Dubai Digital Authority - هيئة دبي الرقمية

Contrast

Use toggle below to switch the contrast

Contrast

Read Speaker

Listen to the content of the page by clicking play on Listen

screen reader button

Text Size

Use the buttons below to increase or decrease the text size

A-
A
A+

لماذا تعاود جائحة كوفيد-19 الانتشار في أميركا؟

سيمون جونسون

واشنطن، العاصمة ــ طوال عام 2020 وحتى أوائل عام 2021، كان الأمل قائمًا في إمكانية إنهاء جائحة مرض فيروس كورونا 2019 (كوفيد-19) بطريقة سريعة وحاسمة مع بعض الحظ والقدر الكافي من اللقاحات. ولكن بحلول هذا الصيف، بات من الواضح أنَّ هذا لن يحدث في الولايات المتحدة. يمثل المتحور دلتا تحولًا مؤسفًا في الأحداث والذي تفاقم بسبب عدم رغبة كثيرين في تلقي التطعيم.

في ضوء هذه التطورات، كيف ينبغي لإدارة الرئيس جو بايدن تعديل استراتيجيتها في التعامل مع كوفيد-19؟ في قِـسمه الأعظم، يسير نهج الإدارة على الطريق الصحيح ويخلف أفضل تأثير ممكن في ظل الظروف الحالية. ويتمثل أفضل طريق إلى الأمام في البقاء على المسار وتجاهل المستهينين والمنتقدين.

الواقع أنَّ قدرة الحكومة الفيدرالية محدودة بطبيعة الحال في ما يتصل بما يمكنها القيام به بشأن الصحة العامة. ساعد الدعم من الحزبين على إنتاج العديد من اللقاحات الفعّالة بدرجة لافتة للنظر ــ يجب أن تحصل المعاهد الوطنية للصحة على درجة عالية في أي تقييم لأدائها، بما في ذلك الكيفية التي حشدت بها وتعاونت مع شركات القطاع الخاص. فهذه هي على وجه التحديد الطريقة التي يجب أن تعمل بها الحكومة والشركات معًا في حالات الطوارئ الوطنية لضمان استغلال كل القوة العلمية المتاحة.

تعرضت المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها للعراقيل بسبب التدخلات السياسية والارتباك عند القمة طوال عام 2020. وساعد وصول قيادة جديدة ونهج أفضل كثيرا من جانب البيت الأبيض على السيطرة على الموقف. قد لا يتفق الجميع مع كل النصائح المقدمة، ولكن هناك اعتراف عام بأنَّ تقييم الأدلة وتوخي الحذر بشأن صحة الناس من الاعتبارات الراجحة التي تدرسها المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها.

كان وزير الصحة الأميركي منشغلًا أيضًا بتعزيز الصحة العامة وتقديم المشورة المعقولة عبر مجموعة واسعة من القضايا المتعلقة بالجائحة وما بعدها. في محاولتها لمجاراة هذه القيادة، تحرص شركات القطاع الخاص على نحو متزايد على تشجيع بل وحتى الضغط على موظفيهاــ وخاصة عندما يتفاعلون شخصيا مع الزملاء أو يتولون أدوارًا تنطوي على التعامل مع الجمهور بشكل مباشر ــ للحصول على التطعيم.

كان المتخلفون في الجهود المبذولة لمكافحة كوفيد-19 منتشرين على مستوى الولايات. استخدمت بعض الولايات نبرة أكثر إيجابية، مع تطعيم المزيد من العاملين في مجال الرعاية الصحية، والكليات التي تشترط تطعيم الطلاب وأفراد هيئة العاملين الراغبين في التواجد في الحرم الجامعي. لا يخلو الأمر أبدًا من تحديات قانونية في أميركا، لكن الحجة التي تزعم أن المرء "يجب أن يكون حرًّا في إصابة زملائه بعدوى مرض من المحتمل أن يكون قاتلًا" لا تكتسب حتى الآن سوى القليل من الجاذبية لدى المحاكم.

من المؤسف أنَّ بعض قادة الولايات استمروا في التعامل مع جائحة كوفيد-19 على أنها كرة قدم سياسية. وربما يشعرون أنَّ هذا النهج نجح معهم في عام 2020، عندما كان بوسعهم الزعم بأنَّ "فتح" الأنشطة كان مفيدًا للاقتصادات المحلية، حتى وإن تزايدت معدلات الإصابة بالعدوى. ولكن في عام 2021، بعد اللقاح، أصبح الموقف مختلفًا تمام الاختلاف. فالآن يعني رفض اتباع نصائح المعاهد الوطنية للصحة، ومراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها، ووزير الصحة، تثبيط جهود التطعيم، وهذا يعني بدوره المزيد من الإصابات، والمزيد من الضغوط على المستشفيات، والمزيد من الوفيات، وبطريقة أو بأخرى اقتصادا محليًّا أكثر كسادًا.

