«مجموعة السبع» وتحديات الطاقة
طُلب ذات مرة من الكيميائي الراحل ريتشارد سمالي، الحائز على جائزة نوبل، أن يصنف التحديات العالمية حسب درجة الإلحاح. وأشار إلى المشاكل التي عادة ما تشكل مصدر قلق وهي الفقر، والجوع، والصراعات، والوصول إلى الموارد، ووضع أمن الطاقة على رأس قائمة هذه التحديات. وجادل «سمالي» بأن جميع المشاكل الأخرى يمكن أن تُحل إذا كان بإمكاننا ضمان إمدادات طاقية فعالة.
وفي الوقت الراهن، نظراً لما تتعرض له اقتصادات دول مجموعة السبع ومؤسساتها الديمقراطية من تأثيرات متتالية مترتبة عن انعدام الأمن الطاقي، يكتشف العالم من خلال الظروف التي يمر بها أن «سمالي» كان على حق. إذ نعتمد على وسائل محدودة فيما يتعلق بالحوكمة الدولية أو اتخاذ القرارات المستندة إلى العلم في مجال أمن الطاقة. لذلك، دعونا نأمل أن تؤدي الصدمة التي سببتها الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية والحرب في أوكرانيا إلى اعتماد مزيد من الإجراءات الدولية البناءة، والسياسات المحلية المعقولة في مجال الطاقة.
وتجسد سياسات الاتحاد الأوروبي في مجال الطاقة ما يسميه الجغرافيون «التضخيم الاجتماعي للمخاطر»، لاسيما أن قرار ألمانيا الذي ينص على التخلص التدريجي من الطاقة النووية المحلية في أعقاب حادث «فوكوشيما»، الذي تعرضت له اليابان عام 2011 كان مخالفاً لنتائج لجنة خبراء الأمم المتحدة، التي لم تكتشف أي عناقيد سرطانية سببية مرتبطة بالحادث، حتى بعد مرور عشر سنوات من تسجيل البيانات التفصيلية. لقد تصرفت اليابان نفسها بأسلوب أكثر عقلانية، حيث أبقت الطاقة النووية متاحة لتوليد كهرباء الحمولة الأساسية.
وسواء تعلق الأمر بمجموعة الدول السبع أو غيرها، غالباً ما تسيء القوى السياسية في كلا التيارين المعارضين تطبيق «المبدأ الوقائي» على حساب الاستخدام المعقول للعلم في صنع القرار. فحتى السياسيون الأوروبيون اليمينيون ينجذبون نحو الشعبوية البيئية، وهذا ما أظهره إلغاء صربيا في وقت سابق من هذا العام لمشروع تعدين الليثيوم.
وسيؤثر قرار الحكومة الصربية سلباً على آفاق الطاقة المتجددة، لأن بطاريات الليثيوم الأيونية ضرورية لتخزين البطاريات في الشبكات الذكية، والبنية التحتية الخضراء ذات الصلة. وفي غضون ذلك، لا تزال العديد من المشاريع في الولايات المتحدة تعاني من الصراعات البيئية على الرغم من سلسلة الأوامر التنفيذية بشأن المعادن المهمة. فحتى تنفيذ قانون الحد من التضخم الذي جرت المصادقة عليه مؤخراً سيواجه عقبات، حيث إن المجموعات البيئية مستعدة بالفعل لمعارضة أحكام التعدين التي ينص عليها.
ويعكس جزء كبير من المعركة الحالية حول تغير المناخ تضارباً جوهرياً في فهم الناس للعلاقة بين الطبيعة والنظام الاجتماعي والسياسي.
سيكون من الضروري أن يقدم أنصار حماية البيئة تنازلات للسماح باستخراج المعادن المهمة لهذه البنية التحتية. إذ تستلزم عملية إعادة التدوير الطلب على الطاقة، والتحول إلى اقتصاد دائري يتطلب منا في البداية أن يكون لدينا ما يكفي من المخزون فيما يتعلق بالمواد الموجهة لإعادة التدوير.
ولا يفصلنا سوى عام عن موعد عقد قمة مجموعة السبع لعام 2023 المقررة في اليابان - الدولة التي أظهرت براغماتية ملحوظة في تأمين طاقتها وتنويع مصادرها. لذا يجب أن تبدأ مجموعة العمل المكلفة بتطوير مثل هذه اللجنة في العمل على الفور.
ويجب الآن تأطير الحلول المتعلقة بكل من التخفيف من آثار تغير المناخ وأمن الطاقة من خلال التخطيط الطويل الأجل للطوارئ من أجل توفير مزيج متنوع من الطاقة يتوافق مع قوانين الطبيعة الأساسية، وليس الاعتبارات السياسية. إن العبارة التي تقول «لا يوجد شيء بدون مقابل» صحيحة تماماً عندما يتعلق الأمر بتلبية الطلب على الطاقة.