أخلاقيات البحث والكائنات الحية
بيتر سينجر
في أغسطس الماضي، أعلنت دار نشر «سبرينجر نيتشر» وهي ناشر لحوالي 3000 مجلة أكاديمية، بما في ذلك مجلة «نيتشر» التي تغطي أكثر المجلات العلمية تأثيراً في العالم، عن توجيهات أخلاقية جديدة لمحرريها، تتناول التوازن بين الحرية الأكاديمية وخطر نشر بعض الأبحاث التي تضر بمجموعات معينة من البشر. وتذكر هذه التوجيهات أيضاً، وإن كان بإيجاز أكثر، الأبحاث والدراسات التي أجريت على الحيوانات.
هناك مبادئ توجيهية راسخة تحظر نشر المقالات المستندة إلى التجارب أو التجارب التي تفشل في حماية حقوق الأشخاص المعنيين بالبحوث. تتجاوز التوجيهات الجديدة هذا الأمر، مما يعني ضمناً أنه يجب على المحررين رفض البحوث التي تساهم في المعرفة، وحماية مواضيع البحث الخاصة بها بشكل صحيح، إذا كانت على سبيل المثال تساهم بشكل غير مباشر في وصم مجموعة بشرية ضعيفة.
ولذلك تضيف التوجيهات الأخلاقية المحدثة مجموعة جديدة ومعقدة من الاعتبارات إلى القرارات الصعبة بالفعل التي يتعين على محرري المجلات العلمية احترامها. تترك التوجيهات مجالاً واسعاً لتفسيرات مختلفة، إما أكثر ملاءمة للحرية الأكاديمية، أو أكثر حماية لحقوق وكرامة أفراد مجموعات معينة من البشر.
نشرت مجلة «الأفكار الخلافية»، والتي أعد محرر ومؤسس مشارك فيها، مقالات رفضت مجلات أخرى نشرها، ليس بسبب عيوب في البحث، بل لأنها تدعم وجهات نظر تتعارض مع المعتقدات السياسية أو الأخلاقية الواسعة الانتشار والراسخة. لن أتفاجأ إذا أتاحت لنا الإرشادات الأخلاقية الجديدة التي أصدرتها «سبرينجر نيتشر» المزيد من هذه المقالات.
يتمثل أحد جوانب التوجيهات التي أرحب بها دون تحفظ إلى حد ما في بيان مفاده أن «البحوث ينبغي أن تحترم أيضاً حقوق الحياة غير البشرية». كان من شأن ذلك أن يكون أكثر فائدة إذا كان مصحوباً بقائمة موجزة من الحقوق التي تتمتع بها الحياة غير البشرية. يمكنني فهم السبب وراء عدم محاولة القيام بهذه المهمة. لكن الإرشادات تتضمن، من بين قائمة الأضرار التي يجب تجنبها، «المعاناة غير الضرورية للحيوانات أو الكائنات البشرية نتيجة التجارب».
في ضوء هذه الخلفية، يجب النظر إلى مقال بعنوان «إجهاد خفيف مزمن لا يمكن التنبؤ به ينتج عنه سلوك شبيه بالاكتئاب، مع زيادة إفراز هرمون الكورتيزون في الدم، واختلال وظيفي في التمثيل الغذائي لدى قردة الرباح المراهقة»، نشر عام 2021 في مجلة «سبرينجر نيتشر» للطب النفسي الانتقالي. يصف المقال كيف عمل الباحثون على تربية القرود في مجموعات اجتماعية ضخمة للسنة الأولى من حياتها، ثم وضعها في أقفاص منعزلة لمدة 70 يوماً.
على الرغم من أن عنوان المقال يشير فقط إلى إجهاد «خفيف»، وفقاً لحسابات الباحثين، إلا أن البروتوكول التجريبي كان قاسياً بما يكفي لجعل القردة تقضي وقتاً أطول بكثير من مجموعة مراقبة فيما أسماه الباحثون «وضعية التجمع» - تعليق رؤوسها أسفل مستوى الكتف أو أسفل، ويشبكونها. وخلص الباحثون إلى أن الضغوط التي فرضوها «يمكن أن تحفز السلوكيات الشبيهة بالاكتئاب والقلق».
تكرر توجيهات الأخلاقيات في مجال البحوث الصادرة عن مجلة «سبرينجر نيتشر» التأكيد على شرط طويل الأمد وواسع الاستخدام مفاده أن يؤكد مؤلفي المخطوطات الذين يقدمون تقارير عن البحوث حول الفقاريات الحية أو اللافقاريات الأعلى أن جميع التجارب قد أجريت وفقاً للمبادئ التوجيهية ذات الصلة.
طلبت منظمة «الأشخاص من أجل المعاملة الأخلاقية للحيوانات» (PETA)، وهي منظمة أمريكية لحقوق الحيوان، من إميلي ترونيل الحاصلة على درجة الدكتوراه في علم الأعصاب من جامعة جورجيا، مراجعة هذه التجربة وتجربتين مشابهتين على القرود. وفي رسالة بعثت بها إلى رئيس تحرير مجلة «الطب النفسي الانتقالي»، كتبت قائلة: «في الأساس، تعرضت القرود للتعذيب بسبب هذه التجارب».
وقد نشرت مجلة «الطب النفسي الانتقالي» هذه الدراسة قبل التحديث الأخير لتوجيهات مجلة «سبرينجر نيتشر» في مجال أخلاقيات البحوث. لكن لم يفت الأوان بعد لسحب المقال. إذا كانت الإشارات في التوجيهات إلى حقوق الحياة غير البشرية وتجنب المعاناة غير الضرورية تعني حقاً شيئاً ما، فإن هذا ما ينبغي لمجلة «الطب النفسي الانتقالي» القيام به الآن.