هناك تدابير مضادة يمكن اتخاذها إذا أدت معدلات التطعيم المنخفضة إلى زيادة انتشار المرض. لكن بعض المجالس التشريعية والمسؤولين التنفيذين في الولايات يعارضون فرض ارتداء الأقنعة وتعوزهم الحماسة في فرض الاختبارات المنهجية على المجموعات السكانية التي لا تظهر عليها أعراض المرض. المحصلة هي أنَّ جائحة كوفيد-19، في الأماكن حيث القيادات أكثر إهمالًا، ستخلف تأثيًرا سلبيًّا أعظم على الصحة العامة والاقتصاد. سيموت الناس، ويبتعد الزوار، ولن تتمكن الشركات من البقاء مفتوحة، وسوف يُـستَـغـنى عن العمال مرة أخرى.

ربما يغير قادة الولايات المتمردة رأيهم عندما تتسبب أعداد مرضى كوفيد-19 المتزايدة في إرباك المستشفيات ووحدات العناية المركزة. لكن بسبب الافتقار إلى المساءلة السياسية في أميركا الحديثة، فمن المرجح أن يجد معظمهم أعذارًا أو سبلًا للإلهاء.

المأساة هنا هي أنَّ المرض سيواصل إصابة المستضعفين بعدواه ــ فيقتلهم أو يمرضهم لفترة طويلة. وهذا أمر يمكن تجنبه تمامًا لكنه يصبح حتميًّا إذا لم يتم تطعيم معاوني الرعاية الصحية والصحة المنزلية بنسبة 100%. وقد عمل القادة الوطنيون في دور رعاية المسنين وصناعة رعاية كبار السن، والعديد منهم على مستوى الولايات، بكل جدية لإقناع كل العاملين باختيار التطعيم، لكن هذا كل ما يمكنهم القيام به.

يواجه أرباب العمل في القطاع الخاص اختيارًا صعبة ــ فإذا اشترطوا التطعيم، سيستقيل بعض العاملين. مع ذلك، من المرجح على نحو متزايد أن تتبع الشركات خطى شركة الطيران دلتا من خلال فرض رسوم إضافية على العاملين غير المحصنين واشتراط المزيد من الاختبارات على هؤلاء الأشخاص.

الهيئة الفيدرالية الوحيدة التي لا تزال في احتياج إلى بذل المزيد من الجهد هي إدارة الغذاء والدواء، التي لم تتحرك بالقدر الكافي من السرعة للموافقة على اختبارات كوفيد-19 والتقنيات التي كانت مناسبة لفحص السكان والحد من انتشار العدوى. صحيح أنَّ أداء إدارة الغذاء والدواء تحسن ــ بما في ذلك مع الموافقة الكاملة على لقاح فايزر-بيونتك، والآن دراسة مسألة الجرعات المعززة. لكن تعيين رئيس جديد لهذه الهيئة الأساسية يجب أن يتم بواسطة بايدن ومن الأهمية بمكان أن يؤكد مجلس الشيوخ الأميركي على تعيينه قريبًا.

ورثت إدارة بايدن حالة طوارئ في مجال الصحة العامة جرى التعامل معها على نحو رديء. وكانت استجابتها قوية وفعالة. ولكن تظل المتحورات الجديدة تشكل تهديدًا. والسبيل الوحيد للمضي قدمًا إلى الأمام يتمثل في متابعة الالتزام الثنائي الحزبية بتوفير اللقاحات المجانية والفعّالة للجميع إلى النهاية.

ترجمة: مايسة كامل            Translated by: Maysa Kamel

سيمون جونسون كبير خبراء الاقتصاد في صندوق النقد الدولي سابقًا، وأستاذ في كلية سلون للإدارة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، والرئيس المشارك لتحالف سياسات كوفيد-19. وهو المؤلف المشارك، مع جوناثان جروبر، لكتاب "دفع عجلة أميركا: كيف تساعد العلوم المتطورة على إحياء النمو الاقتصادي والحلم الأميركي".

حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2021.
www.project-syndicate.org