مؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي يبرزان الواقع الجديد لتطوير المهارات
1800 شخص حضروا الجلسة النقاشية وشارك عدد كبير منهم بآرائهم وأفكارهم
عقدت مؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي جلسة حوارية بعنوان "تطوير المهارات: نحو واقع جديد"، تحدَّث خلالها جيف ماجيونكالدا، الرئيس التنفيذي لشركة كورسيرا، وأدارتها عزيزة عثمان، أخصائية التنمية البشرية ومؤسِّسة شركة مونتيبلي. وقد حظيت الجلسة بإقبال لافت من المتابعين الذين بلغ عددهم نحو 1800 شخص، وشارك عدد كبير منهم بآرائهم وأفكارهم حول الرؤى التطويرية ودور المهارات الحديثة في سوق العمل.
سلَّطت الجلسة الضوء على أثر جائحة كورونا في تطوير منصات التدريب الرقمية التي أضحت علامة فارقة في تطوير الكوادر البشرية والمهارات الوظيفية، كما أنها خلقت وظائف جديدة لم تكن قبل الجائحة. وتعرَّضت عزيزة عثمان، في معرض حديثها للفرص الهائلة التي سيجتذبها إكسبو دبي 2020، الحدث الأبرز الذي ينتظره العالم، والموقع الريادي لدولة الإمارات التي تحظى بإقبال لافت وكبير على تطوير المهارات من قِبَل سكانها، حيث كانت الأولى على مستوى الشرق الأوسط في الإقبال على دورات تطوير المهارات عبر المنصات الحديثة. كما أشارت عثمان إلى أهمية المهارات والتمكُّن من الأدوات الحديثة في اكتسابها، ولا سيما في عصر جديد مليء بالتحوُّلات التي أفرزتها جائحة كوفيد 19.
دور مهم
وأكَّد جيف ماجيونكالدا خلال الجلسة أنَّ المنصات الإلكترونية أسدت إلى الجهات الخاصة والحكومية خدمات جليلة خلال جائحة كوفيد 19، من خلال الإسهام في استمرارية عجلة العمل، كما أنها دعمت التعليم العالي والعام من خلال استخدامها في تقديم تعليم عالي المستوى، وكانت سبباً في استمرارية التعليم، وإن انقطع الطلاب عن مقاعد الدراسة الرسمية في المدارس والجامعات.
وأضاف ماجيونكالدا أنَّ الجائحة أسفرت عن مستويات عالية من الطوارئ في الساحة التعليمية وغيرها من القطاعات، وهذا أدى إلى أهمية التركيز على المهارات التي يمكن أن تعزِّز من خبرات المواطنين بأساليب جديدة للعمل. فخلال تفشي الجائحة لم نكن قادرين على الذهاب لأماكن العمل، وهذا ما أدّى إلى طرح فكرة تعزيز المهارات من المنازل، وهذا لم يكن سابقاً بهذا الحجم الذي أفرز بدائل ضرورية عن التدريب التقليدي.
وعن التحوُّل الجذري الذي رافق الأزمة الوبائية العالمية، قال جيف ماجيونكالدا: أدرك كثير من الشركات أنَّ النموذج الرقمي له أهمية كبرى في خدمة العملاء بمستوى أكبر من الخدمات التقليدية التي تقدم عادة، فقد تسارعت وتيرة التحوُّل الرقمي في الأعمال، على مستوى المؤسَّسات أو الأفراد. فالوظائف التي تؤدّى عن بُعد لديها من المرونة التي تؤدي إلى زيادة فرص الأشخاص المنخرطين في هذا المجال، وهناك الآن إعادة ضبط للمهارات بشكل كبير للغاية؛ لأنَّ هذه الفرص المبنية على المهارات لها مردود مادي أكبر وفوائد جمة، عدا عن توفيرها الكثير من الوقت الذي يمكن استثماره في إنجاز أكبر مع توفير في الموارد والانبعاثات الضارة.
تفوّق إماراتي
وأوضح جيف ماجيونكالدا أنَّ دولة الإمارات العربية المتحدة تحظى بحصة الأسد من أعداد المقبلين على الدورات والساعين إلى تعزيز مهاراتهم العملية من خلال تلك المنصات الحديثة، حيث إنَّ هناك نحو 4.5 ملايين متعلِّم مسجّل على دورات كوريسيرا في منطقة الشرق الأوسط، منهم أكثر من 400 ألف في دولة الإمارات العربية المتحدة. مؤكداً أنَّ نسبة النساء ازدادت بشكل لافت، ولا سيما الدورات التخصصية في العلوم والرياضيات والمهارات المرتبطة بها، حيث تكاد تكون نسبة المنتسبات إليها أكثر من 30%، وفي الإمارات تصل نسبة العنصر النسائي إلى 50%.
