Dubai Digital Authority - هيئة دبي الرقمية

Contrast

Use toggle below to switch the contrast

Contrast

Read Speaker

Listen to the content of the page by clicking play on Listen

screen reader button

Text Size

Use the buttons below to increase or decrease the text size

A-
A
A+

التعليم المحور الأبرز في قمم المعرفة

من أهم ما نادت به الأمم المتحدة في إعلانات حقوق الإنسان والمرتكز الرئيس للتنمية

يبرز التعليم وتحدياته على أجندة قمة المعرفة في كل دورة من دوراتها، ولا غرابة في ذلك أبداً، فالتعليم هو المعرفة، والقمة أسست على إبراز المعرفة ونشرها وتعميمها، وما التعليم إلا واحد من أهم ما نادت به الأمم المتحدة في إعلانات حقوق الإنسان، وهو المرتكز الرئيس الذي تُبنى عليه النهضة والحضارة والتطور. لقد كان التعليم ذا نصيب أوفر في كافة قمم المعرفة المنعقدة في دبي دون استثناء، فهو الحاضر بقوة على منصات القمة وعلى أجندة برامجها. وقد كانت قمم المعرفة في كافة دوراتها السابقة رائدة في استضافة أهم المتحدثين الذين أثروا القمة بتجاربهم وتوصياتهم في كافة مناحي التعليم، ولا سيما في التوجه نحو الفئات الأقل حظاً والتي حرمت من التعليم بسبب الظروف الاجتماعية أو السياسية، وخاصة في البلاد التي تعاني الحروب والنزاعات.

ففي قمة المعرفة 2015 ، جاءت جلسة «الابتكار في التعليم.. نظرة مستقبلية » مبنية على مقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله: «إن الحفاظ على الريادة وإدامة النمو والازدهار يتطلبان الانتقال إلى عصر اقتصاد المعرفة، في أقرب وقت ممكن »، وإن ذلك يتطلب أن نعرف معنى الابتكار في التعليم، ودوره في تكوين أجيال مبتكِرة.

مستقبل التعليم في الإمارات

وفي بيان واضح حول علاقة الابتكار بالتعليم، أوضح معالي حسين الحمادي أن الابتكار في التعليم هو وضع حلول جديدة وطرحها لمشكلات قائمة، أو لوجود احتياجات تعليمية جديدة تُناسب احتياجات سوق العمل، وأن دولة الإمارات تتميز بوجود قادة لهم نظرة ثاقبة للغد؛ حيث وضعوا رؤية واضحة للوصول إلى العام 2021 ، ومحورها الأساسي الارتقاء بالتعليم ومخرجاته، كما أنه تم تخصيص العام 2015 عاماً للابتكار في التعليم، وأن هذه الخطط من شأنها وضع ورسم مستقبل مشرق للإمارات عن طريق الارتقاء بالعملية والمنظومة التعليمية كاملةً.

اهتمت الإمارات بالارتقاء
بمعايير التعليم فيها وجعْله
مواكب للمعايير العالمية

عصف ذهني

من الأفكار الخلاقة التي عرضت في قمة المعرفة، وفي معرض حديث الوزير الحمادي عن مواجهة التحديات التي تقف أمام التعليم، جلسات العصف الذهني التي عقدتها وزارة التربية والتعليم كثيراً، والتي شارك بها مسؤولو التعليم العالي والعام والصناعي، للبحث عن حلول وأفكار جديدة لمواجهة هذه المشكلات القائمة، وقد أفرزت هذه الجلسات حلولاً ابتكارية عدة، لمعالجة ذلك، خاصةً أن الدولة حاليّاً تتحول من اقتصاد النفط إلى اقتصاد يعتمد على المعرفة كأحد مقوماته. كما أن الوزارة تعمل مسوحات دائمة لسوق العمل الإماراتي، لإبداء ملاحظاتها وتوجيهها للمسؤولين عن التعليم العام والعالي والحكومي، للأخذ بها ومعرفة أنسب الحلول لمواجهة المشكلات المرصودة.

