العدالة في العيش تتطلب متفرجاً غير سلبي

بيتر سـنـجـر

في مارس عام 1964، ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن 38 شاهداً رأوا أو سمعوا هجوماً وحشياً ممتداً لفترة طويلة، ومميتاً في نهاية المطاف، على امرأة تدعى كيتي جينوفيز، ولكن لم يفعل أي منهم أي شيء لمساعدتها، أو حتى استدعى الشرطة.

 

تبين في وقت لاحق أن ذلك التقرير لم يكن صحيحاً، لكن «تأثير المتفرج السلبي» حقيقي. كما أظهرت العديد من تجارب علم النفس، يكون الفرد أقل ميلاً إلى مساعدة شخص آخر إذا رأى أن أشخاصاً آخرين قادرين على المساعدة يمتنعون عن تقديمها.

في الشهر الماضي، في وضح النهار وفي شارع مزدحم في بلدة تشيفيتانوفا ماركي الإيطالية، هوجِـمَـت وقُـتِـلَـت البائعة المتجولة النيجيرية أليكا أوجورشوكو على يد رجل استخدم يديه العاريتين لقتلها. على الرغم من استدعاء الشرطة، وقيام شخص ما بتصوير الهجوم، لم يتدخل أحد. لو كنت هناك، هل كنت لتساعد أليكا؟

أياً كان ما تشعر أنك كنت لتفعل لو كنت حاضراً، فإن تأثير المتفرج حاضر في المشهد الآن بقوة أكبر كثيراً. في هذه الحالة يمكنك المساعدة في إنقاذ حياة آخرين، دون أن تعرض نفسك لأي خطر.

حَـذَّر تقرير صادر حديثاً عن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة وبرنامج الغذاء العالمي من مجاعة قد تؤثر من الآن وحتى سبتمبر على 49 مليون شخص في 46 دولة. وتشكل الحرب الأهلية أحد عوامل الخطر الرئيسية في المجاعة في هذه البلدان، لكن التقرير يشير أيضاً إلى أحداث الطقس القاسية، مثل العواصف والفيضانات والجفاف.

مع ذلك، يتجلى بوضوح اتجاه مثير للقلق: فالآن تقدم حكومات الدول الغنية مساعدات خارجية أقل. المثال الأشد وضوحاً هنا هو المملكة المتحدة، الدولة التي شقت طريقها تدريجياً، باتفاق من حزبيها الرئيسيين، نحو تحقيق هدف المساعدة الخارجية الذي حددته الأمم المتحدة بنسبة 0.7% من الدخل الوطني الإجمالي.

حققت المملكة المتحدة الهدف في عام 2013 ثم في كل عام حتى 2020. ولكن في عام 2021، انخفضت ميزانية المملكة المتحدة للمساعدات الخارجية إلى 0.5% من الدخل الوطني الإجمالي، ومن المرجح أن تظل عند هذا المستوى في عام 2022.

كما أشار مارك لوكوك، السكرتير الدائم السابق لوزارة التنمية الدولية في المملكة المتحدة، في مقابلة أجريت معه أخيراً، فإن بلده، الذي اعتاد أن يكون رائداً على مستوى العالم في جعل الفقر المدقع أولوية واضحة لبرنامج مساعداته، يركز بدرجة أقل الآن على مساعدة البلدان الأشد فقراً وضعفاً.

بوسعك أن تتجنب كونك متفرجاً سلبياً على ملايين الوفيات التي يمكن تجنبها في الأشهر المقبلة بطريقتين مهمتين.

أولاً، وفقاً لأرقام أولية صادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، في عام 2021، حققت لوكسمبورغ والنرويج والسويد وألمانيا والدنمارك فقط الهدف 0.7% من الدخل الوطني الإجمالي للمساعدات الخارجية، أو تجاوزته.

لا تزال الولايات المتحدة متخلفة بالقرب من القاع على جدول الدول المانحة، حيث تعطي 0.18% فقط من دخلها الوطني الإجمالي، في حين لم يكن أداء أستراليا أفضل كثيراً عند مستوى 0.22%.

إذا كنت تعيش في بلد غني لا يلبي الهدف 0.7%، فعليك أن تتصل بالممثلين المنتخبين وتخبرهم أنك تشعر بالخجل إزاء تقاعس بلدك عن القيام بنصيبه من العمل لخلق عالم حيث يستطيع الجميع تلبية احتياجاتهم الأساسية.

ثانياً، بعد أن تفعل ذلك، لا تجلس في سلبية منتظراً أن تفعل حكومتك الصواب. افعل ذلك بنفسك. إذا كنت غنياً بالقدر الكافي الذي يسمح لك بالذهاب إلى أحد المقاهي وطلب فنجان من القهوة هناك، فإنك بهذا ربما تنفق أكثر من ذلك الذي ينفقه واحد من كل عشرة أشخاص تقريباً على هذا الكوكب ليوم كامل.