وأكَّد الرئيس التنفيذي لشركة كورسيرا أن على الشركات أن تعيد النظر في العمل عن بُعد، فقد بدأ الناس والموظفون يتلاءمون مع منصات العمل الرقمية، ويوازنون بين العمل والأسرة، حتى في العمل من المنزل.
أفضل المهارات
وضمن إجابته عن سؤال مديرة الجلسة حول أكثر المهارات التي ترغب فيها الشركات، أوضح جيف أنَّ المهارات المبنية على البيانات والتكنولوجيا هي المهارات الأكثر طلباً في سوق العمل حالياً، إذ تلعب التكنولوجيا دوراً رائداً في كافة مناحي الحياة الإنسانية، وهذا يعني أنَّ الناس بحاجة إلى تعلُّم مهارات جديدة تواكب التطور والتسارع الهائل. وهنا يوكّد ماجيونكالدا ضرورة أن يواكب الأفراد المعارف الحديثة المتعلقة بإدارة الناس والموظفين، وأن يتقنوا التعامل مع البرمجيات الحديثة التي تسهِّل على الناس حياتهم وتعاملاتهم، وذلك لأنَّ الكفاءة في استخدام البيانات والحوسبة السحابية تفيدنا في حياتنا العملية الحديثة، وهذا يأخذنا إلى ضرورة أخرى تتبع ذلك ولا تقل أهمية عن إتقان التعامل مع البرمجيات الحديثة، ألا وهي القدرة على حماية البيانات التي نعمل على تخزينها والتعامل معها.
وأوضح جيف ماجيونكالدا أنَّ المهارات الأساسية التي يقبل الناس عليها الآن تتمثَّل في: علوم البيانات والتكنولوجيا والأعمال، وأنَّ قطاع الرعاية الصحية ينمو بشكل هائل للغاية، وخاصة في زمن الجائحة. وفي قطاع الأعمال يحتل التسويق والتسويق الرقمي مرتبة مهمة على قائمة المهارات التي عليها طلب كبير من أصحاب الأعمال، ولها أثر كبير في توفير وظائف جديدة يجني من خلالها الموظف دخلاً أكبر.
جودة الحياة
وحول علم جودة الحياة، أفاد جيف أنه يحتل مرتبة أولى في الدورات التي يقبل الناس عليها، وهي تعطي أصحابها أسساً مهمة للتعامل مع التحديات للبقاء ضمن مستويات السعادة التي تعزِّز من الرفاهية. كما أنَّ هناك إقبالاً لافتاً على دورة "تعلَّم كيف تتعلَّم" التي تعطي المهارات والاستراتيجيات اللازمة للطلاب، وتؤدي إلى إنجاز مستويات عالية في الدراسة بوقت أقل من خلال معرفة كيفية عمل الدماغ، ومواطن القوة فيه.
واختتم جيف ماجيونكالدا حديثه بتأكيده أنَّ هناك إدراكاً عاماً أنه حتى بعد انتهاء الجائحة لن يتطلَّب العمل أن يحضر الموظف إلى العمل، وازدادت القناعة بأهمية استثمار أصحاب الخبرات والمهارات من أي مكان في العالم، دون الحاجة إلى انتقالهم إلى البلاد التي يعملون فيها. كما سيكون هناك فرص جديدة ستخلقها التكنولوجيات الحديثة والدورات التي تعمل على تطوير مهارات الناس، وهذا سيكون ثورة كبيرة في عالم التوظيف والموارد البشرية.
حول مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة
تعدُّ مؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة إحدى الجهات الملحقة بهيئة دبي للثقافة والفنون "دبي للثقافة"، وتهدف إلى تقوية الأجيال المستقبلية وتمكينها من ابتكار حلول مستدامة؛ لتيسير عملية المعرفة والبحث في العالم العربي، كما تتعهد بتأسيس مجتمعات قائمة على المعرفة، من خلال تمويل المشروعات البحثية والأنشطة والمبادرات. فهي تدعم الأفكار والابتكار، وفي نفس الوقت تهتم بركائزها الأساسية التي تتمثَّل في التعليم وريادة الأعمال والبحث والتطوير. كما أنها تسعى لتطوير القدرات المعرفية والبشرية في العالم العربي من خلال التركيز على ثلاثة قطاعات استراتيجية هي المعرفة والتعليم وريادة الأعمال، وتعمل على تنمية الموارد البشرية في المنطقة من خلال خلق قاعدة عريضة من الخبرات البشرية التي تتمتَّع بمعارف ومواهب واسعة، وتوفير المزيد من الفرص للأجيال الشابة للحصول على المعرفة وضمان مستقبل أفضل، وتشجيع المهارات القيادية في أوساط الجيل الشاب لتحسين مستوى ونوعية حياتهم. إضافة إلى رعاية الجوائز المحلية والعالمية في مجالات الثقافة والأدب والمعرفة والعلوم.