حجر الأساس
يعيش العالم حتى الآن مخاض الخروج من أزمة جائحة كوفيد 19 ، بجميع تبعاتها الاقتصادية والاجتماعية، فضلاً عن الصحية. إلا أن التعليم يقع على رأس الأولويات التي ينبغي على المشرعين والدول أن توليه كل العناية والاهتمام. فمع تطلع العالم ومناداة الهيئات الدولية بانضواء جميع الناس تحت سقف بناءٍ تعليمي شامل ومتكامل يستوعب أطفال العالم قاطبة، دون تمييز، لم يزل ملايين الأطفال محرومين من نيل حقهم في التعليم.
للولوج إلى عالم أكثر صحة وأماناً وتطوراً لا بد من إيلاء التعليم الأهمية القصوى على قائمة أجندات الدول، وإن مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، ومن خلال تسليط الضوء في هذا العدد على التعليم في قمة المعرفة، لتضع أمام القراء بجميع فئاتهم سجلاً حافلاً بالإنجاز والتوصيات المتعلقة بالتعليم، وهذا ما أسفر عن نتائج غاية في الأهمية في هذا المحور الذي يلخص مستقبل العالم وتنضوي تحت مظلته كل التطورات والابتكارات التي تضمن سعادة أبنائه.
لم يغب التعليم أبداً عن قمة المعرفة في جميع نسخها، بل كان الحاضر الأبرز والأهم في كل دورة تعقد، ومن خلال التركيز على هذا الجانب من جوانب قمة المعرفة في هذا العدد نرى حجم الجهود التي تبذلها دولة الإمارات العربية المتحدة في خدمة أبناء العالم. ومن خلال هذا العدد، فإننا نسلط الضوء على جملة من التوصيات والنصائح التي أدلى بها نخبة من الخبراء والمسؤولين التعليميين العالميين، المعنيين بشؤون التعليم وتطويره، فمن التجربتين الأسترالية واليابانية، إلى جلسات الابتكار في التعليم، وكيفية الوصول إلى الفئات المحرومة في المناطق النائية ومناطق النزاع المسلح، حيث ركَّزت جلسات القمة المنعقدة على ضرورة تنحية الأطفال عن كل صراع، والمطالبة بإلزامية تطبيق المعاهدات الدولية التي تنص على حق كل البشر في التعليم والوصول إلى مصادره دون أي تقييد.
كما يركز العدد على إبراز محاور مؤشر المعرفة العالمي، إذ يمثل التعليم بشكل عام والتعليم العالي والبحث العلمي على وجه الخصوص واحداً من الأسس التي ترتكز عليها المعرفة الحديثة التي من شأنها أن تنتج للعالم علماء مبدعين تناط بهم عوامل الازدهار والتطوير. كما تبرز أهمية المؤشر في كونه واحداً من المراجع الرئيسة لانطلاق المجتمعات نحو اقتصاد المعرفة، فضلاً عن كونه ركيزة أساسية للإنتاجية والتنافسية الاقتصادية.
وتزامناً مع عام الاستعداد للخمسين، الذي خصص لعقد اللقاءات وطرح الأفكار والرؤى للانطلاق بدولة الإمارات العربية المتحدة نحو المستقبل، يحتل مستقبل التعليم مرتكزاً أساسياً على أجندة تلك المشروعات والعصوف الذهنية لتوليد أفكار إبداعية ترتقي بالتعليم أكثر وأكثر، وتأخذ على عاتقها أن تبقى دولة الإمارات رأس الحربة في قيادة المبادرات التي تسهم في خدمة العملية التعليمية، وتؤسس لمنهج عالمي يجعل من التعليم حجر الأساس في البناء والتشييد والإعمار، كي نحتفل بالمئوية المباركة لتأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة ونحن في القمة كما عودتنا قيادة هذه الأرض الطيبة.