الكتاب الكبير لمهمات تعلم القراءة والكتابة
الكتاب الكبير لمهمات تعلم القراءة والكتابة:
75 نشاطاً استراتيجياً متوازناً ينفذه التلاميذ (لا أنتم)
نانسي أكافان (كروان ليتراسي)
تتبع نانسي أكافان فلسفة بسيطة هي: «يحدث التعلّم عندما يقوم التلاميذ، لا المعلمون، بالعمل». تدعم نظرية المعرفة الاجتماعية الفكرة بأن بمقدور التلاميذ التعلم من مشاهدة شخص آخر ينجز مهمة ما. في جميع الأحوال، تدعم النظرية أيضاً فكرة أن التلاميذ يتعلمون أكثر عندما ينخرطون مباشرة في النشاط، وحين تكون المهمة بالصعوبة الكافية للحفاظ على اهتمامهم ورغبتهم في العمل.
هذا معبّر عنه في نموذج المسؤولية «أنا أفعل، نحن نفعل، أنت تفعل ». إنه يشجع المعلمين على التركيز المقصود على النمذجة ( modelling ) خلال مرحلة «أنا أفعل ». يلي ذلك انخراط الطلاب في أنماط مختلفة من التعاون خلال مرحلة «نحن نفعل ». ليصلوا أخيراً إلى التدريب التفاعلي خلال مرحلة «أنت تفعل ». هذه هي المقولة الأساسية لكتاب نانسي أكافان بعنوان «الكتاب الكبير لمهمات تعلم القراءة والكتابة: 75 نشاطاً استراتيجياً متوازناً ينفذه التلاميذ (لا أنتم) »، الذي يقدم أفكاراً قائمة على الأبحاث لتطوير مهارات القراءة والكتابة في المراحل الممتدة من مرحلة ما قبل التعليم الابتدائي حتى الصف الثامن. لا يقدم الكتاب خطة درس صريحة، وإنما يوفر مجموعة من الاستراتيجيات التي يستخدمها أصحاب المهارات الجيدة في القراءة والكتابة لتطوير صِلاتهم وأفكارهم.
تعرف أكافان التي تعمل أستاذاً مساعداً في قسم الأبحاث والإدارة التربوية في جامعة ولاية كاليفورنيا، فريسنو، مجال موضوعها جيداً، بالنظر إلى الخبرات السابقة التي تمتلكها في العمل الإداري بمدارس فريسنو المتوسطة، كما أن لديها خبرة 20 عاماً في العمل الميداني كمعلمة ثنائية اللغة في مدرسة ابتدائية، معلمة مصادر ثنائية اللغة ومنسقة تطوير مهني. وهو ما يؤهلها أن تكون شغوفة بتقديم تعليم رفيع المستوى للأطفال من خلال التدريس الهادف والمتميز. وقد عملت أكافان على تطوير مهارات التعليم لدى المدرسين (من المراحل الأولى إلى المرحلة الثانوية) في مواضيع مثل القراءة والكتابة، بناء المفردات وتطويرها، الكتابة، تطوير اللغة الإنجليزية، التعليم القائم على المعايير، والتوجيه والقيادة. كما أن لها مساهمات في التدريب حول التغيير الثقافي، والإصلاح المدرسي والتطوير المرتكز على العمل داخل الصف.
إلى جانب «الكتاب الكبير» لأكافان، هناك ثمانية كتب لها تتمحور حول وسائل إنتاج بيئة تعليمية مثمرة وفعالة داخل الصف، لا سيما في القدرة على التعامل الصحيح مع آليات اكتساب اللغة والحصول على نتائج لم يكن التلميذ، أو المعلم، يعدّها ممكنة.