نظام جديد

وقد أشار الحمادي إلى الملاحظات التي عملوا على متابعتها ودراستها، والتي أفرزت عدم ملاءمة تقسيم الثانوية العامة لمنهجين علمي وأدبي، وأن ذلك لا يتناسب مع توجُّه الحكومة نحو الاقتصاد المعرفي وتعزيزه، وأننا بالوزارة بدأنا إدخال بعض المناهج العلمية والرياضيات قبل هذه المرحلة؛ بحيث يمكن تأهيل الطلبة وتجهيزهم جيداً للمرحلة الجامعية.

معايير التعليم

اهتمت الإمارات بالارتقاء بمعايير التعليم فيها وجعْله مواكباً للمعايير العالمية؛ حيث يكون الطالب مؤهلاً لمواصلة دراسته دون صعوبة في الجامعات العالمية، بفضل هذه المعايير المشتركة، وفي سبيل ذلك تم تعرُّف معايير كثير من البلدان، مثل أمريكا وفرنسا وكوريا الجنوبية، وتم التأكد من أن الطلبة الإماراتيين يحصلون على نفس المقومات التعليمية التي اعتمدتها تلك البلدان، وربما أفضل منها.

عند تطبيق تجارِب تعليمية
جديدة يجب ألا يتم تعميق
مباشر على مرحلة واحدة

مراحل تنفيذ

وفيما يتعلق بمرحلة التنفيذ، أضاءت جلسة القمة إلى أنه عند تطبيق تجارِب تعليمية جديدة يجب ألا يتم تعميق مباشر على مرحلة واحدة، بل يجب اعتماد المرحلية في تنفيذ تلك الخطط والأهداف لضمان تحقيقها بنجاح، ثم يتم التوسع فيها تدريجيّاً لضمان شمولية التطبيق على نحو جيد ومفيد لجميع عناصر العملية التعليمية.

دعم الأشقاء

ولم يغب الأشقاء، كما هي عادة الإمارات ومسؤوليها، عن هذه الجلسة، حيث أشاء معالي الحمادي إلى مد الإمارات يد المساعدة لكل الأشقاء ممن يرغبون بالاستفادة من التجربة الإماراتية في مجال التعليم، ومن النتائج الإيجابية لها، خاصةً أنه من المهم وجود منهج موحد للعالم العربي، للاستفادة من النتائج المشتركة، وأن ذلك سيكون منصة للتواصل بين الدول العربية، بما يعود بالنفع على الجميع.

صعوبات بيروقراطية

وفي مداخلته ضمن هذه الجلسة، ذكر معالي إلياس بوصعب أنه من الضروري جداً إزالة العوائق البيروقراطية في سبيل الوصول إلى تعليم راقٍ ومتطور، حيث أشار إلى أنه عمل منذ توليه منصب الوزارة على تنفيذ بعض البرامج الجديدة، مثل «المنهج التفاعلي » الذي يُعتمد عليه في كسر الحواجز بين الطلبة والمعلمين، عن طريق تعزيز التفاعل بينهم، بعيداً عن طرق التصحيح والتقويم المتبعة حاليّاً، والتي تهدر وقتاً كبيراً، ولا تعطي النتائج المرجوَّة. كما أن هذا المنهج الجديد يجعل الطلبة في تماسٍّ مباشر بما يقدَّم لهم من معلومات أثناء الحصة التعليمية؛ ما يجعل المعلمين على دراية بمستويات الطلاب لديهم على نحو مباشر، ويستطيعون بذلك توجيههم، والعمل على تطوير نواقصهم، وتعزيز ما يتميزون به.

