التدخل الإنساني في الحرب ضد المخدرات
المصدر: مارتن إغناسيو دياز
في الثامن عشر من يونيو عام 1971، شن الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون، «الحرب على المخدرات». ولكن بدلاً من تحسين الصحة العامة والرفاهية في الولايات المتحدة من خلال اتخاذ إجراءات صارمة ضد تعاطي المخدرات، فقد تسبب في تدمير حياة الملايين من الناس في الداخل والخارج على حد سواء، وخصوصاً في أمريكا اللاتينية ووسط أفريقيا وجنوب شرق آسيا. السؤال المطروح الآن هو كيف يمكن إصلاح الضرر.
كان نهج نيكسون في التعامل مع تعاطي المخدرات عقابيًا بشكل أساسي. وبالتالي، فإنه يفرض ضغوطًا كبيرة على قوات الأمن والنظام الجنائي، بينما يُرسل الملايين إلى السجن لارتكابهم جرائم غير عنيفة. وفي عام 2020، سجلت قوات الأمن في الولايات المتحدة أكثر من 1.1 مليون حالة اعتقال تتعلق بالمخدرات، أغلبها لحيازة كميات بسيطة.
في الواقع، لم تمنع كل هذه الأحداث المدمرة تعاطي المخدرات، ثمة ما يقدر بنحو 271 مليون شخص في جميع أنحاء العالم يتعاطون المخدرات المحظورة بموجب المعاهدات الدولية، في حين أن الوصم والتجريم يجعلان حياة مستخدمي المخدرات أكثر خطورة وغير صحية. واليوم، يحتاج حوالي 35 مليون شخص ممن يتعاطون المخدرات إلى رعاية صحية عقلية وجسدية، كما يعاني سبعة ملايين شخص من الأمراض المعدية المرتبطة بتعاطي المخدرات عن طريق الوريد (فيروس نقص المناعة البشرية والتهاب الكبد الفيروسي). يموت أكثر من 500 ألف شخص كل عام بسبب تعاطي جرعات زائدة أو مخدرات مغشوشة، كما تشهد معدلات الوفيات الناجمة عن الجرعات الزائدة ارتفاعًا مستمرًا.
وفي الوقت الحاضر، أصبح العقم والدمار الناتجان عن الحرب ضد المخدرات راسخين ومعترفاً بهما على نطاق واسع، حيث يقوم الخبراء والمسؤولون العموميون ومنظمات المجتمع المدني في جميع أنحاء العالم بمراجعة مواقفهم. ويتجه عدد متزايد من البلدان نحو تنفيذ إصلاحات في السياسات المتعلقة بالمخدرات. وفي أكتوبر الماضي، أصدر الرئيس الأمريكي جو بايدن عفواً عن آلاف الأشخاص الذين أدينوا بتهم فيدرالية تتعلق بحيازة الماريجوانا منذ بدء الحرب على المخدرات.
وفي حين تُعد هذه الخطوات موضع ترحيب بلا شك، إلا أنها ليست سوى البداية. سيتطلب إصلاح النماذج الدولية لمكافحة المخدرات، والتراجع عن بعض الأضرار الناجمة عن الحرب ضدها، نهجًا إنسانيًا يركز على التدخلات غير المَرَضية التي تعمل على تعزيز الصحة الفردية والعامة.
تشمل هذه التدخلات الصحة العقلية المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بتعاطي المخدرات. ومن الأهمية بمكان بذل الجهود لتحديث ومجانسة معايير تقييم الصحة النفسية ومستويات الرعاية. عندها فقط يصبح من الممكن تحديد ومعالجة أوجه التفاوت في إمكانية الحصول على الرعاية الصحية في مختلف المناطق. وعلى نطاق أوسع، ينبغي مواءمة السياسات الوطنية المتعلقة بالمخدرات مع الجهود الدولية.
وما فتئت المنظمات الدولية، بما في ذلك جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، التي تعمل منذ عقود على معالجة العواقب الصحية الناجمة عن تعاطي المخدرات والحرب على المخدرات، تدعو إلى تنفيذ مثل هذا النهج.
يقر توافق روما 2.0 بأنه لا يمكن تحقيق النجاح إلا إذا «طالبنا على جميع المستويات بضمان المزيد من الاستثمارات والوعي العام لتنفيذ سياسات أكثر إنسانية وفعالية لمكافحة المخدرات». وبالتالي، فإن وضع حد للوصم والتمييز اللذين يواجههما الأشخاص الذين يتعاطون المخدرات أمر حيوي لإحراز تقدم ملموس.
ومن خلال تعزيز فهم أكثر دقة وشمولية للمخدرات وتعاطيها بين عامة الناس - بما في ذلك المتخصصون في مجال الرعاية الصحية - يمكن لحملات التوعية أن تقطع شوطًا طويلاً نحو تحقيق هذا الهدف. فيجب أن تعترف مثل هذه الحملات بالأبعاد الاجتماعية والثقافية والتاريخية وحتى الدينية لتعاطي المخدرات. وتم توثيق استخدام «النباتات المقدسة» (والمواد التي تعدل حالات الوعي) لعدة قرون كعلاج للأمراض والممارسات الروحية.
علاوة على ذلك، تشير مجموعة متزايدة من الأبحاث إلى أن بعض المواد ذات التأثير النفسي قادرة على علاج اضطرابات الصحة العقلية. بعيدًا عن كونها مرادفة للإدمان، يمكن أن تساعد بعض أنواع تعاطي المخدرات في علاجه. غالبًا ما يكون تعاطي المخدرات بشكل عرضي ومسؤول - الذي لا يتحول أبدًا إلى إساءة استخدام - ممكنًا.
يتمثل الحل الوحيد في تبني نهج جديد يركز على إنقاذ الأرواح وتخفيف المعاناة والحفاظ على كرامة الإنسان. لا ينبغي أن تكون حقوق الإنسان لأي شخص موضع شك، سواء كان يتعاطى المخدرات أم لا.