يضم كتابها هذا ثلاثة أقسام رئيسة موزعة عبر 216 صفحة. يشمل القسم الأول: «مهام يومية للقراءة، الكتابة والتفكير » عبر 35 فصلاً، أما القسم الثاني «مهام أسبوعية للقراءة، الكتابة والتفكير » يشمل 15 فصلاً، فيما يضم القسم الثالث والأخير «مهام بين حين وآخر للقراءة، الكتابة والتفكير » ويضم 25 فصلاً.
تشكل فصول القسم الأول ال 35 ، نشاطات مصممة لبناء المهارات اللازمة التي تستخدم في كل مرة يريد التلاميذ القراءة والكتابة. إذ تساعد هذه المهام التلاميذ على بناء الصلات، تعلم القراءة والكتابة بغاية محددة، والأهم من هذا كله، تعليمهم التفكير في القراءة والكتابة. كما يركز هذا القسم على تطوير التركيز، واستخدام التفاصيل لتعزيز الاستيعاب لدى التلميذ والتعاون مع أقرانه.
في القسم التالي، تقدم الكاتبة 15 مهمة أسبوعية، أكثر تحديداً، وتستغرق المزيد من الوقت لإنجازها من قبل التلاميذ. تشمل هذه المهام استخدام المزيد من النصوص المعقدة في القراءة وإيجاد متطلبات أكثر تحديداً لتنفيذها في واجبات الكتابة. تتضمن المهارات المقدمة في هذا القسم إنشاء ملخص، تنظيم البحث، مشاركة الكتابة مع الحضور، وكتابة تقرير عن كتاب.
ويضمّ القسم الثالث المهام الأكثر تطلباً في الكتاب. تتطلب هذه المهام من التلاميذ المزيد من التفكير والبحث المعمق في تعلم المهارات القرائية. إنها تدعوهم لإنشاء صلات وارتباطات بين النصوص، واستخدام التحليل مع النظير، والتفكير بصوت عال، إضافة إلى نقد صحة النص.
يحتوي «الكتاب الكبير لمهمات تعلم القراءة والكتابة » أيضاً نماذج قابلة للتجديد وإعادة الإنتاج، إذ بدلاً من طرح الأسئلة المتعلقة مباشرة بقطعة من الكتابة، تعطي أكافان المدرسين قوائم مراجعة تشجع التلاميذ على التفكير. تتضمن هذه النماذج والأفكار الحديث عن النصوص، استراتيجيات الاستقلال، ومراجعة الفهم، والتواصل، وتحديد الفكرة الرئيسة.
تشدد الكاتبة على أنه خلال مرحلة «أنا أفعل » يتوجب على المدرسين أن يتمتعوا بالشفافية في تفكيرهم، مع الحاجة إلى التوقف للتحدث مع التلاميذ بشأن ما تم إنجازه؛ من حيث الكيفية والسبب. أما في مرحلة «نحن نفعل » فيعدّ التعاون عنصراً أساسياً. فهو ببساطة يعني أن جميع الأشخاص المنخرطين في المهمة يؤدون مساهمات مفيدة في العمل. يشمل هذا التلاميذ الذين يعملون سوية، بينما يقدم المدرس الدعم ويساعد التلاميذ على اكتشاف الأفكار والإجابة بأنفسهم.
أخيراً، تقوم مرحلة «أنت تفعل » على التدريب والممارسة. يحتاج منك المتعلمون إلى تقديم الملاحظات بشكل فوري إذا ما وقعوا في سوء الفهم، وهذا بغية منع شعورهم بالإحباط. ولتعزيز أقصى مشاركة ممكنة، ينبغي على المدرسين تقديم أكبر قدر ممكن من مشاركات التلاميذ واختياراتهم.
لدى أكافان قناعة راسخة بأن المهام الكبيرة منوطة بالتلاميذ، وليست موجهة للمدرسين والفكرة تتلخص في شعورهم بالرضا. هذه المهام تمثل نشاطات يمارس فيها التلاميذ حسّ الملكية والاختيار بأعلى درجة ممكنة. يضطلع المدرسون بعملية تسهيل عمل التلاميذ على المهام، وبالتالي عندما ينخرط التلاميذ في ذلك، يحصل هذا بأعلى مستوى ممكن.