الإبداع أساس التطوير

كما أفاد بو صعب بأن الإبداع هو أساس تطوير أي عملية تعليمية؛ ولذلك يجب تعليم الطلاب وحثهم على إبراز قدراتهم، واستغلالها، وهذا لن يتأتى بغير تعزيز البرامج التفاعلية في التعليم، كما أن هناك خطة نعمل عليها باستغلال قدرات وإمكانات المدارس المتميزة التي تمتلك كثيراً منها، لمساعدة المدارس الأخرى التي لا تمتلك تلك المقومات، للنهوض بها وتحويلها نحو الأفضل، خاصةً فيما يتعلق بالإمكانات التكنولوجية الحديثة.

عوائق الابتكار

الدكتور لحسن الداودي حذر من الاستهلاك غير المبرر للوسائل التكنولوجية الحديثة التي تبعدنا شيئاً فشيئاً عن تلقي العلوم بطريقة صحيحة، وأن ازدواج الشخصية عند الشباب العربي قد يكون عائقاً أمام استيعاب العلوم الجديدة والابتكار فيها.

تجربة براون

والحديث عن التعليم لا يمكن أن يكون غائباً عن رئيس الوزراء البريطاني الأسبق جوردون براون، فهو رائد المطالبين بتعليم الفتيات والمحرومين من هذا الحق. وبما أن مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة عالمية التوجه، كان لا بد من استضافة رئيس وزراء المملكة المتحدة الأسبق للحديث عن تجربته المهمة في هذا المجال. حيث أشاد بالتجربة الإماراتية في القضاء على الأمية خلال فترة زمنية وجيزة، وتحقيق نسبة تعليم بلغت الآن ما يقرب من %82 في هذه البلاد. كما أوضح أن دولة الإمارات باتت مركزاً للتعليم وعاصمة للابتكار في العالم.

الثروة البشرية

وأوضح براون أن الثروة الحقيقية لمستقبل هذه البلاد في قدرات الأفراد باعتبارهم ثروة بشرية تخدم عملية التنمية، وهو ما تحاول الإمارات عمله بالفعل عن طريق الاستفادة من هذه الثروة البشرية وتوظيفها على أكمل وجه والاستثمار في مواهب وقدرات وطاقات الشباب الإبداعية والخلاقة، ولا سيما في مجال التعليم. وأنه لا بد من الاستفادة من بعض خبرات وتجارِب الدول الأخرى حول العالم في مضمار التعليم وإصلاح قطاع التعليم وتحفيز روح الإبداع والابتكار لدى جيل الشباب؛ فمن شأن هذا أن يُعلي من مكانة دولة الإمارات ويعزز نجاحها ويرسخ ريادتها كمركز للابتكار وعاصمة عالمية للمعرفة تتبوأ الصدارة في العالم.

الإمارات تمد يد المساعدة
لكل من يرغب بالاستفادة من
تجربتها في مجال التعليم

مؤشر التعليم

المتأمل في جلسات قمة المعرفة يجد فيها زخماً لا يوصف من الأفكار والنتائج، وقد كان للتعليم نصيب أوفى من هذه الجلسات، فقد أوضحت جلسة « مؤشرات التعليم في المنطقة العربية » أن الدراسات الدولية حول مؤشرات التعليم تركز على التحصيل العلمي في مواد الرياضيات والعلوم؛ لكونها من المواد التي تُعوِّل عليها المجتمعات للنهوض بكثير من مخططاتها المستقبلية، كما اهتمت «اليونسكو » بالمؤشرات الكمية لأي مجتمع فيما يتعلق بالمعرفة والتعليم. لكن بشكل عام، فإن هناك فقراً في المعطيات والمعلومات التي تساعد على فهم الواقع المعرفي للمجتمعات العربية. وقد جاء مؤشر التعليم العربي ليركز على 3 مؤشرات وركائز رئيسة تشمل الجانب الفكري والمنهجي وتراعي خصوصيات المنطقة العربية.

