استهداف الفن لإثارة الانتباه للمناخ
المصدر: بيتر سِنجر
في يوليو الماضي، دخل ناشطان ينتميان إلى الحركة البيئية Just Stop Oil إلى المعرض الوطني في لندن، ثم شَـقّـا طريقهما إلى لوحة «عربة القش» (The Hay Wain) للرسام جون كونستابل، وهي لوحة مبدعة تصور ريف إنجلترا كما كان قبل مئتي عام. بعد تغطية اللوحة بصورة تعبر عن الدمار البيئي، استخدما مادة لاصقة لتثبيت أيديهما بإطار اللوحة وانتظرا إلقاء القبض عليهما.
بعد ثلاثة أشهر، ذهب ثنائي آخر من النشطاء إلى المعرض الوطني وألقيا حساء الطماطم على لوحة فنسنت جوخ الشهيرة «عباد الشمس» (Sunflowers). وفي هولندا، لصق أحد النشطاء رأسه بلوحة جوهانس فيرمير، «الفتاة ذات القرط اللؤلؤي» (Girl with a Pearl Earring)، في حين سَـكَـبَ آخر مادة حمراء عليه.
وفي فيينا، قام أعضاء من حركة «الجيل الأخير» (Last Generation)، وهي المنظمة التي حملت هذا الاسم في الإشارة إلى أننا الجيل الأخير القادر على منع تغير المناخ الكارثي، بصب سائل زيتي أسود على لوحة جوستاف كليمت «الموت والحياة» (Death and Life). وفي بوتسدام، لَـطَّـخَ آخرون لوحة كلود مونيه «أكوام القش» (Haystacks) بالبطاطس المهروسة.
في كل هذه الوقائع، اختار النشطاء لوحات محمية بالزجاج، لافتين الانتباه إلى أعمال فنية عظيمة، ولكن دون الإضرار بها. مع لوحة «عربة القش»، كانت الرسالة: «إذا لم نتوقف عن استخدام الوقود الأحفوري، فسوف تختفي إلى الأبد مشاهد كتلك التي رسمها كونستابل».
يذكرنا عنوان لوحة كليمت، «الموت والحياة»، بأن تغير المناخ قضية حياة أو موت. استخدم النشطاء لوحة «الفتاة ذات القرط اللؤلؤي» لتحدي قيمنا، سائلين المتفرجين المصدومين كيف شعروا عندما رأوا اللوحة الجميلة وهي تُـخَـرَّب. سألوا: «هل تشعرون بالغضب؟» ــ ثم أجابوا عن سؤالهم: «حسناً. أين هذا الشعور وأنتم ترون كوكب الأرض وهو يُــدَمَّـر أمام أعينكم؟».
نحن نُـقَـدِّر الفنون، لكن ما قد نخسره بسبب تغير المناخ أعظم أهمية بدرجة لا تقبل المقارنة. إن كل ما نقدره على هذا الكوكب معرض للخطر، بما في ذلك استمرارية الحياة البشرية وغير البشرية. لماذا إذن يدعم كثيرون هدف اتخاذ تدابير أقوى ضد تغير المناخ، ومع ذلك يعارضون أفعال حركات مثل Just Stop Oil، أو «الجيل الأخير»؟
هل سألت نفسك من سيكون الأشد معاناة إذا فشلنا في منع تغير المناخ الكارثي؟ الإجابة هي الشباب وأولئك الذين لم يولدوا بعد ــ كل من الفئتين غير ممثلة في غالبية أنظمتنا السياسية.
في كتابها بعنوان «العدالة عبر العصور» (Justice Across Ages)، تستشهد جوليانا أوهورو بيدادانور، الأستاذة في جامعة ستانفورد، بإحصاءات تثبت أنه حتى بين الأشخاص الذين يبلغون السن التي تسمح لهم بالإدلاء بأصواتهم، نجد أن أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 35 عاماً غير ممثلين إلى حد كبير في الهيئات التشريعية.
في الولايات المتحدة، يكرس الدستور هذا التحيز ضد الشباب، فيجعل عضوية مجلس النواب ومجلس الشيوخ مقصورة على أولئك الذين لا تقل أعمارهم عن 25 عاماً و30 عاماً، على التوالي، كما أن عمر رئيس الولايات المتحدة لا يجوز أن يكون أقل من 35 عاماً.
في غياب أي من هذه التدابير، يستطيع النشطاء في الدفاع عن البيئة أن يزعموا، عن حق، أن عصيانهم المدني السلمي مبرر بفشل ديمقراطياتنا في إبداء القدر الكافي من الاهتمام بمصالح أجيال المستقبل. مثلما كانت حال المطالبات بحقهن في التصويت قبل أكثر من قرن من الزمن، فإن شباب اليوم لا صوت لهم.
* أستاذ أخلاقيات الطب الحيوي في جامعة برينستون، وهو مؤسس المنظمة الخيرية «الحياة التي يمكنك إنقاذها»