كيفية بناء المجتمع السياسي الأوروبي
جان بيساني فيري
عندما ينظر المؤرخون إلى القمة الافتتاحية للمجتمع السياسي الأوروبي (EPC)، فقد يعتبرونها لحظة فاصلة، في ما يتعلق بمشروع التكامل الأوروبي، أو قد ينظرون إليها باعتبارها مجرد حدث هامشي. إن أوروبا في حاجة ماسة إلى بنى عمل هيكلي تؤسس لمجتمع بناء ولرؤى فكرية سياسية مستقبلية نوعية.
تهدف مبادرة المجتمع السياسي الأوروبي، التي اقترحها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في مايو، إلى العمل كمنتدى للقادة الأوروبيين «لإيجاد مساحة جديدة للتعاون السياسي والأمني»، ومناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك، مثل سياسة الطاقة والبنية التحتية. واجتمع في قمة براغ قادة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، والدول الساعية للانضمام، بما في ذلك أوكرانيا ومولدوفا.
وشمل الاجتماع أيضاً دولاً خارج الاتحاد الأوروبي، مثل إسرائيل وسويسرا وتركيا. على الرغم من تأييدها لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حضرت رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس الاجتماع.
وقد سلطت الحرب في أوكرانيا، الضوء على الحاجة إلى إعادة تشكيل علاقة الاتحاد الأوروبي بجيرانه. فقد فشلت سياسة الجوار الأوروبية - وهي إطار مصمم لتعميق العلاقات مع جيران الاتحاد الأوروبي في الشرق والجنوب - كما أن عملية التوسيع بطيئة للغاية.
إن الاتحاد الأوروبي، الذي لم يتم إصلاحه، والذي يضم 28 دولة، سيواجه حقوق النقض، والبرلمان الأوروبي المتضخم، والسلطة التنفيذية المُفككة بشكل ميؤوس منه. لكن السماح لعملية التوسيع بالتحرك بوتيرة بطيئة، وإجبار أوكرانيا ومولدوفا على الانتظار حتى تنتهي، من شأنه أن يحول التزاماً مهماً سياسياً إلى مسار من العقبات الصعبة.
يُعد اجتماع المجتمع السياسي الأوروبي، محاولة للتغلب على هذه المشكلة. تم طرح الفكرة لأول مرة من قبل رئيس الوزراء الإيطالي السابق إنريكو ليتا، وسرعان ما تبناها ماكرون، والمستشار الألماني أولاف شولتز، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين.
ومع ذلك، لا يزال المجتمع السياسي الأوروبي يفتقر إلى مهمة محددة بوضوح. يتعين على القادة الأوروبيين استخدام قمة براغ، لتحديد أهداف طموحة، ووضع جدول زمني طويل الأجل. خلاف ذلك، قد يُصبح هذا الاجتماع مجرد صورة تذكارية.
في تقرير حديث، جادلنا، بأن مبادرة المجتمع السياسي الأوروبي جيدة التصميم، يمكن أن تكون بمثابة استجابة مناسبة للتحديات الجيوسياسية للقرن الواحد والعشرين. علاوة على ذلك، يمكن للهيئة الجديدة معالجة بعض أوجه القصور الداخلية في الاتحاد الأوروبي.
وبدلاً من الاعتماد على قواعد صارمة ومحددة سلفاً، يمكن أن تكون مبادرة المجتمع السياسي الأوروبي، بمثابة جسر إلى اتحاد أوروبي أكبر، وإطار عمل لمزيد من التكامل القاري الدائم. وتحقيقاً لهذه الغاية، لا شك في أن أوروبا بحاجة، مع هذه القمة، كما غيرها، إلى الاستمرار في ابتداع منصات مثالية تجمع بين الحوار السياسي وصنع السياسات وتعزز مكانة أوروبا على الخريطة العالمية.
* زميل أقدم في مركز الأبحاث برويجل ومقره بروكسل، وزميل كبير غير مقيم في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، ويشغل كرسي «Tommaso Padoa-Schioppa» في معهد الجامعة الأوروبية