أما فيما يتعلق برأس المال المعرفي، فإنه مجموع المهارات الأساسية للمواد التعليمية، إضافة إلى مهارات التعلم مدى الحياة التي لا ترتبط بمؤسسات التعليم، وتعليم الطلبة خارج هذه الأسوار، وهناك ركيزة ثانية تهتم بالبيئات التمكينية التي لها علاقة بالطفل والأسرة، وأخذنا في الاعتبار مؤشرات خاصة بالمدرسة والمدرسين والفرص التعليمية والأدوات التمكينية، كما أخذنا أيضاً اعتبارات الأسرة اقتصاديّاً ومستواها التعليمي، التي هي أساس تهيئة الطلبة للتعامل مع المراحل التعليمية المختلفة، ويوجد أيضاً السياق التنموي العام، وإنه لا توجد مؤسسة تعليمية بمعزل عن المُناخ العام الموجود في أي دولة، وهذا المُناخ العام له نقاط تتمثل في مدى توافر الموارد المخصصة للتعليم، فضلاً عن المناخ السياسي وجودة الحياة التي نعيش فيها، فضلاً عن البُعد الاجتماعي المتعلق بالإنصاف والعدالة في التعليم - وهل تتوافر للمدارس فرص تأهيلية متساوية.

التجربة الأسترالية

استضافت قمة المعرفة في دورتها للعام 2016 واحداً من أبرز المطورين أيضاً للسلك التعليمي على مستوى العالم، وهو توني آبوت، رئيس الوزراء الأسترالي الأسبق، حيث أشار إلى تجربته في التدريس في عدد كبير من المدارس الأسترالية، التي عززت من جهوده من أجل النهوض بالتعليم والعمل على تحسينه وتطويره، في وقت كانت أوضاع المدارس فيه مأساوية، حيث واجه المعلمون بها كثيراً من المشكلات، ولم تكن هنالك برامج مطوَّرة للتدريس لدى هؤلاء؛ فصارت العملية التعليمية في حالة من الفوضى. كما كانت المشكلة الرئيسة تتمثل في كيفية تحفيز الطلاب وتشجيعهم على التعليم واستيعاب المقررات والمناهج الدراسية، وكان ذلك كله في عام 2009 . وأوضح آبوت أنه أمضى نحو عشرة أيام يتفقد أحوال المدارس في بعض المناطق هناك؛ حيث كانت أكثر من فوضوية. ورغم هذا كله، بدأت الأوضاع في التغير جذريّاً تماماً، وذلك بفضل الجهود التي بذلها بعض الأصدقاء المخلصين والمعاهد المعنية بالتعليم. واستمرت الجهود حتى استثمرت الحكومة حوالي 24 مليون دولار فيما يُسمَّى برامج تحسين المدارس النائية والمساعدة على منح عشرات من هذه المدارس برامج التعليم المباشر الفعالة التي تلبي احتياجات ومهارات التلاميذ، بما في ذلك القدرة على العد والحساب والقراءة والكتابة والتفكير، والآن هذه البرامج صارت مطبقة حاليّاً في جميع المدارس والمناهج الدراسية كافة.

مستقبل القراءة

ولما كانت القراءة مفتاح العلوم، فهي حاضرة بقوة في كل محفل يبرز فيه التعليم، فهي القوة المتمكنة التي تعد مؤشراً للنهضة التعليمية في المجتمعات، ومن هنا كان مؤشر المعرفة العربي في قمة المعرفة متبوعاً في العام التالي بمؤشر القراءة العربي، الذي أماط اللثام عن المحاور الواقعية البعيدة عن الإفراط والتفريط، ليظهر الواقع الحقيقي بمرتكزات أممية واقعية ولها مصداقيتها وشفافيتها.

