ضرورة الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي في أفريقيا
مالادو كابا
على الرغم من المساوئ والعيوب العديدة الملحوظة، لم تتحول أفريقيا إلى منطقة كوارث كما خشي كثيرون أثناء جائحة «كورونا». تتمتع القارة ببعض المزايا الطبيعية، مثل سكانها الأكثر شباباً الأقل عُـرضة للفيروس. ونظراً للخبرة التي اكتسبتها في التعامل مع فاشيات مَـرَضية سابقة، مثل إيبولا في الفترة من 2014 إلى 2016، فقد سارعت العديد من الحكومات الأفريقية إلى التحرك، ففرضت على السكان البقاء في المنازل وأغلقت الحدود للحد من انتقال العدوى.
كان التحدي الأكبر اقتصادياً، حيث حذر العديد من المتنبئين من تسبب الجائحة في زيادة الفقر المدقع وإحداث أضرار اجتماعية واقتصادية ستدوم لفترة طويلة في العديد من البلدان. للتصدي لهذه التحديات، وتحدي التوقعات الرهيبة، يتعين على الحكومات الأفريقية أن تغتنم الفرصة غير المسبوقة التي خلقتها أزمة السنتين الأخيرتين لإصلاح القطاع العام.
أدت الجائحة إلى نشوء ممارسات كانت لتبدو مستحيلة في السابق، مثل انتشار العمل والتعلم عن بُعد على نطاق واسع، وحفزت أساليب جديدة لتسليم الرعاية الصحية وتطوير اللقاحات بسرعة غير مسبوقة. وفجأة تحولت الاحتمالات الواعدة إلى حقائق جديدة في مختلف أنحاء قارة أفريقيا. الآن، يجب أن يحدث الشيء ذاته في ما يتصل بعمليات الحوكمة.
يجب أن يكون تبسيط الحوكمة القاعدة الجديدة في أفريقيا. لقد تسببت القطاعات العامة الجامدة الفاسدة غير المستجيبة في إعاقة نمو قارتنا وتقدمها لفترة طويلة بما فيه الكفاية. وأظهرت الجائحة أن حدوث التحولات الجهازية في حكم الممكن. يتعين على البلدان الأفريقية أن تركز على جعل الخدمات العامة أكثر استجابة وشفافية واقتداراً. ويجب عليها أن تبذل المزيد من الجهد لإطلاق العنان للإمكانات الكامنة في شعوبها، فتستغل عمل النساء ومواهبهن وتُسخِّر روح ريادة الأعمال، وخاصة في القطاع غير الرسمي. كما يتعين عليها أن تستفيد من مصادر الطاقة المتجددة الوفيرة في المنطقة.
تعكس هذه الفرصة الجديدة لتحويل القطاع العام ثلاثة تطورات حديثة، أولاً: كانت البلدان الأفريقية تعمل بالفعل على تحسين أدائها الرقمي ومشاركتها في المجال الرقمي، ويبدو أن الجائحة أدت إلى تسريع هذا الاتجاه في بعض البلدان، فقد أظهر مؤشر تنمية الحكومة الإلكترونية التابع للأمم المتحدة أن متوسط درجة الحكومات الأفريقية ارتفع من 0.34 إلى 0.4 خلال الفترة من 2018 إلى 2020، وهي الفترة التي تضمنت الأشهر التسعة الأولى من الجائحة. صعدت 13 دولة أفريقية إلى مرتبة أعلى على المؤشر، وأفادت 11 دولة أخرى أنها قدمت استجابات سريعة للجائحة، مثل بوابات تبادل المعلومات ومنصات تتبع الفيروس.
يتمثل التطور الحديث الثاني في أن الجائحة جعلت القطاعين العام والخاص أكثر اعتماداً على بعضهما بعضاً من أي وقت مضى. وكان التطور الثالث أن القطاع غير الرسمي أثبت كونه أكثر قدرة على الصمود والتكيف مما توقع كثيرون.
في عموم الأمر، يتعين على القادة الأفارقة أن يعكفوا على تكوين تصور لكيفية تحويل القطاعات العامة في بلدانهم على النحو الذي يمكنها من إطلاق العنان للإمكانات الكامنة في شعوبهم. آنئذ فقط يصبح بوسع القطاع العام، الذي ظل لفترة طويلة يشكل عقبة أمام النمو والتقدم في أفريقيا، أن يبدأ في المطالبة بالاعتراف بمكانته كعامل تمكين لنهوض القارة.
* المديرة الإدارية لمجلس فاليمي، وعضو المجموعة الافتتاحية لمبادرة Amujae، وكانت أول وزيرة للاقتصاد والمالية في غينيا