نحو إدارة مستدامة للمحيطات
ألكسندر كوزول - رايت
في وقت سابق من هذا الشهر عقدت الأمم المتحدة مؤتمرها للمحيطات في لشبونة - البرتغال. لقد كان الهدف هو «الدفع قدماً بحلول مبتكرة ذات أساس علمي، تشتد الحاجة إليها من أجل البدء بفصل جديد من العمل العالمي المتعلق بالمحيطات». يحتاج العالم إلى «محيط تتم إدارته بشكل مستدام»، وفقاً لما قاله وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون القانونية ميغيل دي سيربا سواريس الذي أشاد بالمؤتمر باعتباره «نجاحاً هائلاً». ليس من المبالغة في شيء الكلام عن أهمية المحيط فهو أكبر محيط حيوي على كوكب الأرض ويستضيف ما يصل إلى 80 % من جميع أشكال الحياة على الأرض، كما أنه ينتج 50 % من الأكسجين الذي نتنفسه ويمتص ربع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وهو أمر ضروري لتنظيم المناخ والطقس، كما أنه حيوي من الناحية الاقتصادية، حيث يعمل ما يقرب من 120 مليون شخص في القطاع السمكي والأنشطة ذات الصلة ومعظمهم من خلال مشاريع صغيرة في البلدان النامية.
لكن خلال العقود الأربعة الماضية، تعرض المحيط لضغط غير مسبوق، وهذا يعود إلى حد كبير للنمو السريع في النشاطات البحرية التجارية، ويعتبر هذا النمو كبيراً بشكل خاص في المناطق الاقتصادية الخالصة.
ويبدو أن صناع السياسات استنتجوا أن الشركات سيكون لها مصلحة مالية في تبني ممارسات تجارية مسؤولة من أجل الحفاظ على الموارد التي كانت تجني منها كل هذه القيمة، ولكن الذي حصل أن عمليات التنقيب عن النفط والغاز على نطاق واسع، والصيد الصناعي، والتجارة البحرية المحمومة قد تسببت كما أشار مبعوث الأمم المتحدة الخاص للمحيطات بيتر تومسون أخيراً في «تدهور صحة المحيط».
لقد وصل التحمض البحري والسخونة إلى مستويات قياسية العام الماضي. إن حوالي 13 % من المحيطات فقط مؤهلة الآن لأن يتم اعتبارها على أنها «برية بحرية» (مساحات بحرية بيولوجية وبيئية سليمة وخالية في الغالب من الاضطرابات البشرية). إن أكثر من ثلث الثدييات البحرية وما يقرب من ثلث الشعاب المرجانية المكونة للحيد البحري مهددة الآن بالانقراض.
وفي هذا السياق تم عقد مؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات من أجل «وقف تدمير» النظم البيئية للمحيطات، وأعادت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193 دولة التأكيد على تعهدها بتعزيز الحوكمة البحرية من خلال إجراءات من بينها تعزيز جمع البيانات وتشجيع التمويل للحلول القائمة على أساس الطبيعة.
في واقع الأمر باستثناء الخطط التي أعلنتها كولومبيا أخيراً لإنشاء أربع محميات بحرية جديدة، لم يتم القيام بأي تعهدات ملزمة، ومن الأمور التي تعبّر عن ذلك الطريق المسدود الذي لم يتم التغلب عليه فيما يتعلق بالتعدين في أعماق البحار.
إن النتيجة الرئيسية للمؤتمر هي أن الأمم المتحدة لا تزال ملتزمة بالتغيير التدريجي مع بقاء السيطرة التامة للقطاع الخاص، حيث ينعكس ذلك في التركيز على حلول «رأس المال الطبيعي»، والتي تتضمن وضع سعر على الطبيعة من أجل إنقاذها. لقد خضعت صناعة السياسات الليبرالية الجديدة، والتي تسببت بالأزمة الحالية لتغيير أيديولوجي، فبعد فشل رأسمالية المساهمين في ضمان التنظيم الذاتي من قبل الملاك من القطاع الخاص، فإن من المفترض أن تنجح «رأسمالية أصحاب المصلحة»، لأن الشركات ستوازن بين المصالح المتنافسة للمستثمرين والعمال والمجتمعات والبيئة.
الآن، لدى العالم فرصة لتبني نهج واعد أكثر من أجل حماية المحيط: المؤتمر الحكومي الدولي المعني بالتنوع البيولوجي البحري للمناطق خارج نطاق الولاية الوطنية، حيث من المتوقع أن تؤدي الاجتماعات التي تستأنف في نيويورك هذا الأسبوع إلى التوصل لإطار قانوني يحكم جميع المناطق البحرية خارج المناطق الاقتصادية الخالصة للدول الساحلية.
تشكل أعالي البحار 64٪ من مساحة سطح المحيط وتستضيف أكبر خزانات التنوع البيولوجي على الأرض. إن عدد الأنواع البحرية التي تعتمد على تلك المساحة كبير جداً مع توقع اكتشاف المزيد منها.
* باحث في شبكة Third World Network