تم إنجاز مؤشر القراءة العربي بالارتكاز على مسح شارك فيه 160 ألف مشارك تم استبعاد 12 ألفاً منهم لعدم ثبات مستوى الصدق فأصبح المشاركون 148 ألفاً. وقد سعى الاستبيان للإجابة عن الأسئلة الآتية: هل يقرأ العرب؟ كم يقرؤون؟ ماذا يقرؤون؟ هل هي كتب أجنبية؟ هل هي كتب مرتبطة بالعمل أم خارج العمل والدراسة؟ هل يقرؤون كتباً ورقية أم إلكترونية؟ ما السمات الشخصية للأفراد واتجاهاتهم في القراءة؟ وهل يوجد دافع للقراءة؟ هل الأسرة والمجتمع والمدرسة تشجع على القراءة؟

تكنولوجيا التعليم

وبما أن التكنولوجيا الحديثة أضحت حاضرة بقوة في كافة مجالات الحياة، كان لا بد من عقد جلسة خاصة بها في المجال التعليمي، حيث كانت جلسة « تكنولوجيا التعليم.. والمستقبل » لتقارن بين التعليم التقليدي والمبتكر، ودور الابتكار في التعليم والإيجابيات والسلبيات للتعليم الإلكتروني، والتعليم في ظل الظروف القاهرة. ولعل هذه الجلسة التي عقدت في العام 2016 لأكبر دليل على حجم التطلعات الاستشرافية التي تتمتع بها منتديات ورؤى مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، حيث إن التعليم الإلكتروني وعن بُعد كان منذ تلك الفترة حاضراً وبقوة على منصات نقاشاتها، وتحدث فيه كبار الخبراء العالميين في هذا الشأن.

الإبداع أساس تطوير العملية
التعليمية ولذا يجب حث
الطلاب على إبراز قدراتهم
واستغلالها

حيث أوضح معالي حسين الحمادي، وزير التعليم الإماراتي أن التعليم الإلكتروني والابتكار في التعليم أصبحا شيئاً مهمّاً وضرورياً في الوقت الحالي، ولا يوجد بديل آخر عن مواكبة التكنولوجيا والتطورات التي تحصل في العالم، وإذا لم ندمجها بطريقة إيجابية وفعالة في التعليم؛ فإننا لن نتمكن من اللحاق بقطار التطوير والابتكار في العالم، فالتعليم والتكنولوجيا وجهان لعملة واحدة؛ فالتكنولوجيا يجب دمجها بطريقة إيجابية وتكاملية في التعليم لتساعد على تنمية مهارات وقدرات التلاميذ.

موت التعليم التقليدي

أما طلال أبو غزالة، فقد كان مشاركاً بخبراته الطويلة والعميقة في هذا المجال، حيث أوضح أننا أمام ثورة وليس مجرد تغيير أو تطوير تقليدي كالذي مرت به البشرية. ولعل استشهاد أبو غزالة بقول رئيس جامعة هارفارد لورانس سومرز: هنالك انهيار سيقضي على المؤسسات التعليمية. وقول جون هانسي: هنالك تسونامي سيمسح الجامعات والمدارس التقليدية، لعله أكبر تنبؤ على ما يحدث الآن أمام جائحة كورونا وإلجائها الدول والمؤسسات التعليمية على ممارسة التعليم الإلكتروني عن بُعد واقعاً معيشاً لا بد منه. ومن هنا صدق قول توماس فريدمان، كما أوضح ذلك أبو غزالة في جلسته، نحن نرى وفاة الجامعات والمدارس، سواء رضينا بهذا الكلام أم لا.

100 عام.. لم تتغير

إلياس أبو صعب، خلال تلك الجلسة الشيقة، أكد أنه دون التكنولوجيا لن نستطيع فعل شيء على الأرض لتطوير المنهج أو أي قطاع تربية في أي بلد في العصر الذي نعيش فيه. وتعجب أبو صعب من شكل المدرسة والصف الذي لم يتغير منذ 100 سنة، مع أن التكنولوجيا تطورت وتغيرت تتغير بشكل مستمر. وهذا الموضوع يحتاج إلى مزيد من الجهد؛ لأن إبقاء حالة المدرسة على ما هي عليه وبالشكل الذي كانت عليه لا يتواكب مع العصر الذي نعيش فيه. لا يمكن وضع 30 تلميذاً في صف واحد، وأن نعاملهم جميعاً بنمط واحد أو أسلوب واحد، والمعلم تقع عليه المسؤولية في التعاطي والتعامل مع جميع الطلاب وفق منهج محدد، وهذا المنهج يسري على الجميع ليتعلم منه التلاميذ.

