للمرة الثانية على التوالي، أتناول في هذه النشرة موضوع اللغة العربية، وذلك لما له من أهمية قصوى في الحفاظ على هويتنا الثقافية والحضارية. فاللغة العربية ليست مجرد وسيلة للتواصل، بل هي جسرٌ نُقلت من خلاله العلوم والفنون والفلسفة إلى العالم، حيث حفظت المعارف الإنسانية لثمانية قرون متتالية، ما يجعلها لغة معرفة تستحق التقدير والاعتزاز.

ورغم أن العربية هي لغة يتحدث بها أكثر من مليار شخص، إلا أن المحتوى العربي في الفضاء الرقمي لا يزال بحاجة إلى مزيد من الدعم والعمل المشترك بين الجهات المتخصصة لزيادة الإنتاج المعرفي باللغة العربية عبر الإنترنت، بما يُكرس حضورها في عالم يشهد تحولاً رقمياً متسارعاً.

لكننا في الوقت ذاته نواجه تحدياً ثقافياً آخر يتمثل في تفضيل الأهالي تعليم أطفالهم اللغة الإنجليزية منذ الصغر على حساب اللغة الأم، ومع أن تعلم اللغات الأخرى أمر مهم للغاية، إلا أنه يجب العمل بشكل جدي على غرس حب اللغة العربية في نفوس أطفالنا وتعزيز انتمائهم لها، فهي ليست مجرد أداة للتواصل، بل رمزٌ لهويتنا ووجودنا وقيمنا الحضارية.

ورغم التحديات، فلا خوف على العربية، فهي محفوظة بحفظ الله الذي اختارها لتكون لغة القرآن الكريم، وتكمن مسؤوليتنا في الحفاظ على مكانتها، والعمل بجد لنقلها للأجيال القادمة كهوية ومعرفة، وكنز ثقافي يتخطى حدود الزمن.