أفضل مافي كتاب أكافان أنه يقدم خطة تعليمية مصممة لتشجيع الجهد والمشاركة المستقلة. فقد تم وضع ال 75 نشاطاً )أو مهمة( بأسلوب موجز وجذاب بالألوان الكاملة، وهذا يجعل الانتقال بين المراحل سلساً ويسيراً. ومن أفضل مميزات الكتاب أنه يوفر للمشاركين في العملية التعليمية الفرصة للتفكير في أدوارهم التي يقومون بها. مع تقديم إطار عمل واضح ل «تشغيل عقول » التلاميذ بغية مساعدتهم في درب امتلاك مهارات القراءة والكتابة.
المياه العميقة:
الغوص الحر والعلم المتمرّد وخفايا المحيط
جايمس نيستور (إيمون دولان)
يعرف الغواصون منطقة معينة تحت الماء تدعى المدخل إلى المياه العميقة، وهي ما يكشفه الكاتب والصحافي الأميركي جايمس نيستور في كتابه الذي يستهلّه بسرد حكاية عن مهمة كلفته بها مجلة لتغطية مسابقة غوص حر تجري في اليونان.
في هذه الرياضة التي تعدّ من ضمن الأخطر والأشدّ تأثيراً بين أنواع الرياضة، ينزل المتسابقون إلى عمق مئات الأمتار تحت الماء من دون خزانات أوكسجين، ليتحملوا مستويات من الضغط قادرة على سحق الرئتين، لفترة تصل إلى أربع دقائق من دون هواء. بعضهم يخرج من الماء بأنف نازف، أو فاقداً للوعي أو في حالة أسوأ من هذا. وباستثناء «القفز القاعديّ »، لا توجد رياضة ذات معدلات وفاة أعلى من الغوص الحر. لكن نيستور كان مفتوناً بها إلى درجة أنه جرب الغوص الحر بنفسه، واكتشف أن هذا اللهو المجنون قد فتح أمامه طريقةً جديدةً لاستكشاف حياة المحيط وعلاقة الناس به.
وبجانب نيستور والمحيط ذاته، فإن الشخصية الأهم في كتاب «المياه العميقة » قد تكون ظاهرة تسمى منعكس الغوص عند الثدييات، بحسب ما يقول ديفيد إبستين في صحيفة «ذا نيويورك تايمز ». في المياه العميقة، يعيد الجسم البشري الدم تلقائياً من الأطراف إلى الأعضاء الحيوية، وهو ما يتيح للغواصين النجاة تحت الضغط الهائل. يجب على الغواص الحر أن يصقل آلية المنعكس، إلا أن نيستور يصورها كرابطة تطورية لماضي جنسنا البشري المائي، ثم يتعقب الباحثين الذين يمارسون الغوص الحر بغية الوصول لدراسة أفضل وأدق للدلافين، أسماك القرش والحيتان. لا بد أن يكون لديك شيء من فضول نيستور حتى تبحث عن معرفة ما يخبرنا إياه العلم حول كلّ مستوى من مستويات المحيط. في نقطة ما، يشير إلى رحلة هائلة في غواصة لعمق 2500 قدم، لكن ما يسيطر على فضوله بحق هو تلك النقطة الواقعة في منطقة غامضة تحت 28700 قدم. ومع المضيّ أعمق وأبعد في المغامرة، تتكشّف أجزاء وكائنات غريبة وغير متوقعة. لسوء الحظ، كما تقول كارن لونغ في «ذا لوس أنجلوس تايمز »، فإن نيستور «لم يمتلك تلك الجديّة اللازمة في عالم العلم ». فهو يتأثر بسهولة بما يمر به رفاقه في الغوص الحر، كما أنه يخلط المادة العلمية التي تحتاج الصرامة والدقة بالمادة الصحفية التي تكون في بعض الأحيان سهلة وسطحية، ما يؤدي لخلط قد يؤثر في المعلومات التي سيتلقاها القارئ. لكن بشكل عام، لا يدّعي كتاب «المياه العميقة » أنه يقدم مادة لا تقبل الشك. بل إنه دعوة للغوص في عالم يضطلع العلم بإخبارنا عن خفاياه.