مستقبل التعليم

توني واغنر، وهو خبير مقيم في مختبر الابتكار في جامعة هارفارد، أفاد بأننا عندما نتحدث عن التكنولوجيا ومستقبل التعليم، فإنه يجب علينا في البداية أن نفهم السياق العام المتغير للتعليم والأهداف العامة المتغيرة لمنظومة التعليم ككل؛ إذ إن المدارس التي أنشأناها منذ ما يقرب من قرن من الزمان من أجل حل مشكلة الأمية والجهل بين الناس لم تعد ملائمة الآن أو الحل الأمثل في المجتمع الرقمي العالمي والمعرفي الآن.

الثروة الحقيقية لمستقبل
البلاد في قدرات الأفراد
باعتبارهم ثروة بشرية تخدم
عملية التنمية

وفي فكرة بالغة الأهمية يبين واغنر أن المدارس، رغم أنها أدت ولا تزال تؤدي دورها في تعليم وتخريج أعداد غفيرة من الطلاب، إلا أنها لم تعد ملائمة لمواكبة متغيرات وتطورات العصر التكنولوجي الحالي وعصر المعرفة الرقمي، وأننا حين نتحدث عن الابتكار فعلينا أن نعلم أن هناك نوعين من الابتكار: الأول هو الذي يتعلق بكل ما من شأنه أن يوفر ويخلق فرصاً جديدة في حياة البشر من قبيل الاختراعات الجديدة والعمليات التقنية والمشروعات الجديدة وهكذا.

كما يوضح أن هنالك نوعاً ثانياً من الابتكار؛ وهو ذلك الذي يتعلق بخلق وإيجاد طرق مبتكرة وجديدة تماماً لحل المشكلات لدينا في مجالات عدة مثل التعليم والرعاية الصحة والرفاهة والجوانب الاجتماعية وغيرها. صحيح أننا مولودون ولدينا هذه القدرة على التفكير والابتكار بحكم الفطرة، ولكن يظل السؤال هو: ما الذي يمكننا أن نفعله بطريقة مختلفة لجعل الشباب أكثر قدرة على الابتكار الخلاق في مجتمعاتهم؟ أو بعبارة أخرى: لكي يصبحوا أشخاصاً قادرين على إيجاد الحلول الملائمة للمشكلات؟

أفكار لا بد منها وفي إجاباته عن هذه الإشكالات ركز واغنر على بعض النقاط أو الأفكار:

● إن التحدي الحقيقي الذي يواجه التعليم في العصر الحاضر لا يتمثل فقط في محاولة تحسين نظام التعليم لدينا الذي هو أشبه ما يكون إلى خط التجميع للمنتجات في المصانع، فمن غير وجود خط للتجميع في نظام التعليم يمكن به إيجاد المخرجات التعليمية الجيدة؛ سوف تصبح العملية التعليمية بلا جدوى ما دُمنا لا نضيف قيماً جديدة إلى خط التجميع هذا.

● وفي إطار اقتصاد المعرفة، ينطبق الشيء نفسه على هذا المجال؛ فهو لن يصبح مفيداً دون قيم جديدة وأفكار مبتكرة؛ فكل من نفعله هو إضافة مقررات ومناهج ومعلومات سرعان ما تتبخر من عقول الطلاب فور الانتهاء من الدراسة أو فور أداء الاختبارات في منتصف العام الدراسي وفي نهايته.

