاذة في كلية الدراسات العليا في كلية هاس للأعمال، ورئيسة مجلس أمناء مركز "بلوم" في جامعة كاليفورنيا، بيركلي. وليني ميندونكا، الشريك الفخري الأول في شركة McKinsey & Company  كامبني أند ماكنزي، هو كبير المستشارين الاقتصاديين والتجاريين السابقين لحاكم ولاية كاليفورنيا، جافين نيوسوم، ورئيس هيئة السكك الحديدية عالية السرعة في كاليفورنيا.

حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2021.
www.project-syndicate.org