لذيذ المذاق:
الفن والعلم فيما نأكل
جون ماكوايد (سكريبنر)
في ثقافة اليوم المهووسة بالطعام، يبدو شحّ المعلومات الجمعيّة للعالم حول تذوق الطعام أمراً غريباً وغير مقبول. لكن لطالما استرعى التذوق الانتباه والاهتمام، كما يكشف جون ماكوايد في كتابه في محاولة منه لاستيضاح الأسباب وإطلاع القارئ بشكل أوسع على جوانب جديدة من الموضوع. عدَّ الإغريق تذوق الطعام أمراً مبتذلاً وفظاً. كما عدّه الفيلسوف إيمانويل كانط أمراً وثيق الارتباط بالذاتية. لكن في العقود الأخيرة فقط، مع قدرة الباحثين على تحديد الجينات والمستقبلات المرتبطة بالتذوق، بدأ علم النكهة والتذوق بالارتقاء للوصول إلى ما وصلت إليه حواس السمع، اللمس، والبصر والشم. ربما لا يقدّم ماكوايد، المراسل السابق الحائز جوائز في صحيفة «ذا تايمز بيكايون »، كتابه باللمسة الشخصية والذاتية كما كان ينبغي عليه فعله. ومع ذلك، يقدم كتاب «لذيذ المذاق » رحلة مثيرة في عالم «مليء بالاكتشافات».
يبدو أنه كان لكانط إشارة مهمة، كما تقول باربرا سبيندل من موقع «بارنز آند نوبل ». فكل عملية تذوق يقوم بها الشخص تتأثر بالتجربة الشخصية والثقافة وحتى بالجينات. وفي هذا يكتب ماكوايد إن «التنوع في الحمض النووي البشري هو واحد من الأسباب التي تكمن وراء أنه، مثل نتف الثلج، لا وجود لنكهتين متماثلتين».
يقرّب كتاب «لذيذ المذاق » المفهوم العلمي ويجعله مسلياً، عبر إظهار كيف تطور حسّ التذوق وحجم أدمغتنا بسرعة بعد أن بدأ الإنسان في استخدام النار لطهي الطعام قبل مليون سنة تقريباً. ومع الهجرات التي قام بها أسلافنا، تكيفت حواسهم الذوقية للمكونات المحلية، ما أعطى مجموعات إثنية مختلفة خواصّ وتفضيلات ذوقية متباينة. يخبرنا ماكوايد أن الاستعداد الجيني لاحتمال المرارة في الطعم موجود عند نصف سكان الهند، لكنه أقل بكثير في الصين وبين الأمريكيين الأصليين. وفي أجزاء عدة من العالم، فإن المرارة تعني احتمال السمّيّة، وقد أظهر الناس نفوراً حاداً تجاهها. عند الانتقال لموضوع الحلويات في الكتاب، يعرض الكاتب إحصاءات مقلقة، بحسب قول أليكس هيرد في صحيفة «سانتا في نيو مكسيكان ». فهو يذكرنا بأن السكر نادر إلى حد ما في الطبيعة لكن الانفجار السكاني في مناطق زراعة السكر رفع الاستهلاك العالمي بنسبة %46 في العقود الثلاثة الأخيرة، مسبباً السمنة المفرطة والكثير من المشكلات الصحية الأخرى. وفي معظم أجزاء الكتاب، يبدو موقف ماكوايد فضولياً ومشاركاً في الاستكشاف أكثر منه إرشادياً وتعليمياً. وبمصطلحات المطبخ، يقدّم الكتاب قراءة حلوة ولذيذة.