● بناءً على هذا، فإن التحدي الفعلي يتمثَّل في الحاجة إلى إعادة تخيُّل أو ضرورة وضع تصوُّر جديد للتعليم في عصر الابتكار، تماماً وكما نعد تصوًرا جديداً للتعليم في عصر الثورة الصناعية الذي نعيشه الآن.

● لا بد من التفكير في النتائج أو المخرجات الفعلية من العملية التعليمية؛ ذلك أن المحتوى المعرفي في إطار النظام التعليمي يظل من الأمور المهمة بطبيعة الحال، وما من أحد يمكنه أن يجادل في ذلك.

● إن المهارات والقدرات لدى الطلالب تعدُّ أيضاً ذات أولوية، وربما كانت هي الأكثر أهمية. وعند هذه النقطة المتعلقة بالمهارات، أشار إلى أربع مهارات مهمة للغاية، هي: التفكير الانتقادي والتحليلي الإيجابي، المشاركة والتعاون، مهارات التواصل، وأهم من هذا كله مهارات حل المشكلات. والمهم بالنسبة إلى المهارة الأخيرة هو أن يكون الطالب قادراً على تحديد المشكلة قبل أن يكون قادراً على حلها، مع ضرورة الاستيعاب لكل وجهات النظر والأفكار المختلفة المطروحة؛ لأن هذه النقطة بالغة.

التجربة اليابانية

كاتسوهيسا ساجيساكا، مدير قسم الشؤون الدولية في وزارة التعليم باليابان استهل حديثه بتقديم عرض يوضح الجهود التي بذلتها الوزارة من أجل تسهيل وابتكار طريقة للقراءة لدى الناس في اليابان، وهي الطريقة التي راعت فيها معرفة بعض النسب المئوية المرتبطة بهذا الموضوع من قبيل نسبة الذين يقرؤون الصحف والمجلات وهي 70 %، وهي نسبة كبيرة بالمقارنة مع النسب العالمية. كما أوضح أن الأمر المهم هنا أن النظام الجديد الذي ابتكرته الوزارة للقراءة والكتابة يتميز بأنه مرن وسهل الاستخدام والفهم، ويساعد مستخدميه كثيراً على تعلُّم مهارات القراءة والكتابة في مدة زمنية قصيرة، كما يتميز بتنوُّعه من حيث إنه يتضمن مهارات الحساب والعلوم، كما أنه يتميز بتسهيل استخدام اللغة فيما بين المستخدمين، وتيسير عملية التواصل معهم. ومن وحي التجربة اليابانية الناجحة، نذكر هنا بعض التوجهات الناجحة التي اعتمدتها اليابان في نهجها لتطوير طرق التدريس.

● تبسيط طريقة الكتابة من أهم المزايا في هذا النظام المبتكر.

● ضرورة مراجعة هذه المناهج مرة كل عشر سنوات، وأيضاً أن يكون الهدف منها هو تحفيز الطلاب على التعليم والتفكير والتحليل وغرس حب الحياة في نفوسهم.

● تتسم هذه المناهج بتعزيز الأنشطة اللغوية في العلوم والرياضيات.

● وفيما يتعلق بمادة اللغة اليابانية، حرصت الوزارة على تنمية القدرة لدى الطلاب على التفكير المنطقي ومهارة التواصل مع الآخرين.

● التأكيد على إتاحة الوقت الكافي لدى الطلاب لتدوين الملاحظات وإجراء التجارب اللازمة وإعداد تقرير عن ذلك، خاصة فيما يتعلق بمادتي الرياضيات والعلوم.

● تطوير دور المكتبات المدرسية أمر بالغ الأهمية في إطار منظومة التعليم الشاملة في اليابان؛ حيث يتم تعيين معلمين للمكتبات في كل مدرسة بها فصول دراسية لا تقل عن 12 فصلاً حيث يقوم هؤلاء بالتخطيط وكيفية استفادة الطلاب من هذه المكتبات والعمل على تحفيزهم على القراءة.