درجات الحرارة بوصفها «مشكلة عالمية»
كريستي إل. إيبي
ينبغي أن تبادر الدول والمؤسسات والهيئات العالمية، ومن أجل مستقبل أكثر دفئاً، إلى القيام باستثمارات عاجلة وفورية تستفيد من أفضل الممارسات والدروس على صعيد خطط التكيف مع موجات الحرارة الحالية. ويجب توسيع نطاق النماذج التي أثبتت جدواها لتعزيز المرونة والاستدامة. يمكن النجاة من درجات حرارة مرتفعة بشكل غير مسبوق، ولكن فقط إذا كنا على أتم الاستعداد لمواجهتها.
على الرغم من أنه يمكن الوقاية من جميع الوفيات المرتبطة بالحرارة تقريباً، إلا أن موجات الحر تتسبب في وفاة آلاف الأشخاص في جميع أنحاء العالم سنوياً. كما ترتبط الحرارة الشديدة بجملة أمراض ومخاطر صحية. وبالتالي، تُشكل درجات الحرارة القصوى مشكلة «المجتمع بأسره». مثل هذه الظروف لا تضر فقط بصحة الإنسان؛ كما أن لها آثاراً ضارة على البنية التحتية، وغلة المحاصيل، ووفيات الدواجن، مما يهدد سبل العيش ويقوض الأمن الغذائي. كان بلوغ ذروة درجات الحرارة لعام 2021 في شمال غرب المحيط الهادئ وغرب كندا مثالاً على ذلك.
لقد كان حدثاً يكاد يكون مستحيل الحدوث لولا أزمة تغير المناخ. فقد كانت درجات الحرارة القصوى أعلى بحوالي 5 درجات مئوية من الأرقام القياسية السابقة، مما تسبب في حوالي 1000 حالة وفاة إضافية وزيادة 69 ضعف حالات دخول المستشفيات المرتبطة بالحرارة. كما انخفضت غلات محاصيل القمح والكرز، وتم طهي عدد كبير من بلح البحر، والمحار في موائلها البحرية، مما يهدد الأمن الغذائي وسبل العيش بالنسبة للشعوب الأصلية والمجتمعات ذات الدخل المنخفض.
في الواقع، يعزى ما يقرب من %40 من الوفيات المرتبطة بالحرارة إلى مشكلة تغير المناخ. وفي حين من المتوقع أن تزيد التغيرات المناخية من وتيرة ومدة وشدة موجات الحر، فإن الحاجة إلى اتخاذ تدابير إضافية لحماية الناس ستصبح أكثر إلحاحاً. وفي غياب الاستثمارات الفورية والحاسمة لتعزيز مرونة المجتمع والأنظمة الصحية، ستزداد حالات الوفيات المرتبطة بالتعرض للحرارة.
هناك حاجة إلى وضع خطط عمل واضحة ومستندة إلى الأدلة بشكل جيد لحماية الناس من موجات الحر والحد من حالات الدخول إلى المستشفيات والوفيات. بالإضافة إلى أنظمة الإنذار المبكر والاستجابة، هناك حاجة إلى تخطيط طويل الأجل مدى الحياة على كوكب أكثر دفئاً. وهذا يعني توفير المزيد من المساحات الزرقاء والخضراء، وتغيير مواد البناء، والتركيز على إيجاد سبل لحماية الأشخاص من موجات الحر، وليس على البيئة المُحيطة.
وينبغي أن تتضمن الأنظمة الفعّالة أيضاً عمليات تعاونية لضمان مراعاة التدخلات للقدرات والقيود المحلية. سيتعين على وزارات الصحة العمل عن كثب مع (من بين جهات أخرى) خدمات الأرصاد الجوية المائية، والشرطة وإدارات مكافحة الحرائق، وخدمات الطوارئ، والوكالات المسؤولة عن رعاية المسنين، والأصوات الموثوقة للفئات المُستضعفة (مثل البالغين الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً والمجتمعات المُهمشة).
توجد بالفعل أنظمة إنذار مُبكر فعّالة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في البيئات منخفضة الموارد مثل مدينة أحمد آباد في الهند. علاوة على ذلك، تقوم منظمات مثل الشبكة العالمية للمعلومات المتعلقة بالصحة والحرارة بجمع وتبادل البيانات حول التجارب وأفضل الممارسات المحلية والوطنية. يتزايد الطلب على التوجيه الإضافي بسرعة، إلى جانب زيادة تواتر وشدة موجات الحر.
ويجب على المخططين تبني الجداول الزمنية لمراجعة التغييرات في بداية ونهاية موسم الصيف، مع تطوير التعاون الإقليمي لضمان تبادل الرسائل بشكل مُتسق. ستلعب أنظمة الإنذار المبكر المتدرجة التي تمثل عتبات متعددة أيضاً دوراً أكبر، مثل قراءات درجة الحرارة إلى جانب تحديد السكان المُعرضين للخطر بشكل خاص على الصعيد المحلي.
لا يجدر أن تتضمن اختبارات الإجهاد موجات الحر فحسب، بل أيضاً المخاطر المركبة مثل الأحداث المتتالية: موجة حر مقترنة بحرائق الغابات؛ أو موجة الحر التي تتزامن مع جائحة، كما حدث في شمال غرب المحيط الهادئ في عام 2021. يمكن أن يكون وضع خرائط للمناطق المعرضة للمخاطر أداة فعّالة لمساعدة صُناع القرار على تحديد الأماكن التي تشتد فيها الحاجة إلى التدخلات لحماية صحة ورفاه الإنسان.